رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كتبت يوم الأحد الماضي مقالة تحت عنوان "محاولة تغيير المسار!" وتطرقت فيها لعدد من المواضيع الهامة التي تمس الوطن والمواطن والمقيم، في أهم القطاعات التي تقدمها أهم وزارات الدولة كالصحة والتعليم والأوقاف.
وقد حاولت بقدر الإمكان أن أنقل الصورة كما هي، دون أي تدخل أو رتوش، وقد لاقى المقال ردودا طيّبة أسعدتني، إلا أن التركيز تمحور حول موضوع الأوقاف، بل وصلتني معلومات من وزارة الأوقاف نفسها، خاصة من قبل بعض القطريين والمقيمين العاملين فيها، وقد أبدوا إعجابهم بالمقالة وأن ما تم ذكره من خلالها كان يلامس مشاعرهم وأحاسيسهم، وكأنهم هم من كتبوا المقال، مع التأكيد على كثير من المواضيع التي تمنوا أن أتطرقها، ولكن لا أريد التحدث عنها الآن؛ لأنني وبكل صراحة أريد التركيز على أمر مهم وخطير في نفس الوقت!
نشرنا في ملف التحقيقات يوم الأربعاء الماضي تحقيقا بعنوان "مساجد تعاني من عيوب إنشائية وتصدعات بالأسقف والجدران" ويدور حول إهمال وزارة الأوقاف لبيوت الله، وعوضا عن أن يتم التواصل مع الشرق وأخذ المعلومات الكافية عن المسجد، ومحاولة شكر الجريدة على ما تقوم به، حدث ما هو غير متوقع؟! فقد اتصل على الصحيفة أحد الاخوة وحاول أخذ معلومات عن المسجد، وللأسف طلب رقم جوال أحد المشتكين، وأعطاه الصحفي رقم أحدهم، وحاول الاتصال عليه ولامه وعاتبه بأن تواصل مع صحيفة الشرق، ولماذا لم تتقدم بالشكوى لمركز الصيانة؟! بعدها اتصل بنا المشتكي ليشرح الموقف، ويعاتبنا عتابا شديدا وهو ما دعانا لتقديم الاعتذار له؟! والسؤال هو: هل كان من المفترض بالشخص أن يحاول منع أي مواطن أو مقيم من تقديم شكوى مشروعة فيما يراه تقصيرا كبيرا، خاصة إذا كان الأمر متعلقا ببيوت الله! أليس من المفترض أن يقوموا بمتابعة شؤون المسجد والعمل على ترميمه وإصلاحه؛ حتى يجد صاحب الشكوى اهتماما لشكواه، التي أعلنها لغيرته على مسجد يأتي إليه لأداء فريضة من الفرائض الخمس! أليس العمل على الاهتمام بمعالجة أوجه القصور، هو أبلغ رد دون كلمة واحدة، وتوضيح أن ما تم التقصير فيه تم العمل على إنهاء جميع مشاكله، من الطبيعي أن يتصلوا بنا في الشرق لزيارة المسجد بعد عمل اللازم، ومن حقهم علينا العمل على نشره، وتأكيدنا بأن التجاوب كان سريعا من جهة تحترم المواطن وتعمل على إرضائه خدمة للوطن وإتماما لم تم إنشاؤه من أجله، وأهمها بيوت الله! ولكن كان الأمر معكوسا، بل كانت تساؤلاتهم: لماذا قمتم بتكبير صورة المسجد في التحقيق؟ ولماذا كان تركيز الصور على أماكن التصدعات بالأسقف والجدران؟! هل تصدقون ذلك، أليس من الحكمة والمصداقية أن ننشر الصور التي توضح ما تم طرحه! ولو أننا نشرناه دون صورة واحدة لقالوا أين دليلكم، فالصورة كانت أكبر معبر عن الكثير من الكلام.
