رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مهنا جابر النعيمي

 الباحث في السياسات العامة

مساحة إعلانية

مقالات

645

مهنا جابر النعيمي

مدرسة ثانوية قانونية: خطوة نحو بناء جيل من المتخصصين

22 أبريل 2025 , 02:00ص

في ظل التطورات المتسارعة في الأنظمة القانونية وتزايد الحاجة إلى كوادر متخصصة في مختلف القطاعات، تبرز فكرة إنشاء مدرسة ثانوية قانونية كخطوة نوعية في تطوير التعليم القانوني.

هذه المدرسة يمكن أن تكون منصة لإعداد جيل جديد من المحامين والقانونيين، ممن يمتلكون أساسًا معرفيًا قويًا منذ سن مبكرة، مما يساهم في سد الفجوة بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل القانوني.حيث يعد التخصص في مرحلة مبكرة من العوامل التي تسهم في بناء خبرات أعمق ومهارات أكثر لدى الطلاب. فبدلاً من انتظار المرحلة الجامعية لاكتشاف عالم القانون، يمكن للطلاب في المرحلة الثانوية التعمق في المبادئ القانونية الأساسية، مثل القانون المدني، القانون الجنائي، وحقوق الإنسان، مما يتيح لهم رؤية أوضح لمسارهم المهني في المستقبل. هذا النموذج معمول به في العديد من الدول المتقدمة، حيث أثبت نجاحه في تخريج طلاب أكثر كفاءة واستعدادًا لسوق العمل.

يُعد القانون من أهم الركائز التي تقوم عليها الدولة الحديثة، حيث يعتمد عليه النظام القضائي والنيابي والحوكمة، وإدارة العلاقات بين الأفراد والمؤسسات.

فكل جهات الدولة بحاجة إلى قانونيين متخصصين في مختلف المجالات لضمان تطبيق القوانين بشكل عادل ومنظم، سواء في القضاء، النيابة العامة، التشريع، الشؤون القانونية في المؤسسات الحكومية والخاصة، أو حتى في مجال التحكيم الدولي.

لا يكاد المجتمع في حاجة إلى القانونيين ولا تخلو أي مؤسسة من المختصين في القانون وأهميتهم سواء في المحاكم، النيابة العامة، الوزارات، الشركات الكبرى، وحتى المؤسسات المالية. فالمجتمع الحديث يتطلب بيئة قانونية منظمة، وهنا تبرز أهمية تأهيل كوادر قانونية منذ سن مبكرة، بحيث يكون لدينا جيل جديد قادر على فهم القانون ليس فقط من منظور نظري، بل كتطبيق عملي يخدم المجتمع.

إن وجود مدرسة ثانوية قانونية لن يكون له تأثير على الطلاب فقط، بل سيمتد ليشمل المجتمع بأسره. فمن خلال نشر المعرفة القانونية بين الشباب، سنسهم في تعزيز الثقافة القانونية والوعي بالحقوق والواجبات، مما ينعكس إيجابًا على مستوى الالتزام بالقوانين وتقليل النزاعات القانونية.   على الصعيد الاقتصادي، فإن إعداد كفاءات قانونية منذ مرحلة مبكرة سيوفر للمؤسسات القانونية والمحاكم كوادر مؤهلة بشكل أسرع، مما يسهم في تحسين أداء المنظومة القانونية ككل. كما أن خريجي هذه المدارس قد يتجهون إلى العمل في الاستشارات القانونية أو ريادة الأعمال في المجال القانوني، مما يعزز التنوع في سوق العمل.

يتطلب تنفيذ هذه الفكرة تعاونًا مشتركًا بين وزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى للقضاء يمكن البدء بـ:

• تصميم مناهج دراسية متخصصة تشمل المبادئ الأساسية للقانون، أخلاقيات المهنة، وآليات عمل المحاكم.

• توفير برامج تدريبية بالتعاون مع المؤسسات القانونية، بحيث يحصل الطلاب على خبرة عملية إلى جانب التعليم النظري.

• إعداد معلمين متخصصين في تدريس المواد القانونية، بالتنسيق مع كليات الحقوق والجهات القضائية.

• إتاحة فرص للتدريب العملي في المحاكم، النيابة العامة، ومكاتب المحاماة، مما يعزز التجربة الواقعية للطلاب.

إن إنشاء مدرسة ثانوية قانونية ليس مجرد فكرة تعليمية، بل هو استثمار في مستقبل النظام القانوني. فإعداد جيل قانوني مؤهل منذ سن مبكرة سيؤدي إلى نظام قانوني أكثر كفاءة، مجتمع أكثر وعيًا، وسوق عمل أكثر احترافية. كما أن هذا التوجه سيسهم في تعزيز دور الدولة في تطبيق القانون وتحقيق العدالة، مما يدعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.إن تبني هذه المبادرة من قبل الجهات المختصة، ودعمها بالتعاون بين قطاع التعليم والقطاع القانوني، سيؤدي إلى تغيير إيجابي ملموس في البيئة القانونية، مما ينعكس على المجتمع ككل.فهل يا ترى سوف نرى في المستقبل مدارس ثانوية قانونية تساهم في تحقيق جيل قانوني وترفدهم إلى سوق العمل؟       

مساحة إعلانية