رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

بدور المطيري

• كاتبة وصحفية كويتية

مساحة إعلانية

مقالات

249

بدور المطيري

ريادة الطابعات العملاقة تبدأ من قطر

26 أكتوبر 2025 , 02:09ص

في كل مجموعة صديقات هناك تلك التي لا تستطيع ان تمر عشر دقائق دون أن تذكرنا انها مهندسة سواء كنا نتحدث عن فيلم أو أكلة شعبية سينتهي الحديث دائما بجملة «على فكرة أنا مهندسة «.لكن يبدو أن الزمن قرر أن يرد عليها، فاليوم ظهرت آلة عملاقة تبني بشكل أسرع وأدق تطبع ما كان المهندس يرسمه على الورق.

هذا المشهد ليس في فيلم خيال علمي بل يحدث الآن في قطر، حيث تقف أكبر طابعة انشاءات ثلاثية الأبعاد في العالم لتبني مدرسة كاملة خلال ثمانية وثلاثين يوما، نعم مدارس حقيقية يدخلها الطلبة ويمشون في ممراتها وليست نماذج مصغرة للعرض،بينما يجلس المهندس خلف الشاشة يحتسي قهوته ويراقب الطابعة، فالآلة تنفذ وتبني على الأرض.

هذه القصة الحقيقية هو مشروع طموح تقوده هيئة الأشغال العامة القطرية بالتعاون مع القطاع الخاص وبدأت العمل فيه على أرض الواقع لبناء مجموعة مدارس على أن يتم التوسع لاحقا في عدة مشاريع حكومية.

التاريخ يقول بأن الابتكارات الكبرى تبدأ بفكرة جريئة واحدة، وما تفعله دولة قطر اليوم هو بالضبط تلك الجرأة لم تكتف بالحديث عن المستقبل بل باشرت في طباعته، فبينما تنشغل دول اخرى بمناقشة الجدوى والبيروقراطية، اختارت هي أن تبدأ ثورة هادئة تدخل بها للمستقبل بريادة الطابعات العملاقة،وهذا بالضبط ما يجعل هذه التجربة مميزة وملهمة.

وفي الوقت الذي ما زالت فيه دولٌ تتجادل حول التكلفة والمخاطر، قررت قطر أن تفعل ما هو أبسط وأكثر شجاعة، أن تضغط زر «ابدأ الطباعة « وهذه هي القيادة الحقيقية، أن تدخل المستقبل بالفعل لا بالنية، وأن تصنع التغيير بدل أن تنتظره.

من مميزات الطابعة أنها تخفض استهلاك المواد بنسبة 60% وتقلل الانبعاثات الكربونية وتنجز العمل بسرعة فائقة، وتقلل الجهد البدني اللازم للبناء.

ان ما يثير الاعجاب أكثر هو الامكانات الانسانية خلف تبني هذه الفكرة،بهذه التقنية اذا تبنتها الدول والمنظمات الخيرية، ستتغير قواعد العمل الانساني، تخيل ان تستخدم لطباعة منازل اللاجئين خلال أسابيع، أو لبناء مدارس في المناطق المنكوبة دون الحاجة الى جيوش من العمال،عندما تتحول التكنولوجيا من رفاهية الى رسالة أخلاقية وانسانية لأن الطابعة التي تبني اليوم في الدوحة يمكن أن تعيد اعمار العالم من جديد غدا.

حينها ستصبح المساعدات مطبوعة، وتتحول عبارة «اعادة الاعمار» من وعد سياسي الى اجراء عملي، وعندما يتم تمكين الدول النامية بهذه التقنية تتقلص فجوة الاسكان ويتحول البناء من عائق مزمن ومكلف الى قرار رقمي قابل للتنفيذ.

الطابعة العملاقة لا تغير طريقة البناء فقط بل قد تغير المهن نفسها، فربما سيأتي يوم نسمع فيه عن تخصص جامعي جديد اسمه «هندسة الطباعة الانشائية» او «فن صيانة الطابعة الخرسانية» 

مازلت مؤمنة بأن الطابعة أو اي أداة ذكاء اصطناعي لن تستبدل الانسان بل ستعيد تشكيل الواقع الجديد الى مهن جديدة وأفكار مبتكرة، وسيقف خلف الآلة والتوجيه انسان بفكر ابداعي، ولأنه قد تعاتبنا صديقتنا المهندسة على هذا المقال وتحرمنا من ألذ «مجبوس لحم» تعده، فتحية من المستقبل للمهندسات والمهندسين الذين يرسمون الحلم قبل أن يضغطوا على زر»ابدأ الطباعة».

 

مساحة إعلانية