الأمر المضحك المبكي في وزارة الأوقاف في موضوع آخر كان يوم الأربعاء الماضي في حفل تكريمها لشركات تقوم بإخراج زكاتها السنوية من خلالها، وأوضح أن عدد الشركات التي تخرج زكاة أموالها بحسب إحصائيات 2013م بلغت نحو 103 شركات، فيما كان عددها في 2012م 57 شركة، بنسبة زيادة 100 %، وهذا أمر مفرح وجميل، ولكن المحزن أن النسبة التي بلغت 100 % كان من المفترض أن تكون حافزا للفخر والنجاح لما قاموا ويقومون به، ولكن كان العكس وكأن المتحدث يتفاخر بالأرقام والواقع عكس ذلك تماما! فقد أضاف في حفل (التكريم) أن الصندوق يعاني من فجوة كبيرة في أموال الزكاة، على الرغم من أن الصندوق حقق نسبة في زيادة الإيرادات بلغت 100 % بالمقارنة مع العام الذي قبله! وذكر أن حجم أموال الزكاة عام 2013 بلغت نحو 4 مليارات ريال!؟ فكيف تبلغ الإيرادات هذا المبلغ وتكون هناك فجوة كبيرة في الأموال! بل الأدهى والأمر أنه أوضح بأن الصندوق يدرس اقتراحا باستقطاع يوم أو يومين من راتب العاملين في المؤسسات الحكومية تطوعا لدعم خزينة الصندوق!؟ بل وأوضح أن هذا المقترح سيتم رفعه للوزارات والمؤسسات الحكومية! وبحسبة بسيطة لو تم ذلك فمجموع عدد الأيام المقطوعة للتبرع للصندوق خلال عام هو 24 يوما، أي ما يعادل راتب شهر تقريبا!؟ فسمو الأمير يدعو إلى رفاهية المواطن، ومن يتحدث عن الصندوق يريد مخالفة أن يتمتع أي مواطن براتبه وأن يترفّه به!؟ كم هو مؤلم هذا المقترح الذي يُنمّي في ذهن المتابع بأن هذا الصندوق الخاص بالزكاة تم تحويله لجمعية خيرية تستقطع من رواتب العاملين لدعمه، حتى الدول الفقيرة لم تفكر بهذا الأمر، فيأتي شخص من صندوق الزكاة ويطرح هذا المقترح في دولة غنية وصلت أعمالها الخيرية إلى مشارق الأرض ومغاربها، دون أي ضجيج أو حفل للتكريم في زكاة واجبة على كل مسلم، بل هي ركن من أركان الإسلام الخمسة!؟ كما أن أهل قطر معروف عنهم الدعم والمساهمة في الأعمال الخيرية دون أن يطلب أحد منهم ذلك، والدليل راجعوا إيرادات الجمعيات القطرية لتعرفوا مدى مساعدة القطريين لأعمال الخير والمساجد وحفر الآبار وكل عمل خيري ساهموا وشاركوا فيه، فكيف يريد أن يستقطع من رواتبهم الشهرية، وكيف يمكن تصور ذلك مع من يعمل من غير المسلمين في القطاع الحكومي!؟
أمر محزن، وللأسف من جهة حكومية نحمل الكثير من الحب والتقدير لكل ما تقوم به، ولكن للأسف كانت الفاجعة المؤلمة بأن الصندوق يعاني من فجوة مالية بل يعاني من قيود تمنعه من القيام بواجبه كما أوضح المتحدث في حفل التكريم، وكأن الوزارة تسعى لذلك، وإلا لما لا تعمل على دعمه وحل جميع القيود التي ذكرها رئيس قسم خدمات الزكاة، بل تم سؤاله عن هذه القيود فلم يشرحها!؟
والأكثر إيلاما هو محاولته التقليل من دور الجمعيات الخيرية القطرية التي أقولها بكل فخر واعتزاز، بأنها تقوم بأعمال جليلة سواء في الداخل أو الخارج، وأصبحت مضربا للمثل في جميع ما تقوم به من تبرعات عاجلة لدول شقيقة وصديقة، بل دائما ما تكون في مقدمة أكثر الأماكن عوزا وحاجة جرّاء فيضانات أو زلازل أو حروب ومجاعات، وأصبح يتردد اسمها في كل فضاء، وأنا متأكد لو حصلت على ربع الدعم الذي وجده الصندوق في الداخل لقامت بأضعاف ما يقوم به الصندوق في الداخل، ولكن عندما تعرف السبب يبطل أمر العجب، فرئيس قسم يقوم بأعمال من كان من المفترض عليه الحضور والمشاركة، ولكن عندما تكون هناك إشكالات ودعم يؤثر على السير الطبيعي للهيكل فلا ترتجي أي أمر يكون ذا منفعة! ولقراءة الموضوع الذي تم نشره يوم الخميس الماضي تحت عنوان ("الزكاة" تعتزم الطلب من الوزارات استقطاع راتب يومين من العاملين تطوعا).
