رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد أحمد بكري

كاتب ومؤلف
حساب X ( تويتر): @e6n

مساحة إعلانية

مقالات

495

محمد أحمد بكري

قنسرين

25 يوليو 2025 , 04:35ص

جنوب حلب، عند عتبة البادية، ترقد قنسرين (تلفظ أحيانا قِنّسرين أو قَنَّسرين) مدينة تاريخية قديمة على الضفة الشرقية لنهر قويق. ليست حلما ولا خرافة، إنها أثر حي لمدينة كانت في يوم من الأيام قلبا نابضا على خريطة الشام، ثم صارت أطلالا تتنفس تحت التراب.

قنسرين، التي يعني اسمها في بعض الأقوال «قلعة النسور»، كانت محطة مهمة في طريق القوافل ومركزا حيويا يجمع بين دمشق والموصل وبين البحر والبادية ويصل بين الغزاة والتجار وبين السيوف والمخطوطات.

زحف الفتح الإسلامي شمالا بعد اليرموك وصولا إلى بوابة المدينة، وكان ذلك في السنة السادسة عشرة للهجرة، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، حين دخلها المسلمون لم تحرق ولم تهدم، بل طويت تحت راية جديدة وبدأت صفحة أخرى من تاريخها.

لم يكن الفتح عابرا، سرعان ما تحولت قنسرين إلى عاصمة لجند كامل حمل اسمها. ومن قلبها كان يدار الشمال السوري زمن الدولة الأموية. مدينة لا تخضع وتدار بحكمة وتسير منها الحملات وترسم الخطط.

لكن التاريخ لا يجامل، فكما يرتفع ينكسر. قنسرين خنقها الغبار وأتعبها الطاعون وأهلكتها الحروب التي لم تبق فيها حياة ولا سلطان. هجرتها السلطة ثم هجرتها الذاكرة الشعبية.

ورغم الغياب، لم تمت. تحت تلالها اليوم تنبض بقايا أبنية وأسوار ونقوش وطرقات مطمورة، تنبئ بأن الحياة هنا لم تكن عابرة.

كتب عنها ياقوت الحموي وذكرتها كتب الطبري والبلاذري. وصفها من مر بها بأنها بوابة حضارة ومرآة لما كانت عليه بلاد الشام من تعدد ورقي. جمعت بين الخط الكوفي والمحراب البيزنطي وبين السراج والنسر وبين الحجر والمعنى.

واليوم، ترقد قنسرين صامتة تحت التراب، مهجورة فوق تل أثري واسع يدعى «تل الحاضر»، لا عمران فيها ولا سكان، لا ترى منها سوى بقايا جدران وأحجار قديمة تغطيها الأعشاب وأثر خافت لحضارة دفنتها الحروب، المزارع تحيط بها وبعض الخرب المتناثرة تدل على أن الحياة مرت من هنا ثم انسحبت، وبأنها اختارت أن يمر بها الزمن دون أن ينهي الحكاية.

قنسرين اليوم ليست أكثر من اسم على الخريطة، ولكنها في ذاكرة التاريخ مدينة حية. لا تطلب البكاء عليها لأنها تستحق أن نعيد إليها صوتها.

قنسرين مدينة تستتر ولم تندثر، اختارت أن تختبئ حتى يأتي من يسمعها حقا.

وها نحن نسمعها!

قنسرين.. مدينة قاومت النسيان.

 

اقرأ المزيد

alsharq صراخ يجرح القلوب الصغيرة

تعد الأسرة البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها أولى خبراته الاجتماعية والنفسية. ويتأثر الطفل بدرجة كبيرة... اقرأ المزيد

498

| 10 أكتوبر 2025

alsharq ضيم المرض يمه

‏لديَّ هواية قراءة الشعر العراقي وأحببت أن أشارككم تجربتي في وضع أبيات باللهجة العراقية أشتكي فيها ضيم المرض... اقرأ المزيد

315

| 10 أكتوبر 2025

alsharq القضية تعرض شكواها في المحاكم الدولية

(سافرت القضيةَ تَعرضُ شكواها في رُدهةِ المحاكم الدولية، وكانت الجمعيةَ قد خَصصت الجلسةَ للبحث في قضيّةِ القضيّةَ، وجاءَ... اقرأ المزيد

81

| 10 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية