رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بإصدار حركة المقاومة الإسلامية حماس وثيقتها الجديدة ورؤيتها للأمور، تكون قد أعلنت للعالم أجمع أنها حركة مقاومة ضد احتلال غاشم قائم، وليست ضد أي أحد من بني البشر، ولا ضد دين أو فكر أو ثقافة أو عرق. الناس سواسية عندها كما هو واضح بيّن في ديننا الحنيف، الذي هو دين حماس، فلا دين لها غير الإسلام الحنيف كما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
أدعو بادئ ذي بدء من لم يطّلع على وثيقة حماس، وقبل الخوض في بعض النقاط حولها، إلى قراءة صفحاتها القليلة ذات الفقرات والعبارات المنضبطة ديناً وقانوناً وصياغة. ذلك أن الوثيقة هي الرؤية أو الرواية الفلسطينية الصحيحة، أو إن صح التعبير، هي الرواية التي كان من المفترض أن تكون منذ زمن، لا الرواية التي خاض فيها من خاض، حتى لم تعد لها نكهة ولا قيمة ولا هوية.
في وثيقة حماس القصيرة، تأكيد على أنها حركة مقاومة ضد احتلال، لا إرهابية كما تزعم بعض أنظمة حكم غربية وعربية. ذلك أن أي حركة مقاومة ضد محتل، جائزة في الشرائع السماوية، وجائزة قانونياً بحسب ما يسمى بالقانون الدولي - هذا إن كان العالم إلى الآن يعترف بمثل هذا القانون - وبالتالي لا فرد ولا مؤسسة ولا دولة قادرة على أن تقول عن حركة حماس بعد هذه الوثيقة، إنها حركة تعمل بعيداً عن هدفها الرئيسي المشروع، وهو مقاومة احتلال بغيض دام أكثر من سبعين عقداً من الزمن.
لا أحد يقدر قانوناً أن يصف الحركة بغير ذلك، أو أن يضعها في قوائمه المُعدّة وفق أهواء وأمزجة ومصالح. ذلك أن معظم الدول التي أصدرت قوائم ما تسمى بالإرهاب، بلا معايير واضحة، وإنما مجموعة أهداف تتوافق مع أهواء وأمزجة تلك الدول، لتستخدمها لأغراض إعلامية وسياسية ليس أكثر من ذلك..
تساؤلات مشروعة
إن الدول التي وضعت حركة المقاومة الإسلامية حماس في قوائم الإرهاب التي صنعتها، بلا أسس واضحة، بل هي نفسها تُدار بأنظمة حكم تقوم بأفعال وإجراءات هي الإرهاب ذاته، بل كثير منها مخالفة لكل القوانين والأعراف الإنسانية قبل الشرائع السماوية.
• أليس نظام الحكم الجاثم على أنفاس شعب فلسطين، هو رمز الإرهاب والتوحش في هذا الزمن؟
• أليس النظام الأمريكي هو أكثر الأنظمة في العالم ارتكاباً للمجازر المصاحبة لحروب ظالمة مصطنعة؟
• أليس بعض ما تقوم به أنظمة أوروبية أخرى في دول أفريقيا، خارجاً عن القوانين والأنظمة الدولية؟
• أليس بعض أنظمة حكم عربية كذلك، والتي يعاني الإنسان في وصف تعاملاتها الإجرامية غير الإنسانية مع شعوبها، أجدر بأن توصف بالإرهاب؟
ترتيب ذهنية العالم
طوفان الأقصى أعاد ترتيب ذهنية العالم من جديد، بعد أن عاثت الرواية الصهيونية فيه سنيناً طويلة. كان هذا العالم لا يرى ولا يسمع إلا ما تريده آلة الدعاية الصهيونية المنتشرة حول العالم. حيث وجد هذا العالم أن كل ما يخالف توجهات هذا النظام المحتل، إنما هو الإرهاب ذاته!.
طوفان الأقصى أزال غشاوة غليظة كانت ملتصقة على عيني هذا العالم، فرأى فجور وتدليس وكذب الرواية الصهيونية، ورأى كل ذلك لأول مرة وعلى الهواء مباشرة مشاهد تقشعر لها الأبدان، واستمر يشاهدها خلال أيام مائة ماضية، فعرف أنها جرائم حرب وإبادة جماعية متعمدة تُرتكب منذ بداية القرن الفائت، وبمعية ومساندة قوى الاستكبار والاستدمار الغربي. مرة كانت بقيادة بريطانيا الاستدمارية، ثم أكمل المهمة بعد ذلك الاستدمار الأمريكي، الأكثر من فاجر ووقح مبين.
هذا الطوفان أعطى زخماً للمقاومة الفلسطينية التي كادت أن تُنسى تماماً مع الانبطاح العربي ومن قبله الفلسطيني الفتحاوي. حيث رأى العالم أن ما تقوم به حماس وبعض فصائل المقاومة الأخرى في غزة، إنما هو الحق المبين، بل هو الواجب على أي شعب يرضخ تحت نير الاحتلال.
كتابة الرواية الفلسطينية
هذا التحول الهائل في التفكير العالمي، لاسيما الشعبي منه، هو الذي أعطى لحماس المجال من جديد لأن تعيد كتابة روايتها أو وثيقتها أو رؤيتها للأحداث على الأرض، وبما يتناسب وتفكير العالم اليوم. ملايين الناس تتعاطف اليوم مع أحداث غزة ضد الإجرام الذي يقوم به النظام الصهيوني أو الفاشي والنازي الجديد. ملايين من البشر ما زالت تخرج إلى شوارع مدنها وضواحيها، وتقوم بأعمال ضغط هائلة على حكوماتها لتغيير سياساتها ورؤيتها للمقاومة الفلسطينية، وتوقف دعمها للنظام الفاشي المحتل في فلسطين.
هذا الحاصل بالعالم الآن ربما هو أحد أهداف طوفان الأقصى، فإن المعية العالمية، المعنوية منها والإعلامية والقانونية، نتائج مهمة للاستمرار على طريق التحرير، والتخلص من ظلم عاش أكثر مما ينبغي له. وبالطبع هذه المعية البشرية تأتي بعد التوكل على الحق سبحانه، وسلوك طريقه.
إن طلب النصرة والمعية السماوية التي لا يمكن تحقيق خطوة انتصار بغيرها، كما في عقيدة حماس، بل عقيدة كل مؤمن لم تتلوث بعدُ بعقائد الغرب أو الشرق، هو الخطوة الأولى لتحقيق نصر منشود مأمول. ذلك أن النصر بإذن الله متحقق لا ريب فيه، طالما الحركة على الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، غير صراط المغضوب عليهم أو الضالين. وإنها لنصر أو استشهاد.
جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!
تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد
45
| 21 نوفمبر 2025
«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»
عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد
36
| 21 نوفمبر 2025
ظلّي يسبقني
في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد
48
| 21 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
د. عـبــدالله العـمـادي
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
1569
| 20 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025