وأخيرا وليس آخر، تلقيت صباح يوم الخميس الماضي اتصالا، وكان من أحد الجنسيات العربية وقال لي أنه من الأوقاف، فقلت له أهلا وسهلا، تفضل أخي العزيز، قال أريد أن أحصل على إيميلك؟ قلت له ستجده مرافقا لمقالاتي على موقع الشرق، وعندما التقيت بزملائي الصحفيين قالوا لي بأنه اتصل بهم وأنه يعمل في إحدى الصحف المحلية! وقالوا أيضا بأنهم عاتبوه كيف تعمل في صحيفة زميلة وتخدم في الوزارة وتحاول الحصول على معلومات لصحفيين بإمكان أي إعلامي الحصول عليها؟ قال لهم كنت أتعاون معهم وقد قدمت استقالتي لهم لأنني مللت من تعاملهم! لدى الوزارة كادر من الشباب القطري المؤهل لخدمة الوطن بشكل أفضل، وهم كفاءات ولكن محاولة منعهم التواصل مع الصحافة بأي شكل من الأشكال، كان حاجزا أمام تواصلهم، ولا أرى سببا لذلك سوى أمرين هما:
أولا: أن تواصلهم يكشف مدى قدرتهم على تحمّل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، وبالتالي محاولة تهميشهم ومنعهم من التواصل حتى لا يظهروا في الصورة ولا يعلم بهم أحد! لخوفهم من أن يتبوّأوا مناصب قيادية هم أهل لها.
ثانيا: أنهم غير مؤهلين والواسطة جعلتهم يجلسون مكان أشخاص أحق منهم، ولا يريدون أن ينكشف أمرهم بأنهم غير أكفاء، خاصة أن الصحافة ومن خلال نشرها لحواراتهم ومتابعة القرّاء لهم ستعمل على إظهار الحقيقة، وللأمانة أن من أعرفهم جادون في عملهم ويريدون أن يخدموا جهة عملهم كما ينبغي، لكن مخالفة أمر المسؤول تعوق ذلك! فلهم كل العذر لأن ما قدموه لي من أعذار تدعوني للوقوف بجانبهم، لأن الخلل ليس فيهم بقدر ما هو من المسؤول الذي قام بوضع شخص من إحدى الجنسيات العربية مسؤولا عن جميع أمور الصحافة والتعامل معها! فيكون عائقا أمام بروز الكوادر القطرية وتهميشها، بل يسعى للتواصل مع قنوات فضائية حتى يعلم العالم قبل أبناء الوطن بكل ما يقومون به ويكون هو صاحب اللمسات التي ترضي المسؤول!.... وآآآآآآحسراتاه
تحولت الطائرات المُسيرة بالريموت كنترول من لعبة صغيرة بريئة يلهو بها الأطفال ويستمتعون بها وهي تطير من مكان... اقرأ المزيد
159
| 07 أكتوبر 2025
من أسمى الإدراكات التي يمكن أن يبلغها امرؤ في يوم ما، أن يُدرك أن الاستغناء سيادةٌ تتجلّى حين... اقرأ المزيد
288
| 07 أكتوبر 2025
تقول مرآة السيارة: الأجسام المرئية على المرآة ليست على المسافات أو من الأبعاد الحقيقية.. كما هو الحال مع... اقرأ المزيد
150
| 07 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5277
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
3093
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
2226
| 05 أكتوبر 2025