رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أمل عبدالملك

[email protected]
@amalabdulmalik

مساحة إعلانية

مقالات

384

أمل عبدالملك

صُنع في..؟!

27 أبريل 2025 , 02:00ص

في السنوات الأخيرة، أصبحت الصين واحدة من أكبر الأسواق العالمية وأكثرها تأثيراً في توجهات المستهلكين، حيث باتت تقاريرها وتحليلاتها حول الماركات العالمية تلعب دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام حول جودة المنتجات وقيمتها الحقيقية. وقد كشفت العديد من التقارير الصادرة من مؤسسات استهلاكية ومراكز أبحاث صينية أن كثيراً من الماركات العالمية تعتمد استراتيجيات تسويق ذكية تركز على بناء صورة ذهنية قوية أكثر من تقديم منتج يتناسب فعلياً مع السعر المرتفع الذي يُطلب من المستهلكين دفعه.

أحد التأثيرات المباشرة لهذه التقارير هو زعزعة الثقة في بعض العلامات التجارية التي طالما اعتُبرت رمزاً للجودة والفخامة، على سبيل المثال، أظهرت بعض التحقيقات الصينية أن منتجات بعض الماركات تُصنّع في دول نامية بجودة مماثلة أو حتى أقل لكنها تُباع بعشرات أضعاف السعر الحقيقي فقط بسبب الشعار المطبوع عليها، هذا النوع من المعلومات بدأ يدفع كثيراً من المستهلكين، خصوصاً من الفئة الشابة، إلى إعادة النظر في أولوياتهم الشرائية.

من الناحية الاقتصادية، فإن هذا الكشف يساهم في خفض القيمة الشرائية لبعض الماركات في الأسواق، خصوصاً عندما يدرك المستهلكون أن جزءاً كبيراً من السعر الذي يدفعونه لا يُنفق على الجودة بل على الدعاية والتسويق والتغليف، وبالفعل، بدأت موجة من «الاستفاقة الاستهلاكية” تنتشر بين عموم الجمهور في الصين ودول كثيرة، إذ باتوا يميلون إلى دعم المنتجات المحلية أو البحث عن بدائل تقدم جودة عالية بسعر منطقي.

في المقابل، استغلّت بعض الماركات العالمية مكانتها الراسخة في السوق لزيادة الأسعار دون مبرر حقيقي سوى الحفاظ على هالة الفخامة التي تحيط بها، هذا السلوك يعكس استغلالاً واضحاً للزبائن، خصوصاً من فئة الشباب الذين ينجذبون إلى المظاهر ويعتبرون امتلاك المنتجات الفاخرة دليلاً على النجاح أو الرقي الاجتماعي.

وهنا تبرز الحاجة إلى التوعية، وخاصة بين الشباب من الجنسين، بأن الماركات لا تصنع الإنسان ولا تضيف إليه قيمة حقيقية، فالقيمة الحقيقية لأي شخص تكمن في أخلاقه، علمه، إبداعه، وطموحه، وليس في الحذاء الذي يرتديه أو الحقيبة التي يحملها، يجب أن نُعلّم أبناءنا أن الثقة بالنفس لا تُشترى، وأن الانبهار بالمظاهر غالباً ما يكون وهمياً ويقود إلى استهلاك مفرط لا طائل منه.

كما يمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات التعليمية لعرض تجارب حقيقية لأشخاص ناجحين لم يتكلوا على المظاهر، بل بنوا أنفسهم بالعلم والعمل، نشر ثقافة التواضع والواقعية والاستهلاك الذكي هو السبيل إلى بناء جيل أكثر وعياً واستقلالية في تفكيره وقراراته الشرائية.

 * الماركات مجرد أسماء لبضائع يمكن أن تُصنع في أي دولة وبأيدٍ عاملة رخيصة، وأن القيمة الحقيقية للإنسان شخصيته وأعماله وأفكاره وثقافته وهو من يضيف القيمة للملابس والأشياء وليس العكس!

 

مساحة إعلانية