رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تبدو المؤشرات الاقتصادية إيجابية إلى حد كبير، ومع ذلك لم يبدُ أن أحدًا من المشاركين في قمة صندوق النقد الدولي الأخيرة في واشنطن كان يشعر بالطمأنينة أو الثقة حيال آفاق الاقتصاد العالمي. فقد ساد بين الحضور شعورٌ عام بأن الأوضاع ليست طبيعية، وأن هناك شيئًا ما يوشك على الانفجار.
ولا شك في أن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي تعكس وجود فقاعة استثمارية حقيقية. ففي اللغة المتحفظة التي يستخدمها صندوق النقد الدولي، وصف التقرير الأخير الصادر عن الصندوق حول الاستقرار المالي هذه التقييمات بأنها «مبالغ فيها”. كما أشار التقرير إلى المخاطر المرتبطة بارتفاع مستويات الديون الحكومية والائتمان الخاص.
تتبنى الرؤية الإيجابية لفقاعة الذكاء الاصطناعي فكرة أن هذا الاستثمار المفرط هو سمة طبيعية وصحية تمامًا تصاحب أي طفرة تكنولوجية كبرى، إذ إن القيمة المضافة التي يحققها القلّة الذين ينجحون ويواصلون النمو تفوق بكثير الخسائر المؤقتة التي تتكبدها الشركات التي تتعرض للفشل. فمن المتوقع أن تُحدث مكاسب الإنتاجية في مختلف قطاعات الاقتصاد نتيجةً للتطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي تحولات جذرية، ومن الضروري الاستثمار في العديد من الشركات الناشئة، إذ من غير الممكن التنبؤ مسبقًا بأي منها سيُصبح شركة ضخمة.
وهذه حجة معقولة، ولكن هناك اتجاهات سواء ضمن أنماط الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، أو اتجاه موازٍ في الائتمان الخاص، تحمل إمكانية حدوث صدمات اقتصادية سلبية أوسع وأكبر.
أولاً، يبدو حجم الاستثمار المفرط غير مسبوق. فقد شهدت عشر شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي ارتفاعًا في قيمتها بنحو تريليون دولار في عام 2025، رغم أن جميعها تحقق خسائر. وبلغ حجم استثمار رأس المال المخاطر في شركات الإنترنت في بداية القرن 10.5 مليار دولار، أو 20 مليار دولار مع احتساب معدل التضخم. أما الرقم المقابل في مجال الذكاء الاصطناعي فهو 200 مليار دولار. وتُقدر قيمة شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي يبلغ حجم مبيعاتها 5 ملايين دولار بمبلغ 500 مليون دولار.
ثانيًا، هناك الطبيعة الدائرية للكثير من الاستثمارات. وتشكل الصفقات الأخيرة التي أعلنتها شركة OpenAI مثالاً على ذلك. ففي شهر سبتمبر، أعلنت الشركة، وهي إحدى الشركات العشر الخاسرة ومطورة برنامج ChatGPT عن دخولها في شراكة مع شركة أوراكل، حيث ستدفع لشركة التكنولوجيا العريقة أكثر من 300 مليار دولار لتوسيع قدرة مراكز البيانات الخاصة بها. كما أكدت شركة OpenAI عن دخولها في صفقة مع شركةAMD المتخصصة في صناعة رقائق الحاسوب لشراء وحدات معالجة رسومات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بقيمة 90 مليار دولار أمريكي، وحصلت أيضًا على ضمانات لشراء 160 مليون سهم من أسهم AMD، وهو ما يمنحها ملكية محتملة بنسبة 10%.
ولا تمتلك شركة OpenAI رأس المال أو الإيرادات المتكررة للوفاء بهذه الالتزامات، لكنها استقطبت استثمارات تصل إلى 100 مليار دولار من Nvidia، وهي شركة أخرى متخصصة في صناعة الرقائق في مجال الذكاء الاصطناعي. وستقوم شركة OpenAI بنشر 10 جيجاوات من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي باستخدام أنظمة Nvidia في إطار هذه الشراكة.
وعامل الخطر الثالث الكامن وراء حدوث هذه الفقاعة هو انكشاف المستثمرين الأفراد، مما يعني أن الانهيار قد يُخلّف آثارًا سلبية مباشرة على العموم، وقد طُرحت هذه النقطة في جلسة حضرتها في واشنطن على هامش اجتماعات مؤتمر صندوق النقد الدولي. ويميل المستثمرون غير المُحنّكين إلى التصرف بسذاجة واتباع التقلبات الدورية، مدفوعين «بالخوف من تفويت الفرصة». وبالمقارنة مع الفقاعات والانهيارات التاريخية، أصبح من السهل على المواطن العادي في أي مكان في العالم المضاربة والاستثمار في سوق الأسهم الأمريكية. ويمكن القيام بذلك بسهولة عبر التطبيقات المختلفة.
ويرتبط حجم استثمارات الأفراد بدرجة الرفع المالي Leverage في صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة ETF، التي تتسبب في تفاقم التقلبات. ويمكن أن يصل الرفع المالي إلى خمسة أضعاف، وتتمتع صناديق الاستثمار المتداولة الآن بتغطية واسعة النطاق.
رابعًا، هناك مؤشرات على وجود فقاعة مضاربة في الأصول الرقمية. وأخيرًا، هناك مخاطرة موازية ولا يمكن قياسها تظهر في الائتمان الخاص. وبالنظر إلى سلوك الناس، رأينا طوابير طويلة من الأشخاص الراغبين في شراء الذهب، وقد تجاوز سعره 4000 دولار للأونصة. وهذا لا يحدث عندما يكون هناك ثقة في النقود الورقية وسوق الأسهم والاقتصاد بشكل عام.
لماذا تكتب؟..
من أكثر الأسئلة التي توجه لي في حواراتي الثقافية، أو توجه إلى غيري من الكتاب، هو لماذا تكتب؟.... اقرأ المزيد
162
| 30 أكتوبر 2025
الإزعاج الصوتي.. تعدٍ على الهدوء والهوية
في السنوات الأخيرة، أصبحت الأغاني تصدح في كل مكان نذهب إليه تقريبًا؛ في المطاعم والمقاهي والفنادق والأندية الرياضية،... اقرأ المزيد
348
| 30 أكتوبر 2025
وجوه صامتة
• ما معنى أن يعم الهدوء كل الأرجاء والوجوه؟ وما معنى ان تصادف إنسانا يلتزم الصمت في معظم... اقرأ المزيد
219
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تويتر @Fahadbadar
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6609
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3252
| 23 أكتوبر 2025