رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. ياسر محجوب الحسين

  [email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

468

د. ياسر محجوب الحسين

الجديد في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة

23 سبتمبر 2023 , 02:00ص

ظلت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منبراَ للعلاقات العامة، يسعى رؤساء الدول ورؤساء وفودها إلى توجيه الرأي العام نحو منتجاتهم السياسية وجعلها أخبارا تسير بها رياح أجهرة الإعلام حول العالم. بل قد يلجأ بعضهم إلى الإتيان بأفعال وتصرفات درامية تفرض نفسها على الإعلام الدولي بسبب غرابتها. في سبتمبر من كل عام تنعقد هذه الاجتماعات بمقر الأمم المتحدة بنيويورك وتعتبر المنظومة الإدارية للمنظمة أن الجمعية العامة تحتل موقعا مركزيا بوصفها الهيئة الرئيسية للتداول ورسم السياسات والتمثيل في الأمم المتحدة. بيد أنه هناك تناقضات فاضحة للمنظمة جعلت مدادا كثيرا يسيل داعيا لإصلاحها بدون جدوى. فمجلس الأمن على سبيل المثال يملك كما هو موضح في الفصل السابع المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة، القدرة على الحكم على قانونية حرب ما من عدمه، لكن لو أن دولة من المتمتعات (5 دول فقط) بالعضوية الدائمة للمجلس وحق نقض قراراته، طرف في حرب ما، فلا يستطيع المجلس اتخاذ قرار بعدم قانونية تلك الحرب، إذ بإمكان تلك الدولة نقض القرار بكل بساطة.

ففي مسألة غزو العراق في 2003 نوقشت مشروعية غزو الولايات المتحدة الأمريكية له واحتلاله، وقال الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك: «لقد أوضحت أنها لا تتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة. من وجهة نظرنا ومن وجهة نظر ميثاق الأمم المتحدة، كانت - الحرب - غير قانونية». معلنا صراحة أن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق كانت غير قانونية. في 2017 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بـأغلبية 128 عضوا (من 193) مشروع قرار عربي إسلامي يرفض القرار الأمريكي باعتبار مدينة القدس عاصمة لدولة الكيان الإسرائيلي، لكن قبيل أيام أسقطت الولايات المتحدة الأمريكية قرارا لمجلس الأمن الدولي الذي لا تزيد عضويته عن15 عضوا، كان يدين ذات القرار الكارثي الذي أصدرته واشنطن، باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن. ولعله اليوم أضحت الجمعية العامة أقل ضجيجا أو ربما أكثر برودا؛ ففي عام 1960 قام نيكيتا خريتشوف، رئيس وزراء الاتحاد السوفييتي، بطرق الطاولة التي أمامه بحذائه اعتراضًا على خطاب رئيس الوفد الفلبيني. وفي عام 2009، حمل معمر القذافي زعيم ليبيا نسخة من ميثاق الأمم المتحدة، حيث قرأ منه بعض الجمل، ثم قام في لحظة درامية بتمزيقه وإلقائه أمام القادة والرؤساء أثناء الخطاب، في إشارة لعدم جدواه في ظل عدم احترامه والعمل به. منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في ديسمبر 1991، أصبح هذا التاريخ المحطة المفصلية في مسيرة المنظمة الأممية، فعقب بدء عملها رسميا في أكتوبر 1945، برز بقوة مصطلح النظام العالمي الجديد والذي ارتبط بالمدلول الأيديولوجي للحكومة العالمية وسيادة عهد القطب الواحد. وربما كان ذلك أهم أسباب الحرب في أوكرانيا، ومحاولة روسيا ومن خلفها من وراء الحجاب، الصين وكوريا الشمالية، لإعادة التوازن وتعدد الأقطاب.

خلال هذه الدورة الـ 78 تجدر الإشارة إلى خطابين يتعلقان بأزمتين سياسيتين بارزتين في المنطقة في الوقت الحاضر؛ وهما خطاب كل من رئيسي السودان وفلسطين. فقد استطاع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان أن يروج لبضاعته السياسية ويرسخ لكونه ممثلا شرعيا للدولة السودانية في خضم حرب داخلية ظلت بعض الأطراف الخارجية تضعها في اطار نزاع بين طرفين وليس في اطار تمرد عسكري على الجيش القومي. ولأول مرة منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل الماضي تقدم مرافعة أمام هذا المنبر الدولي تشمل كل الجرائم التي ظلت ترتكبها مليشيا الدعم السريع ضد المواطنين السودانيين. وقال البرهان إنها هذه المجموعات مارست القتل والنهب والسرقة والاغتصاب والتطهير العرقي والاستيلاء على منازل المواطنين وممتلكاتهم ودمرت الأعيان المدنية من مرافق للخدمات ومستشفيات ومقار الدولة ودواوين الحكومة وحاولت طمس تاريخ وهوية الشعب السوداني بالاعتداء على المتاحف والآثار وسجلات الأراضي والسجل المدني وسجلات المحاكم. ولعل أبرز ما طالب به البرهان المجتمع الدولي اعتبار مليشيا الدعم السريع مجموعات إرهابية يقف الجميع في وجهها ويحاربها لحماية الشعب السوداني والإقليم بل والعالم. حيث تسببت في مقتل الآلاف ونزوح وتشريد الملايين. ولعل هذا الطلب يتطلب اجراءات محلية تتولاها وزارة العدل السودانية وديوان النائب العام وهذا ما لم تتوفر معلومات بأنه تم. كما انتقد البرهان بشدة الاتحاد الإفريقي عندما قال إن التدخلات الإقليمية والدولية أصبحت ظاهرة وواضحة، مما يعني بأن هذه أول الشرارة التي ستحرق الإقليم والمنطقة وتؤثر مباشرةً على الأمن الإقليمي والدولي. وقال البرهان إن على منظماتنا الاقليمية التحرر من الوصاية والنظر الى مصلحة الشعوب الافريقية حتى تستعيد ثقة الافارقة.

أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن فقد طالب بعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية، متسائلا عما إذا كان هذا الأمر صعبا؟. وقد لا يكون الأمر صعبا فما أكثر المؤتمرات الدولية التي عقدت بخصوص القضية الفلسطينية ولم تجد فتيلا. فإن لم يستطع مجلس الأمن بشأن القدس في 2017 فماذا ينتظر أبو مازن من أي مؤتمر دولي جديد؟. وحتى القرار رقم 242 الذي أصدره مجلس الأمن منذ 56 عاما في 22 نوفمبر 1967، والقاضي بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، ظل حبرا على ورق بل خطط الاحتلال ماضية لضم الضفة الغربية نفسها حيث يتخذ منها أبومازن مقرا لسلطته المنقوصة. الفلسطينيون لاسيما الشباب القابض على جمر المقاومة، يعلمون أن تحرير بلادهم لن يتم عبر المنابر الدولية ولا بطلب الاعتراف بدولة تكفلها الدولة المحتلة وانما بوسائل النضال المشروعة وقبل ذلك وقف الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني في مخيمات اللجوء.

مساحة إعلانية