رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الإمارات ملتزمة بموجب الاتفاقية لكل قطري أقام على أراضيها حق الرجوع لمحاكمها الوطنية
القضاء الإماراتي مشترك بصورة مباشرة مع حكومته بسلاسل من الجرائم لا حصر لها
ما قدمه فريق الادعاء القطري مرجعية مستقبلية بأرشيف المحكمة تكشف أفعال أبوظبي الشائنة
أتطلع لضم ملف قناة العربية بسبب انتهاكاتها المتكررة ضد قطر
فريق الادعاء القطري كشف للمجتمع الدولي وجه الإمارات الحقيقي
انتهاكات الإمارات ستبقى ماثلة للعالم كلما حاولت الادعاء بأنها دولة السعادة
توصف المحاماة بمهنة القضاء الواقف، كون المحامي شريك القاضي بالقرار ، وتمييزا عن قاضى المنصة الجالس. بدأت جلسات محكمة العدل الدولية بنظر شكوى قطر ضد الإمارات راسمة ملامح القضية من خلال فريق دفاع متمكن ولافت للنظر حيث يفهم من أدائه لأول وهلة أنه متمرن جيد على الوقوف أمام المحاكم الدولية، وأنه تلقى تدريبا عمليا جعل منه كفئا لهذه المهمة الشاقة.
دفوع قطر التي وردت بجلسة الاستماع الأولى والتي تم تأسيسها على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتي تم اعتمادها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2106 ألف (د — 20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965 ودخلت حيز النفاذ بتاريخ: 4 كانون الثاني/يناير 1969 كانت جد موفقة، حيث أوردت الانتهاكات الخطيرة التي قامت ولا تزال ترتكبها الإمارات حتى اليوم بحق قطر. علما بان الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ليست الوحيدة في هذا المضمار، واختيار فريق الدفاع لها لا يجبره على ضم اتفاقات أخرى بصورة احتياطية للدعوى لاحقا.
ما دفعت به قطر اليوم -أمس، وأورده فريق الادعاء أمام محكمة العدل الدولية يتم تسجيله بأرشيف المحكمة حيث يمثل مرجعية مستقبلية تكشف أفعال الإمارات الشائنة وارتكابها لعدد كبير من الانتهاكات ما يكشف زيف ادعائها بأنها دولة متحضرة وهو الأساس الزائف الذي سوقته عبر شركات علاقات عامة معظمها فاسدة وعبر توني بلير المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا حصر لها.
تميزت الدفوع التي تقدمت بها قطر لمحكمة العدل الدولية بالوضوح وعدم الالتباس كاشفة للمجتمع الدولي وجه الإمارات الحقيقي وتشكل هذه الدفوع أهمية خاصة كون سردها أمام هذا المحفل الدولي الهام فضلا عن بقائها بأرشيف محكمة العدل الدولية سيمثل تأريخا لأجيال لاحقة بالمستقبل البعيد لكنه سيمثل بالمستقبل القريب عصا تضرب الإمارات كلما أرادت أن تسوق زورا وبهتانا أنها دولة متحضرة أو أنها دولة السعادة، وهو الأساس الزائف الذي طالما خدعت به العديد من أركان المجتمع الدولي، حتى أن رعاياها يدخلون دول الاتحاد الأوروبي دون تأشيرة، لكنها بعد اليوم سيستحيل عليها تمرير هكذا اتفاقات والحصول على هكذا امتيازات، بل ما حصلت عليه بطرق ملتوية يمكن سحبه منها وبإمكان الدبلوماسية القطرية تفعيل محاضر جلسات اليوم- امس لهذا الغرض، وستكون بذلك قد قدمت خدمة جليلة للشعب القطري وأيضا للمجتمع الدولي الذي سيبدأ يتمحص كل ما يتعلق بالإمارات بعد وقوفها أمام محكمة العدل الدولية حاملة على أكتافها وزر ما ارتكبت.
أساس شكوى قطر
تشكل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أساس الشكوى التي تقدمت بها قطر ضد الإمارات وهذه الاتفاقية من محاور التنظيم الدولي الهامة لما أوردته من نصوص صارمة للوقوف بوجه كافة أشكال التمييز العنصري وهو ما ارتكبته الامارات ولازالت ترتكبه حتى يومنا هذا، إذ تنص المادة الثالثة من هذه الاتفاقية على: ’’تشجب الدول الأطراف بصفة خاصة العزل العنصري والفصل العنصري، وتتعهد بمنع وحظر واستئصال كل الممارسات المماثلة في الأقاليم الخاضعة لولايتها’’، وهو عين ما قامت به الإمارات تجاه رعايا قطر خاصة بتشتيت شمل الأسر وحرمان الطلبة من إنهاء دراستهم خلافا لإبعاد الشركات القطرية تعسفيا.
لكن يبقى بوجهة نظري أهم بنود هذه الاتفاقية بهذه الشكوى وتداولها أمام محكمة العدل الدولية هو المادة السادسة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تنص على: ’’ تكفل الدول الأطراف لكل إنسان داخل في ولايتها حق الرجوع إلى المحاكم الوطنية وغيرها من مؤسسات الدولة المختصة لحمايته ورفع الحيف عنه على نحو فعال بصدد أي عمل من أعمال التمييز العنصري يكون انتهاكا لما له من حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويتنافى مع هذه الاتفاقية، وكذلك حق الرجوع إلى المحاكم المذكورة التماسا لتعويض عادل مناسب أو ترضية عادلة مناسبة عن أي ضرر لحقه كنتيجة لهذا التمييز ’’، فتداول محكمة العدل الدولية لشكوى قطر يسلط الضوء على الجهاز الإمارات ودوره بلعبة الزيف التي تسوقها الإمارات، حيث تستخدمه الإمارات سياسيا وتجلى ذلك بعدم السماح لرعايا قطر وشركاتها الذهاب للقضاء لرفع الظلم الذي أوقعته حكومة الإمارات عليهم وهو أحد أهم الحقوق التي كفلها القانون الدولي ويتجلى بوضوح بهذه الاتفاقية فضلا عن العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الأخرى.
تدويل قضايا أخرى
من شأن تعرية النظام القضائي في الإمارات الكشف عن جانب اخر من السوء تخفيه الإمارات وكذلك ستفتح شكوى قطر لمحكمة العدل الدولية الباب لتدويل قضايا أخرى، إما اشتراك القضاء فيها مع الحكومة وأوقع الظلم على أناس تم النصب عليهم بمسمى الاستثمار في دبي واعدادهم بالالاف، حيث أصدر أحكاما معيبة تنتصر بطريقة ظالمة لحكومتي دبي وأبوظبي اللتين مارستا الاحتيال على الالاف وباعوا لهم الوهم ثم أخذوا أموالهم ولم يعيدوها لهم، وإما بطريق إغلاق باب القضاء بوجه من وقع عليه ظلم بين ، وبالحالتين فإن القضاء الإماراتي مشترك بصورة مباشرة مع حكومة الإمارات بسلاسل من الجرائم لا حصر لها، التي حين يتم تدويلها ستشكل ضربة قاصمة لظهر الزيف الذي تروجه الإمارات عن نفسها بالمجتمع الدولي.
كذلك فإن شكوى قطر ستسلط الضوء على أحد أذرع الفساد التي تستخدمها الإمارات ألا وهو إعلامها الذي يشكل بحد ذاته انتهاكات خطيرة، فقد نصت المادة السابعة من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على: تتعهد الدول الأطراف بأن تتخذ تدابير فورية وفعالة، لا سيما في ميادين التعليم والتربية والثقافة والإعلام بغية مكافحة النعرات المؤدية إلى التمييز العنصري وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة بين الأمم والجماعات العرقية أو الاثنية الأخرى، وكذلك لنشر مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وهذه الاتفاقية.
حيث ستشكل المادة السابعة من الاتفاقية محور ارتكاز لكشف زيف الإمارات دوليا عن طريق إعلام كاذب لطالما وقف وروج وسوق مجرمين ضد الإنسانية بل ومليشيات ارتكبت وترتكب أفظع الجرائم بحق الإنسانية ومطلوبة للجنائية الدولية، كما هو الحال مع مليشيات خليفة حفتر غير المعترف بها دوليا والمطلوب قادتها للجنائية الدولية.
يرى العالم اليوم عبر محكمة العدل الدولية ما ارتكبته وترتكبه الإمارات بحق شعوب العالم عامة والشعوب العربية خاصة من جرائم وسيكون فضح زيف إعلامها خطوة هامة بطريق كسر سمها الذي تنفثه بكل مكان تصل يدها إليه
وأهيب بالسادة الزملاء محامي ّ فريق الادعاء القطري، بضم سحب السلطات البريطانية ترخيص قناة العربية التي مقرها الإمارات بسبب انتهاكاتها المتكررة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
786
| 10 ديسمبر 2025