رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أدركنا خلال الأيام القليلة الماضية، الذكرى الـ1445 لمولد النبي، صلى الله عليه وسلم، وشهدت تركيا أنشطة وفعاليات مختلفة على مدار أسبوع كامل، استحضرت خلالها المعاني العطرة لسيرة خير البرية، وأهم القيم التي تذخر بها.
وفي الوقت الذي استذكرت فيه تلك القيم السمحة لقدوة المسلمين في مغارب الأرض ومشارقها، كان خاطري يصول ويجول في أصقاع العالم الإسلامي، ويستذكر ماضي المسلمين وحاضرهم ومستقبلهم، فانتاب قلبي حزن وكرب ومرارة.
* نحن أمّة مَن، ومَن هو قدوتنا؟
لعل سجية الأمانة، هي من أهم سجايا وخصال "محمد الأمين" التي أثرت في نفسي وتركت وقعها في أعماقي ووجداني. لنمعن التفكير في تلك السجية، خاصة إذا ما علمنا أن مشركي مكة، كانوا يودعون أهم ممتلكاتهم كأمانة عند الرسول الكريم، على الرغم من معاداتهم له. كانوا يعلمون علم اليقين، أنه لا ينطق إلا الصدق، ولا يخلف وعدًا ولا عهدًا ولا ميثاقًا البتة.
كان عليه السلام، يهز مراكز القوّة وأقطاب السلطات السياسية في مكّة المكرمة، ليبني عالمًا جديدًا تمامًا، لقد قاد ثورة كأعظم مناضل عرفه التاريخ، بالرغم من كل الأهوال والأحداث الجسام التي شهدها، وبالرغم من كل الهجمات التي استهدفت أسرته وأصدقاءه وصحبه الكرام، الذين تعرضوا للقتل والتعذيب والطرد.
وعلى الرغم من كل هذا، لم يتخل سيد الخلق أبدًا عن أمرين اثنين: الصدق والعدالة، لم يحد عن دربه حتى عندما استشهد أقوى الداعمين له ورفيق دربه، عمّه حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، لم تتغير خصاله وسجاياه، وعلى رأسها الصدق والعدالة، في أحلك الظروف والشدائد وفي أعتى الحروب وأشد المعارك وتحت الحصار، ولم يكُ لأيّ من أعدائه أن يصفه ولو لمرة بـ"الكاذب" أو "الوحشية"، وحاشى لله أن يوصف.
إن ما أريد أن أقوله، هو أننا أبناء أمّة نبي، نال احترامًا وإجلالًا حتى من قِبَل أعدائه، فما الذي اعترى أمتنا في هذا العصر، وما الذي أوصلنا إلى هذا المنقلب؟
* هل نستطيع وصف مسلمي اليوم بـ"الصدق" و"العدالة"؟
إن القلوب لا تقوى اليوم على النظر إلى ما آلت إليه أحوالنا، حيث يقتل المسلمون بعضهم بعضًا في سوريا والعراق واليمن والصومال والسودان وليبيا، ويقطع تنظيم مثل داعش رؤوس الآدميين أمام أجهزة التصوير وعدسات الكاميرات، ليلطخ بأفعاله ميراث أمتنا الحضاري الذي ينضح عبقًا، واسم المسلمين الذين ما فتئوا ينشرون السلام والأمان في أصقاع الأرض على مر التاريخ.
وإلى جانب كل هذا وذاك، نرى مقصلة الأسد ما برحت تقص أعناق أبناء الشعب السوري، ذلك الشعب الذي كابد الكثير وفقد عشرات الآلاف من أبنائه المسلمين جوعًا وتحت التعذيب في أقبية السجون، وقتلًا أو اختناقًا تحت الركام أو بواسطة الأسلحة الكيماوية، ما انعكس بشكل سلبي على صورة الإسلام.
يقتل المئات من البشر بوحشية وبلا رحمة ولا هوادة، على يد التنظيمات الإرهابية التي تطلق على نفسها أسماء إسلامية ولا تعرف جهات ارتباطها، وتُقصَف المساجد ومراكز التسوق ويُختَطفُ الرجال والنساء والأطفال وتُفرضُ الجزى، وتُؤخَذ الرشى وتُضرَبُ الإتاوات، ويغرق العالم الإسلامي في بحر من عدم الاستقرار والفوضى والأزمات.
عندما نأخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا عن ماهية التصورات والدلالات الشخصية التي يتم رسمها للإنسان المسلم في جميع أنحاء العالم، وهل شعوب الأرض قد تُقدم على إيداع أرواحها وأموالها أمانة لدينا؟، جميعًا نعلم جيدًا أن هذه المسائل لا تحتاج إلى شرح، خاصة إذا أضفنا على ما سبق، عجزنا أمام الأنشطة المتزايدة للإرهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا) في أوروبا، وقتئذٍ سنرى كم أننا نبتعد مع مرور الأيام عن جوهر أمّة "محمد الصادق الأمين"، صلى الله عليه وسلم.
* على منظمة التعاون الإسلامي القيام بدور فاعل، وقمت بإعداد مشروع عام 2007، وقدمته لأكمل الدين إحسان أوغلو عندما انتخبت رئيسًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي، لم تكن صورة المسلمين في الغرب وفي مناطق العالم عمومًا، حتى في ذلك الحين، بحالة جيدة، وشددت في مشروعي وقتها على ضرورة قيام منظمة المؤتمر الإسلامي (التي باتت تعرف اليوم باسم منظمة التعاون الإسلامي) بحملة كبيرة تهدف لتغيير الصورة النمطية والسيئة التي تؤجج العداء للمسلمين حول العالم، ذلك أن المنظمة هي المؤسسة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تمتلك القدرة والتأثير الكفيلين بتغيير تلك الصورة، إلا أن ذلك المشروع وللأسف لم ير النور.
أما الآن، فلا أعتقد أن تنفيذ مثل تلك الحملة سيساهم في تغيير تلك الصورة أو سيحمل بين ثناياه أي معنى أو قيمة، ولا أعتقد أن هنالك أي جدوى من أي إجراء يمكن أن يتّخذ طالما لم تضع الحروب في العالم الإسلامي أوزارها ولم تنتهِ ظاهرة الإرهاب، لذا فعلى منظمة التعاون الإسلامي القيام بدورها واتخاذ خطوات جادّة وفعّالة من أجل وقف الحروب ووضع حدّ للإرهاب بشكل فوري وعاجل، وإلا فلن نكون تلك الأمة التي تليق بسيد البشر، وبرسول السلام والعدالة والأمانة والصدق والمحبة، محمد صلى الله عليه وسلم.
مكافحة الفساد مسؤولية عالمية
تعكس جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد والتي دخلت عامها العاشر، الأهمية... اقرأ المزيد
12
| 15 ديسمبر 2025
كأس العرب من منظور علم الاجتماع
يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة الاجتماعية، مجالًا تتفرّع عنه اختصاصات حديثة، من أبرزها سوسيولوجيا الرياضة،... اقرأ المزيد
9
| 15 ديسمبر 2025
في زحمة الصحراء!
يُخطئ كثيرون في الظنّ بأن الصحراء مجرد رمال وحصى وحرارة تُنهك الجلد وتخدع الروح، كأنها مكان مُفرغ من... اقرأ المزيد
9
| 15 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
786
| 10 ديسمبر 2025