رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد بن سلعان المري

MohammedSelaan@

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

231

محمد بن سلعان المري

المتلقي الواعي.. خط الدفاع الأول ضد زيف المؤثرين

25 أغسطس 2025 , 03:53ص

تحدثتُ في المقالة السابقة عن التربية الإعلامية وأهمية وعي المتلقي في عصرٍ تتشابك فيه الأخبار مع الترفيه وتذوب فيه الحدود بين الإعلام المهني ومنصات التواصل. واليوم، ومع موجة التفاعل المجتمعي الرقمي تجاه بعض المؤثرين وناشطي التواصل، حيث عبّر كثيرون عن استيائهم وأطلقوا حملات لإلغاء المتابعة، نقف أمام مشهدٍ يتحوّل فيه الوعيُ الإعلامي من فكرةٍ إلى سلوكٍ جماعي تتجلّى فيه مسؤولية المتلقي في ضبط الفضاء الرقمي.

وهو مشهد يقدّم مثالًا حيًّا على ما ينبغي أن تثمره التربية الإعلامية؛ إذ لا يكتمل أثرها إلا بالانتقال من الوعي النظري إلى الممارسة العملية التي تجسّد موقف المجتمع وتحدد ما يقبله وما يرفضه، لتصوغ بذلك ملامح مجتمع رقمي واعٍ يرفض أن تتحول المنصات إلى فضاء فوضوي، أو أن تُصنع فيه نجومية زائفة تُضخَّم بلا استحقاق فتؤثر في أجيال كاملة بمضامين فارغة من القيم والمسؤولية. فلطالما كشفت التجربة أن قوة المؤثرين لا تقوم على حجم المتابعين، بل على الثقة التي يمنحها لهم الجمهور بمواصلة الدعم المتمثل في المشاهدة والتفاعل والمشاركة. ومتى تراجع هذا الدعم وتقلّصت الثقة، تهاوى حضور المؤثر سريعًا، إذ يبقى وجوده الرقمي مرهونا برأي عام يملك أن يرفع أو يخفض، ويضخّم أو يهمّش، وفق ما يراه أهلًا للبقاء.

بيد أن الأشد وقعًا من صعود المؤثرين الزائفين أو أفولهم هو ما يترتب عليه من دينامية سيئة لا تفتأ تفرز شخصيات رقمية مصطنعة توحي بالنزاهة والنجاح، فيما يجد متابعوهم أنفسهم في اضطرابٍ كلما حاولوا مجاراة أنماط الحياة المفبركة على المنصات، على نحوٍ يُفضي تدريجيًا إلى انفصال ذواتهم عن واقعهم، ويجعلهم عرضةً لأزمات نفسية واجتماعية لا يمكن إغفال أثرها في الأفراد والمجتمع معًا.

وإزاء هذا النمط من الارتهان للمؤثرين وما قد يخلّفه من آثار نفسية واجتماعية، تبرز التربية الإعلامية كضرورة وقائية؛ فهي، إلى جانب كشف التضليل والخداع البصري أو السرديات الزائفة، تمنح المتلقي قدرة على التحصين النفسي حتى لا يقع في فخ المقارنات المدمرة أو الانبهار بالأقنعة الرقمية. ومن يتربى على هذا الوعي يدرك أن بريق الصور زائل، وأن الصوت الأعلى ليس بالضرورة الأصدق، وأن اختياراته وتفاعلاته تسهم في تشكيل المشهد الرقمي جنبًا إلى جنب مع ما ينتجه صانعو المحتوى.

ولعل اللافت في التفاعل الراهن ضد بعض الممارسات المسيئة أنه يكشف عن تحوّل تدريجي في سلوك الجمهور الرقمي، بالانتقال من حالة التلقي السلبي إلى مشاركة ناضجة تقوم على التعبير والفعل. فحين يقرر قطاع واسع من المتابعين إلغاء متابعة هذا المؤثر أو ذاك، فذلك رسالة واضحة بأن المنصات ليست فضاءً بلا حدود، بل مجالًا تضبطه قيم ومعايير يصوغها جمهورها بوعيه واختياراته.

لقد انتقل المتلقي من شريكٍ يساهم في إنتاج الخطاب الرقمي عبر إعجاب أو مشاركة، إلى صاحب القرار في المتابعة أو الإلغاء، وإلى مانحٍ للشرعية الرمزية لمن يضيف قيمة، ونازعٍ لها ممّن يتوسّل الزيف والبريق. وفي مشهد رقمي متسارع التحوّل، تبرز التربية الإعلامية كضرورة قصوى، لتعزيز أخلاقيات الفضاء الرقمي وحمايته من الانزلاق إلى الفوضى. وما نشهده اليوم من حملات واعية لإلغاء متابعة بعض المؤثرين، ليس إلا مؤشراً على ثقافة رقمية تتشكّل وفق قيم المجتمع الرقمي نفسه، في زمن تشكل فيه المواطنة الواعية الرأسمال الحقيقي في سياسات «اقتصاد الانتباه».

اقرأ المزيد

alsharq القيادة الإدارية في ضوء السيرة النبوية

تعددت نماذج القيادة عبر الأزمان ولكن لسنا بحاجة للرجوع إلى النماذج الغربية للقيادة، فلدينا أعظم مرجع للقيادة يحتذى... اقرأ المزيد

93

| 03 أكتوبر 2025

alsharq استشهدوا وما زالت والدتهم تنتظر قدومهم

ليس واحدا أو اثنين أو ثلاثة، بل أربعة دفعة واحدة استشهدوا مع أبناء عمومتهم والجيران، قُصف المنزل على... اقرأ المزيد

57

| 03 أكتوبر 2025

alsharq الثراء اللغوي.. عودة تحمل الإبداع والتميز

في مشهد تربوي يؤكد حضور اللغة العربية كهوية وانتماء، دشّنت مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات يوم الخميس 25 سبتمبر... اقرأ المزيد

81

| 03 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية