رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مها الغيث

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1131

مها الغيث

عندما يسيطر الأغبياء على مرافق الحياة !

22 أغسطس 2024 , 02:00ص

 

 

بحسبة بسيطة وبنظرة تحليلية سريعة، يتبين أن العالم لا يحكمه سوى الأغبياء!، فعلى الرغم من قصر الكتاب وقدمه الذي يعود إلى ربع قرن من إصداره، فهو يتناول ظاهرة اجتماعية تتعايش والحياة اليومية كواقع بات مألوفاً، ألا وهي سيطرة (الأغبياء) على مرافق الحياة - فضلاً عن تواجدهم أصلاً بأكثر مما يُعتقد- اجتماعياً وأكاديمياً وعلمياً وثقافياً واقتصادياً وسياسياً، وغيرها من مراكز صنع القرار، ما يجعل من تأثيراتها السلبية تطول الفرد والمجتمع على حد سواء.. فلا الفطناء العقلاء النبهاء حول العالم من أمسك بزمام الأمور، بل إنهم الجهلاء البلهاء السخفاء، والذي اتضح أن منهم من تقلّد منصب رئاسة بلد، ومنهم من أصبح استاذا جامعيا أو قسيسا راعيا، ومنهم من حصل على جائزة نوبل العالمية، وهكذا مع تصاعد السلم الاجتماعي من بين ذوي النخبة في أي مجتمع، حتى حمّلوا الأمم جميعاً خسائرهم فوق خسائرها!.

قد يُولد الإنسان غبياً، كحالة طبيعية رغم التوجهات الحضارية نحو خلق حالة من المساواة بين الناس عن طريق توفير فرص أكثر جودة في الصحة والتنشئة والتعليم، مع تأكيد نتائج الأبحاث العلمية التي عني بها علماء الوراثة وعلماء الاجتماع على تساوي فئات البشر بنسب طبيعية. وكم هو لافت للنظر أن يتوزع (الأغبياء) في كل مجتمع بنسب ثابتة لا تختلف عن الآخر باختلاف المكان والزمان، بصرف النظر عن الفروقات الجغرافية أو الاجتماعية أو الفكرية أو المهنية، وقد وضّح المؤلف نظريته من خلال رسوم بيانية تتقاطع بين تصرفات الأفراد وأداء المجتمعات، تعتمد قانوناً تحليلياً وتخلص بنتائج منطقية، كالقانون الذي ينصّ على أن «الشخص الغبي هو أشد أنواع الأشخاص خطراً» وعلى نتيجته المنطقية بأن «الشخص الغبي أشد خطراً من قاطع الطريق».. وذلك لأنه يتسبب في تخريب النظام الاقتصادي من حيث لا يدري إذ لا يستفيد منه، فيبطئ من سرعة التقدم ويعرقل نجاح العاملين ويمنع الناتج المحلي من الازدهار.. بينما يحرص قاطع الطريق على إبقاء النظام سليماً لضمان مصلحته وحسب.

كم هي المرات التي خسر فيها شخص ماله أو وقته أو جهده أو طاقته أو بهجته أو مزاجه أو شهيته أو صحته، حين خالط شخصا آخر يتنافى واقعه مع كل ما هو منطقي ولم يعد يملك ما يخسره، فيصيب غيره بخسارة أو أكثر؟! إنه يظهر من حيث لا يجب أن يظهر، ويتسبب في مضايقات لم ينتوها، وهو لا يملك القدرة على تفسيرها، في حين يحتار الضحية بدوره في تفسيرها علمياً أو منطقياً، حتى يصبح التفسير الأكثر واقعية هو: أن الشخص الذي وقع تحت رحمته ليس سوى (غبي)!

يضع كتاب (الغباء البشري)، الذي يبدو ساخراً في أول وهلة لكنه بالقطع ليس كذلك، المؤرخ الاقتصادي الإيطالي الأشهر (كارلو شيبولا 1922-2000)، الذي حظي بترجمة إلى ست عشرة لغة، والذي لم يتوجّه به إلى الأغبياء بل إلى الذين يضطرون للتعامل معهم! فيسلّم المؤلف مع أرسطو على حقيقة «الإنسان حيوان اجتماعي»، ففئة المتزوجين عالمياً أكثر من العزّاب، وعلى الرغم من تفاوت كل إنسان على حدة في مدى التواصل عن غيره، إلا أن لكل نصيبه من التواصل، حتى النسّاك والانطوائيين! وهنا يبرز ما أسماه المؤلف بـ «تكلفة الفرصة» أو «المكاسب أو الخسائر الضائعة»، نتيجة لاختيار التواصل من عدمه. فيقول: «يتمثل المغزى الأخلاقي للأمر في أن لكل شخص منا رصيداً جارياً مع الآخرين. يحقق كل منا من خلال فعله أو امتناعه عن الفعل مكسباً أو خسارة، وفي الوقت عينه يتسبب بتحقيق مكسب أو خسارة لشخص آخر». واستكمالاً لمفهوم (تكلفة الفرصة) وما يرتبط بها من ربح أو خسارة، يقول: «إن البشر يندرجون ضمن أربع فئات رئيسية: المغلوبون على أمرهم، والأذكياء، وقطّاع الطرق، والأغبياء». وقد يحدث أن يتصرف كل شخص من تلك الفئات الرئيسية خلاف ما جُبل عليه، كأن يتصرف شخص مغلوب على أمره بذكاء في بعض الأحيان، أو ربما كقاطع طريق في أحيان أخرى، غير أن ضعف الحيلة تسم تصرفاته في أغلب الأحوال. يقول المؤلف: «معظم الناس لا يتصرفون باتساق، ففي ظروف معينة يتصرف شخص ما بذكاء، وفي ظل ظروف مختلفة يتصرّف الشخص عينه كشخص مغلوب على أمره. يتمثل الاستثناء المهم الوحيد للقاعدة في الشخص الغبي الذي عادةً ما يبدي نزوعاً قوياً نحو الاتساق التام في ميادين المساعي البشرية كافة». بيد أن المعضلة تتلخص في استخفاف الأذكياء بقدرة الأغبياء على إلحاق الأذى، متناسين أن استمرار التعامل معهم في مختلف الأماكن والأوقات والظروف، هو من دون أدنى شك «خطأ فادح». فيقول المؤلف: «خلال قرون وآلاف السنين من الزمن، في الحياة العامة كما في الحياة الخاصة، يعجز عدد لا يحصى من الأشخاص عن أخذ هذا القانون الأساسي في الحسبان، وهذا العجز يكبّد الجنس البشري خسائر لا حصر لها».

ختاماً، لقد جاء جهد المؤلف بنّاءً بالفعل في «الكشف عن إحدى القوى الظلامية الأشد بأساً، التي تعوق ازدهار الإنسان وسعادته.. ولمعرفتها ومن ثم لإمكانية تحييدها».

اقرأ المزيد

alsharq جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!

تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد

333

| 21 نوفمبر 2025

alsharq «ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»

عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد

408

| 21 نوفمبر 2025

alsharq ظلّي يسبقني

في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد

159

| 21 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية