رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يبدو أن السوق قد استوعب تراجعات أداء البورصة الصينية، وأزمة الديون اليونانية، وعودة النفط الإيراني للسوق النفطية، وبدأت الأسعار بالتعافي مع تغير المستجدات في الوقت الحاضر، ومع هذا يجب التأكيد أننا أمام تحول في السوق مع تأخر التوازن واستمرار الضغوط على الأسعار وعليه فإن الصورة العامة في سوق النفط هي تقلبات تضمن أسعار نفط خام برنت تدور في نطاق ما بين 50 -60 دولارا للبرميل.
رغم هبوط أسعار نفط خام برنت من 62 دولارا للبرميل في بداية شهر يوليو 2015 إلى 55 دولارا للبرميل في 7 يوليو 2015، إلا أن الأسعار تعافت وظلت تتأرجح ما بين 56 – 57 دولارا للبرميل.
البيت الاستشاري بيرا في تقرير جديد يتوقع أن الأسواق في توازن بالنسبة للنفط الخام في الأسواق الأسيوية خلال الشهرين القادمين وهو ما يدعم الأسعار ولكن في مقابل ذلك يرتفع الفائض من المنتجات البترولية مع ارتفاع معدل تشغيل طاقة التكرير.
البيت الاستشاري فاكتس انرجي غلوبل يتوقع تنامي الطلب العالمي خلال الربع الثالث من عام 2015 من 93.6 مليون برميل يومياً في الربع الثالث من عام 2014 إلى 94.5 مليون برميل يوميا خلال الربع الثالث من عام 2015، أي زيادة مقدارها 900 ألف برميل يومياً، وفي مقابل ذلك تكون الزيادة من خارج الأوبك بـ1.2 مليون برميل يومياً من 57.4 مليون برميل يومياً في الربع الثالث من عام 2014 إلى 58.6 مليون برميل يومياً خلال الربع الثالث من عام 2015 وهو ما يعني أن يكون الطلب على نفط الأوبك عند 29.3 مليون برميل يومياً من أجل تحقيق التوازن ولكن إنتاج الأوبك عند 31.5 مليون برميل يومياً يعني بناء في المخزون النفطي عند 2.2 مليون برميل يومياً وهو ما يعني ضغوط على أسعار النفط خلال الأشهر القادمة.
لكن الصورة تغير في عام 2016، حيث يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، بينما الإمدادات من خارج الأوبك ترتفع بـ200 ألف برميل يوميا فقط، وهو ما يعني ارتفاع الطلب على نفط الأوبك بمقدار 900 ألف برميل يومياً، وهو ما ينظر إليه على أنه توقيت جيد يخفف من تأثير عودة النفط الإيراني للسوق النفطية خلال عام 2016.
من التطورات التي تؤثر في مسار السوق النفطية خلال الأشهر القادمة هي رفع الحظر عن مبيعات النفط الإيراني وعودة النفط الإيراني للسوق النفطية والذي لن يكون قبل النصف الأول من عام 2016، والعامل الإيراني سيكون له بلا شك تأثير على أسعار النفط ولكن من الصعب جدا التكهن بمقدار الهبوط ولكنه سيتحدد وفق توقيت وحجم زيادة النفط الإيراني وما يقابل ذلك من معدل الزيادة في الطلب العالمي في سوق النفط في حينه.
وفي صعيد التعرف على مسار التأثير الإيراني على الأسواق والأسعار، فإنه يتعين على إيران الإيفاء بالتزاماتها الأولية بحلول منتصف أكتوبر، تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من التزام إيران بحلول منتصف ديسمبر، بمجرد أن يتم التأكد من وفاء إيران بالتزاماتها، تبدأ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإزالة العقوبات المتعلقة بالطاقة النووية على إيران.
وفي هذا السياق، يمكن أن نتوقع تأخر تنفيذ الاتفاق الإيراني حول الملف النووي بسبب الإجراءات ما بين ٦ - ١٢ شهرا، وعليه يمكن أن يتوقع أن يتم رفع الحظر عن مبيعات النفط الإيرانية في عام 2016، وعندها تستطيع إيران رفع مبيعاتها بـ٤٠٠ ألف برميل يوميا إلى ١.٧ مليون برميل يوميا، وممكن أن ترتفع بشكل كبير بسبب المخزون العائم خصوصا في بداية رفع الحظر، وهذه كلها تشير إلى ضعف مؤشرات أسواق النفط خلال الأشهر القادمة وهو ما يعني ارتفاع المعروض وبالتالي فإن أسعار النفط ستظل تتأرجح ما بين 50 – 60 دولارا للبرميل لنفط خام الإشارة برنت، وربما مرشحة لتدور حول 50 دولارا للبرميل في أغلب الفترات خصوصا مع عودة إيران للسوق النفطية، ومما يزيد في ذلك بلوغ إنتاج النفط العراقي إلى 4.1 مليون برميل يومياً خلال شهر يونيو 2015، كما إنتاج أوبك في ارتفاع ليصل إلى ما يفوق 31.3 مليون برميل يوميا في شهر يونيو ٢٠١٥ مقابل السقف عند ٣٠ مليون برميل يوميا.
كما يتوقع المراقبون صعوبة تصور أي اجتماعات قريبه للأوبك حيث إن ذلك له آلياته الخاصة بذلك، ولا يزال وضع السوق رغم ضعف الأسعار النسبي باتجاه التوازن، ولا يوجد ما يدعو للقلق، وستقوم أساسيات السوق بالتعامل معها ربما تأخذ فتره أطول ولكن أسعار النفط تبدأ بالتعافي بعد استيعاب السوق للمستجدات حال حصولها.
وفي هذا الإطار يأتي تحليل جديد لبنك باركليز والذي يتوقع أن يٌثمر ضعف أسعار النفط الحالي في توازن السوق النفطية في الأعوام 2016 و2017 من خلال عدة أمور:
(1) تقييد معدل تنامي إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية إلى فقط 200 ألف برميل يوميا أو ربما أن يثبت إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية دون أي زيادة تُذكر خلال عام 2016.
(2) خفض في الإنتاج من خارج الأوبك من عدة بلدان مثل روسيا وأذربيجان وكازاخستان والبرازيل والمكسيك وكولومبيا وكندا.
(3) تحفيز وتشجيع مزيد من التنامي في الطلب العالمي على النفط في الأعوام القادمة عن معدل 1 مليون برميل يوميا سنوياً.
(4) إيران تستطيع رفع مبيعاتها بـ200 ألف برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 2015 ثم 400 ألف برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 2016 وسيكون فقط تأثير فوري للمخزون العائم الإيراني.
(5) إنتاج العراق يبقى ضمن 4.1 مليون برميل يومياً دون أي زيادة تُذكر ومُقيد أيضاً بأوضاع الطقس التي تساعد بالاستمرار عند هذه المستويات.
(6) الأوضاع في ليبيا ستظل تمنع إنتاج ليبيا من التعافي.
(7) لكن مستويات المخزون ستظل ترتفع وبالتالي تضمن بقاء أسعار النفط تعاني لتحقيق التوازن المطلوب.
تعددت نماذج القيادة عبر الأزمان ولكن لسنا بحاجة للرجوع إلى النماذج الغربية للقيادة، فلدينا أعظم مرجع للقيادة يحتذى... اقرأ المزيد
33
| 03 أكتوبر 2025
ليس واحدا أو اثنين أو ثلاثة، بل أربعة دفعة واحدة استشهدوا مع أبناء عمومتهم والجيران، قُصف المنزل على... اقرأ المزيد
48
| 03 أكتوبر 2025
في مشهد تربوي يؤكد حضور اللغة العربية كهوية وانتماء، دشّنت مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات يوم الخميس 25 سبتمبر... اقرأ المزيد
30
| 03 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
6033
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4470
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه، حركاته، وحتى ضحكاته المقتضبة لم تكن مجرد تفاصيل عابرة؛ بل كانت رسائل غير منطوقة تكشف عن قلق داخلي وتناقض صارخ بين ما يقوله وما يحاول إخفاءه. نظراته: قبل أن يبدأ حديثه، كانت عيونه تتجه نحو السلم، وكأنها تبحث عن شيء غير موجود. في لغة الجسد، النظرات المتكررة إلى الأرض أو الممرات تعكس قلقًا داخليًا وشعورًا بعدم الأمان. بدا وكأنه يراقب طريق الخروج أكثر مما يراقب الحضور، وكأن المنصة بالنسبة له فخّ، والسلم هو طوق النجاة. يداه: حين وقف أمام المنصة، شدّ يديه الاثنتين على جانبي البوديوم بشكل لافت إشارة إلى أن المتحدث يحتاج إلى شيء ملموس يستند إليه ليتجنب الارتباك، فالرجل الذي يقدّم نفسه دائمًا بصورة القوي الصلب، بدا كمن يتمسك بحاجز خشبي ليمنع ارتعاشة داخلية من الانكشاف. ضحكاته: استهل خطابه بإشارات إلى أحداث جانبية وبمحاولة لإضحاك الجمهور حيث بدا مفتعلًا ومشحونًا بالتوتر. كان الضحك أقرب إلى قناع يوضع على وجه مرتبك، قناع يحاول إخفاء ما لا يريد أن يظهر: الخوف من فقدان السيطرة، وربما الخوف من الأسئلة التي تطارده خارج القاعة أكثر مما يواجهه داخلها. عيناه ورأسه: خلال أجزاء من خطابه، حاول أن يُغلق عينيه لثوانٍ بينما يتحدث، ويميل رأسه قليلاً إلى الجانب ويعكس ذلك رغبة لا واعية في إبعاد ما يراه أو ما يقوله، وكأن المتحدث يحاول أن يتجنب مواجهة الحقيقة. أما مَيل الرأس، فكان إشارة إلى محاولة الاحتماء، أو البحث عن زاوية أكثر راحة نفسيًا وسط ارتباك داخلي. بدا وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر مما يخاطب العالم. مفرداته: استدعاؤه أمجاد الماضي، وتحدثه عن إخماد الحروب أعطى انطباعًا بأنه لا يتقن سوى لغة الحروب، سواء في إشعالها أو في إخمادها. رجل يحاول أن يتزين بإنجازات الحرب، في زمن يبحث فيه العالم عن من يصنع السلم. قناعه: لم يكن يتحدث بلسانه فقط؛ بل بجسده أيضًا حيث بدا وكأنه محاولة لإعادة ارتداء قناع «الرجل الواثق» لكن لغة جسده فضحته، كلها بدت وكأنها تقول: «الوضع ليس تحت السيطرة». القناع هنا لم يخفِ الحقيقة بل كشف هشاشته أكثر. مخاوفه: لعلها المخاوف من فقدان تأثيره الدولي، أو من محاكم الداخل التي تطارده، أو حتى من نظرات الحلفاء الذين اعتادوا سماع خطاباته النارية لكنهم اليوم يرون أمامهم رجلاً متردداً. لم نره أجبن من هذا الموقف، إذ بدا أنه في مواجهة نفسه أكثر من مواجهة الآخرين. في النهاية، ما قدّمه لم يكن خطابًا سياسيًا بقدر ما كان درسًا في لغة الجسد. الكلمات قد تخدع، لكن الجسد يفضح.
3336
| 29 سبتمبر 2025