رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
برعاية كريمة من سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني تم تنظيم مؤتمر وتوزيع جوائز المسؤولية الاجتماعية في نسخته الرابعة بالعاصمة القطرية الدوحة ما يدل على اهتمام دولة قطر بهذه الممارسة والنشاط المحوري والمهم من قبل المنظمات والمؤسسات التي لا تهتم بتحقيق الأرباح فحسب وإنما تصهر على المساهمة في التنشئة الاجتماعية والتنمية المستدامة وتطوير الفرد والمجتمع في مختلف مناحي الحياة، ثقافية، علمية، رياضية، صحية، بيئية...إلخ. فالمسؤولية الاجتماعية هي المسؤولية المجتمعية، المسؤولية تجاه الآخرين، المواطنة والانتماء، الحرية والمشاركة السياسية وكذلك التعددية والانفتاح. رافق المؤتمر وتوزيع الجوائز النسخة الرابعة من الكتاب الأبيض الذي يوثق بالبيانات والأرقام ممارسة المسؤولية الاجتماعية في دولة قطر ويقدم التقارير السنوية للشركات عن أدائها في مجال المسؤولية الاجتماعية خلال عام وكذلك أهم الممارسات على الصعيد الدولي.
إن شمولية المسؤولية الاجتماعية تقتضي التركيز على أربعة جوانب رئيسية تتمثل في المجال الاقتصادي، والقانوني، والأخلاقي، والخيري، مما يعني ضرورة توظيف الأبعاد الأربعة للمسؤولية الاجتماعية بشكل هرمي متسلسل لتوضيح الترابط بينها. فلا يمكن أن نتوقع من منظمات الأعمال مبادرات خيرية ومسؤولة إذا لم تكن هذه المنظمات قد قطعت شوطًا في إطار تحملها لمسؤولياتها الاقتصادية والقانونية والأخلاقية تجاه المجتمعات التي تعمل فيها. فإذا كانت المنظمة لا تحترم حقوق العمال ولا تحترم المستهلك ومواصفات السلعة أو الخدمة وتدعي أنها تخصص موازنات كبيرة للمسؤولية الاجتماعية فهذا يتناقض مع الأسس والمبادئ التي تقوم عليها المسؤولية الاجتماعية. ففي عالم اليوم نقرأ الكثير عن استغلال الأطفال في فيتنام وسريلانكا والهند وغيرها من دول من قبل شركات عالمية تتغنى بحقوق العمال وحقوق الإنسان وعطائها الكبير في مجال المسؤولية الاجتماعية.
يتحدد دور الجامعات في بناء القدرات ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية على أسس علمية توضح كيفية قيامها بهذا الدور المجتمعي والمؤسسي المهم، كما أن هذا الدور الذي يسند إلى مؤسسات التعليم العالي يكون في إطار أخلاقي وإطار مؤسسي، لأن الجامعات ترتبط مع المجتمع بمسؤولية اجتماعية ودور مُجتمعي يفرضه عليها دورها المحوري في تكوين الموارد البشرية المؤهلة علميا وأخلاقيا والملتزمة والمسؤولة على تطوير المجتمع والمساهمة في التنمية المستدامة بجميع مجالاتها ومناحيها. فالمسؤولية الاجتماعية هي حب الوطن والتفاني في العمل والإخلاص للآخرين واحترامهم. الواقع أن المسؤولية الاجتماعية في الوطن العربي سبقت الجامعات في الميدان حيث تجدها لا تكاد تذكر في المقررات والمناهج والدراسات والبحوث رغم أن شركات عديدة تتبناها وتمارسها في أرض الواقع. فالواقع الأكاديمي العربي بالنسبة للمسؤولية الاجتماعية يبين حجم المعاناة، ومثال على ذلك نلاحظ أن إسرائيل أنجزت من عام 2010 إلى عام 2016 (141) دراسة حول المسؤولية الاجتماعية، يُقابلها 17 دراسة فقط في الوطن العربي. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فهناك 552 جامعة تُدرس المسؤولية الاجتماعية من خلال 718 مقررا، بالمقابل نجد 6 جامعات فقط في الوطن العربي تدّرس المسؤولية الاجتماعية ولا يوجد مقرر واحد يختص بالمسؤولية الاجتماعية بشكل مباشر. بل مجرد مناهج لمواد مختلفة لها علاقة غير مباشرة بالمسؤولية الاجتماعية.
