رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عائلاتنا إلى أين تسير؟ ونحن في زمان طريقنا مملوءة بالذئاب المفترسة، وقافلة البيت تسير بمفردها، انتبهوا.. فلن يبقى شيء اسمه الأسرة، إلى أين نسير؟، بيت خالٍ من المشاعر، بيت كل فرد فيه دولة مستقلة، منعزل عن الآخر، ومتصل بشخص آخر خارج هذا البيت، لا يعرفه، بيت لا جلسات ولا حوارات ولا مناقشات ولا مواساة.
تيقظوا.. هكذا بيوت العنكبوت واهية، الأب الذي كانت تجتمع حوله العائلة تبدل دوره، الأم التي كانت تلملم البيت بحنانها ورحمتها تحولت وصارت مشغولة أيضا بالعالم الافتراضي.
في بيوت الكل مشغول فيها، إلى أين نسير؟، الأبناء تحولوا من مسؤولين إلى متسولين، يتسولون كلمة اعجاب من هنا، ومديحا مزيفا من هناك، وتفاعلاً من ذاك وهذا وهذه، زمان أصبحنا نستجدي فيه الحنان من الغريب بعدما بخلنا به على القريب، إلى أين نسير؟
غياب أركان البيت
هذه هي الأم، تعيش في العالم الافتراضي، لا يمر منشور إلا وضعت بصمتها عليه، لا تدري ماذا في بيتها؟ وهل لها بصمة في سكينته ومودته؟، وهكذا أيضا الأب، يهتم بكل مشاكل العالم ويحلل وينظر لكل احداث الأسبوع وهو لا يعلم ماذا يدور في بيته، ولا يستطيع تحليل الجفاف العاطفي والروحي في داخل داره، إلى أين نسير؟.
أم يحزنها ذلك الشاب الذي كتب اني حزين!، وهي لا تدري أن ابنتها غارقة في الحزن والوحدة، أم تتأثر لقصص وهمية، أب يخطط لنصيحة شابة تمر بأزمة نفسية وهو لا يهتم بابنته التي تعيش في أزمات، ابن معجب بكل شخصيات العالم الافتراضي، ويراها قدوة له، ويحترمها ويبادلها الشكر لما تنشره ووالده الذي تعب من أجله لم يجد كلمة شكر ولا مديح.
لماذا هكذا بات المسير؟!
أصبحنا للأسف.. نبحث عن رسالتنا خارج البيت، نريد أن نؤدي رسالتنا خارج أسوار البيت مع الآخرين، مع الغرباء، مع من لا نعرفهم.
فما الحل وما العلاج إذن؟
في المقام الأول يجب أن نضع في قاعدتنا الأساسية رسالتنا تبدأ من البيت وفي بيوتنا ومع أهلنا ولنعلم اننا نعمل على أداء رسالتنا في البيت قبل الشارع.
مقاومة العادات الدخيلة
يرى علماء علم النفس أن الإنسان منذ الطفولة، يشعر بالحاجة والضعف والفقر، وتحتاج نفوسهم للتعلق بمن له صفات القوة والكمال والغنى، لذا لجأ مصنعو أفلام الكرتون، في برامج الأطفال، إلى اصطناع شخصيات وهمية، مثل سوبرمان، يراقب الناس من علو، ويأتي لينقذ من يحب، وله صفات القوة، وغيره، من الشخصيات الكرتونية، التي تحمل نفس الصفات، هذا يملأ قلب وعقل الطفل، لأن فطرته بحاجة إلى قوي، أنت لم تملأ قلبه بالتعلق بالله، سيأتي من يملأ قلب طفلك بالتعلق بغيره، من شخصيات وهمية، ولا تعلقه حتى بك، أنت قد تغيب قد تمرض وتضعف، وقد تفارق هذه الحياة، اجعله يشعر بالأمان الحقيقي، مع الذي أقوى منك وأغنى منك، اجعل تعلقه بالله، لأنك ستسد الحاجة الفطرية عنده، وسيبقى متوازناً، حتى لو بقي وحيداً بمرور الأيام، لن يخاف لو واجه صعوبات الحياة، لأنه يعلم أن المعين هو الله، سيشعر بالأمان وأن الله يحميه، وسيشق طريقه متوكلاً عليه، لذلك فإن أعظم ما يورثه الوالدان لأطفالهما، ليس المال والثروة، بل عقيدة راسخة، وقلوب مؤمنة بالله.
كسرة أخيرة
من أجمل وصفات العلاج لتتعود بيوتنا وأسرنا على الألفة والمودة التي كانت، هو اتباع برنامج خاص لبناء العلاقة مع الأبناء تتضمن حوارا يوميا لمدة عشر دقائق باعتبارهم أصدقاء (بدون نصح ولا توجيه مباشر)، ثم التعبير عن مشاعر الود والحب من الآباء للأبناء من ٥ - ١٠ مرات يومياً، مدح الأبناء يومياً خمس مرات على الأقل على سلوك إيجابي فعله، مدح الأبناء يومياً خمس مرات على الشكل الخارجي (ابتسامته – شعره - عينيه - أي شيء فيه)، مرتين اسبوعيا، مشاركة الابن نشاطا خارج البيت حتى لو استغرق خمس دقائق (مشي - رياضة - تمشيه - لفّة بالسيارة)، ثلاث دقائق يومياً لتثبيت القيم قبل النوم: كنت سعيداً عندما رأيتك اليوم تحافظ على الصلوات الخمس، أو مساعدتك لأختك الصغيرة كان جميلا منك، أو وفائك بالاتفاق جميل، مرتين أسبوعياً عشاء مع العائلة في البيت أو خارجه يكون وقته طويلا حتى يتم الحديث والتحاور مع العائلة بوقت أكثر، الجلوس مع الابن في مكان هادئ واطلب منه أن يقول كل ما يريد بلا قيود ولا نقاش ولا أرد عليه ولا أقاطعه ولا تعقيد حتى يشعر بالطمأنينة ليبوح لك بما في نفسه، وهناك الكثير من البرنامج التربوية تتضمنها مواقع الكترونية متخصصة يمكن الرجوع إليها وتطبيقها في بيوتنا لتعود المحبة والألفة والمودة والترابط التي أفقدتنا لها مستجدات الحياة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4056
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1731
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1575
| 02 ديسمبر 2025