رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الأقربون أولى بالمعروف.. أو هكذا هي العبارة المشهورة عند العامة، وإن ظن البعض أنها جزء من حديث نبوي، وهي غير ذلك، لكن معنى العبارة صحيح. وليس موضوعنا اليوم البحث عن أصل العبارة، بقدر التوقف عند موضوع الأقربين، المتعارف بين الناس شيوع التآلف والتعاون بينهم.
لكن ماذا لو فقد الأقربون تلك المزايا، وصار بعضهم والعقارب سواء، كما تقول العامة؟
سؤال نحاول أن ندندن بعض الشيء حوله.
إن فتحت مسألة الأقربين، فلابد من التطرق إلى أمثلة من التاريخ بارزة، تتكرر في كل زمان ومكان، وكيف وصل بعضهم إلى درجة من السوء بحيث يبدأ بفعل الحسد وينتهي بما هو أشنع وهو الحقد، فلا تكاد تجد تفسيراً منطقياً لها.
كان قابيل أبرز الأمثلة منذ بدء الخليقة، والذي سن سنّة سيئة سيتحمل وزرها ووزر من عمل بها من بعده، لا ينقص من أوزارهم شيئاً، كما جاء في الحديث الشريف، فإن الإقدام على جريمة مثل القتل، لم يكن يدور بخلد أي أحد حينذاك وهم قلة يومئذ. فالمتعارف عليه حال القلة أن يكون التعاضد والتآزر هما الأصل في العلاقة بين تلك القلة من الناس.
لكن قابيل خالف كل تلك المفاهيم، فكان العقرب الأول في تاريخ البشرية. العقرب الذي لم يجد عدواً يلدغه سوى أقرب المقربين إليه، أخيه هابيل. حيث بدأ بحسد أخيه إلى أن فاض الكيل به ويصل إلى الحقد عليه، فيدفعه دفعاً لجريمة قتل في وسط عائلي، يعرف بعضه بعضا. لتستمر هذه الجريمة بعد ذلك إلى يوم الناس هذا، وإلى ما شاء الله لها أن تستمر، وليكسب في الوقت ذاته قابيل، إثم كل قاتل إلى يوم الدين.
نموذج آخر هو عم النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – المُكَنى بأبي لهب، وكان من أكثر المحبين لأخيه عبدالله الذبيح، والد نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا ما رزقه الله بولد وحيد هو نبينا الكريم ويتوفى بعدها، يُظهر أبولهب محبته لابن أخيه بعتق جاريته التي زفت إليه خبر الولادة. ثم بعد سنوات يختار اثنتين من بناته - صلى الله عليه وسلم – لأولاده. رقية لعتبة، وأم كلثوم لعتيبة، رغم أنهما كانا على الشرك فيما كانت رقية وأم كلثوم مسلمتين، حيث لم تكن آية تحريم تزويج المسلمات للمشركين قد نزلت بعد. لكن ما إن انتشر خبر الدعوة والرسالة، حتى انقلبت قريش على الصادق الأمين، وكان من ضمن المنقلبين معهم أبو لهب الهاشمي، الذي كان أول من جاهر بعداوته له - صلى الله عليه وسلم - في خطوة غير مفهومة ولا مقبولة عند العرب حينذاك. انقلب هذا العم، المفترض فيه أن يكون كبقية إخوانه مع ابن أخيهم، يدافعون عنه حين بدأت قريش تؤذيه، ولو من باب العصبية القبلية كعادة العرب في الجاهلية.
لم يفعل ذلك، بل خالف توجهات بني هاشم واصطف مع كبار مجرمي قريش أمثال أبي جهل وعقبة وأمية، حسداً من عند نفسه على ما تفضل الله به على نبيه بالرسالة دون سائر بني هاشم. ليتطور ذلك الحسد إلى حقد ظهر على شكل عداوة، تزداد يوماً بعد آخر، حتى التهبت وصارت ناراً معنوية تأكله هو وزوجته حمالة الحطب، ولم تردعهما السورة التي نزلت وفيها وعيد شديد لهما، إلى أن هلكا وختم كل منهما حياته بشقاء أبدي في نار ذات لهب. لم ينتفع أبو لهب بعلاقة القرابة مع خير البشر كما إخوته، سيد الشهداء حمزة، وجعفر الطيار، والعباس وعقيل وغيرهم. فلا هو أغدق خيراته على ابن أخيه ودينه مثل أولئكم العظماء، ولا كف شره وناصره كأضعف الإيمان مثل أخيه أبي طالب، لكنه أبى إلا أن يكون عقرباً لئيماً عنيداً حسوداً حقوداً، أنهى حياته بنهاية لن تسره لا في قبره ولا آخرته.
لماذا حقد الأقربين؟
قد نتساءل عن سبب مثل تلك العداوات والأحقاد بين الأقارب. والإجابة قد لا تحتاج كثير تحليل، فإن أشد أمراض القلوب وهو الحسد، ما إن يبدأ يسيطر على القلب واللب، فإنه يحوّل صاحب ذلك القلب واللب من حاسد سلبي، إلى حاسد إيجابي حقود، لا يرى مكانة ولا يأبه لمشاعر أو أحاسيس تجاه أقرب الناس إليه. الأخ قد يقتل أخاه والعم يعادي ابن أخيه، بل ويساهم في مشاريع اغتياله والتخلص منه، وغيرهما من أمثلة قد تزيد في السوء أو تقل !
حين يتعمق داء الحسد لمال أو جاه أو زعامة أو غير ذلك من زخرف الدنيا تدريجياً، ويصل إلى درجة الحقد، فإنه يدفع بصاحبه لارتكاب حماقات كارثية، كما في الحديث (سيصيب أمتي داء الأمم، قالوا: يا نبي الله، وما داء الأمم؟ قال: الأشَرُ والبَطَرُ، والتكاثر والتشاحن في الدنيا، والتباغض، والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهَرْج). والأشر هو كفر النعمة، والبطر هو الطغيان عند النعمة.
القصتان أعلاه ما هما سوى غيض من فيض. وأكاد أجزم بأن كل واحد منا لديه قصص ربما شبيهة، وربما يجد من أهله وأقاربه وأصدقائه من هم على شاكلة قابيل أو أبي لهب. يتمنى الحاسد منهم زوال النعمة عن المحسود بادئ الأمر وبأي وسيلة، أو المساهمة بنفسه في كل ما من شأنه أن يزيل النعمة عن المحسود !
هكذا يفعل الحسد في القلوب، وهكذا يفعل في تفتيت العلاقات وتفكيك الروابط العائلية والأخوية وغيرها من روابط بين البشر. الحسد يغلف القلب بغلاف صلب يقطع صلته بالواقع، ويمنعه صناعة مشاعر الود والألفة والمحبة تجاه الآخرين ولو كانوا من الأقربين. والحسد كذلك يصنع غشاوة على الأبصار، لا يرى بسببها الحاسد أحداً أمامه يستحق الرأفة والرحمة. من أصابه هذا الداء ولم يجتهد للتخلص منه ومعالجة نفسه، فقد أعلن عن نهاية غير سعيدة له، لا في عاجلته ولا آخرته.
ليس هناك من علاج لهذا الداء أنجع وأنفع من تقوية الإيمان بالله، والتقرب منه واللجوء إليه، فإن بغير ذلك، لا أحد ينجو من قلب حاسد، ولو كان أخاً أو أختاً أو أحداً من أقرب المقربين. ولنسأل الله سلامة الصدور من تلك الأمراض المعنوية قبل العضوية، فإنها تُعمي القلوب التي في الصدور. وقد قيل قديماً بأن لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته؛ فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه، لم يضره عماه شيئا. وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه، لم ينفعه نظره شيئا..
وسلامتكم من كل شر.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
د. عـبــدالله العـمـادي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8547
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5463
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4752
| 05 أكتوبر 2025