تهدف مؤسسات التعليم العالي إلى غرس المفاهيم المجتمعية لدى الطلاب. إلى جانب تعزيز مفاهيم المعرفة والبحث العلمي. فالهدف الإستراتيجي لمؤسسات التعليم العالي هو إيجاد مواطنين صالحين لهم مشاركة فعالة في مؤسسات المجتمع، ولديهم رؤية صحيحة في الحكم على الأشياء، وتكوين الاتجاهات الموضوعية حول الجوانب المهمة في البيئة المحلية والعالم الخارجي. وقد تكون جدلية العلاقة بين الفرد والمؤسسة والمجتمع هي الأساس التي تنطلق منه فلسلفة المسؤولية الاجتماعية، فهل تقع المسؤولية على عاتق الفرد، أم المؤسسة، أم المجتمع؟. والإجابة هنا هي الأطراف الثلاثة مجتمعة. فحينما نلقي المسؤولية على الأفراد في تحمل الأعباء، أو حماية المصلحة العامة وصيانتها دون وجود علاقة بقدر كافٍ بين الفرد والمؤسسة والمجتمع، فإن دور الفرد يكون ناقصًا ولا يمكن أن يؤدي بطريقة منتجة وإيجابية. لهذا يوجد في جميع المجتمعات المتقدمة خطط إستراتيجية وطنية تنمي الإحساس بالانتماء والهوية، والتعريف بمفاهيم المواطنة والحقوق والواجبات، وتنمية المعارف والقدرات والقيم والاتجاهات والمشاركة في خدمة المجتمع، إلى جانب إعداد المواطن وفقًا للظروف المحلية والإقليمية. ونظرًا لهذه العلاقة الوثيقة بين الفرد والمجتمع، والعلاقة الجدلية بينهما فإنه لابد من وجود مؤسسات تعمل على تنظيم هذه العلاقة، من أهمها الجامعات التي تلعب دورًا مهمًا في تربية شباب صالحين في المجتمع من خلال تعزيز المفاهيم المختلفة عن هذه العلاقة المجتمعية، ومنها مفاهيم المسؤولية الاجتماعية التي تشمل متغيرات عديدة تدور حول المسؤولية الأخلاقية، والمسؤولية تجاه الذات، والمسؤولية تجاه الآخرين والمجتمع، والعالم الخارجي والمحافظة على البيئة، إلى جانب المسؤولية الاقتصادية والقانونية.
على المستوى العالمي نستطيع القول إن الجامعات الأمريكية أسهمت في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية من خلال الدراسات والأبحاث والبرامج والتخصصات والمقررات التي تطرحها في برامج إدارة الأعمال وعلم الاجتماع والإعلام والخدمة الاجتماعية مما أدى إلى رفع نسبة الوعي بالمسؤولية الاجتماعية إلى ما يقارب من نسبة 43%. وهناك أيضًا التجربة الدنماركية والتي تتمثل في إنشاء مدرسة كوبنهاجن للإدارة CBS والتي كانت منصة علمية لمبادرات بحوث المسؤولية الاجتماعية والتجربة البريطانية والتي تتمثل في المركز الدولي للمسؤولية الاجتماعية الذي قدم ما يزيد على 2000 دراسة تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، والتجربة الهولندية والتي تتمثل فيما يُسمى بالمكتب الأخضر الذي وظف ما يزيد على 20 ألف شخص خلال الفترة من 2010 إلى 2016 وتتجلى أهمية المسؤولية الاجتماعية في التجربة الماليزية ولعلها من أبرز الدول الإسلامية اهتمامًا بهذا المجال حيث تقرر استحداث منصب بالجامعات الماليزية وهو نائب رئيس الجامعة للمسؤولية الاجتماعية لإبراز مدى أهمية المسؤولية الاجتماعية في الحياة الأكاديمية ومختلف مجالات الحياة.
وهناك أكثر من منظور لعملية تدعيم المسؤولية الاجتماعية، فهناك مثلا المنظور الأمريكي والذي يتمثل في تخصيص كل شركة أو مؤسسة جزءا من أرباحها لدراسة المسؤولية الاجتماعية، وهناك منظور آخر يقول بأن المسؤولية الاجتماعية مسؤولية تكاملية لا تتمثل فقط في المال ولكن تتمثل في تحديد الرؤية والأهداف والأسلوب والمجتمع، ومنظور أخر يقول بأن الارتقاء بالمسؤولية الاجتماعية يعتمد بشكل أساسي على الممارسة الميدانية والعملية للمسؤولية الاجتماعية من خلال استقصاء الواقع الاجتماعي والتفاعل من خلال الحياة اليومية، كما أنه يجب تخصيص ميزانية خاصة بالمسؤولية الاجتماعية لتدعيمها عمليًا وأكاديميًا.
Bien hecho España
مع احترامنا لجميع الدول التي ساندت أهل غزة والحكومات التي كانت تدين وتندد دائماً بسياسات إسرائيل الوحشية والإبادة... اقرأ المزيد
261
| 27 أكتوبر 2025
التوظيف السياسي للتصوف
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح فارقا مهما بين شيئين: الأول هو «التصوف» الذي تختلف الناس... اقرأ المزيد
132
| 27 أكتوبر 2025
عن خيبة اللغة!
يحدث أحيانًا أن يجلس الكاتب أمام بياض الورق أو فراغ الشاشة كمن يقف في مفترق لا يعرف أي... اقرأ المزيد
288
| 27 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6387
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025