رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مرت خمسة عشر شهرًا على جولة التصعيد الأخيرة بين غزة والاحتلال الإسرائيلي، لتبرز معالم ميزانٍ جديد للنصر، حيث لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها المعلنة من تنفيذ خطة الجنرالات، أو تفكيك المقاومة لاسيما حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، أو كسر إرادة سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاما رغم استهداف العدو المحتل -طيلة الخمسة عشر شهراً الماضية- المدنيين، والإمعان الوحشي بتدمير البنى التحتية، بل واستخدام أبشع الممارسات بحق سكان قطاع غزة من قصف وتدمير وتجويع وترهيب.
في قلب هذا المشهد، وقفت وتقف غزة هاشم أو غزة العزة سمها ما شئت فهي غزة الشامخة الصابرة المحتسبة لشهدائها وجرحاها، ليبرز من بعيد صورة رجال المقاومة على اختلاف فصائلها لاسيما كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وهي تجوب شوارع القطاع بعدتها وعتادها فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد الماضي، وكأن لسان حالها يقول المعركة لم تنتهِ، وأن المقاومة مستمرة ما استمر الاحتلال، وخططكم أيها العدو ديست بأقدام رجال المقاومة، بل نفذت خطة ورؤية الشهيد يحيى السنوار-رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقا-، وجثوتم على ركبكم وصولاً لهذه الصفقة، التي نفذت بتوقيت غزة الأبية، ليتقاطع مع مشهدهم مشهد آخر يبرز الحشد الشعبي الكبير المؤيد والداعم للمقاومة، ويبرز قوة تلاحم الشعب الفلسطيني لاسيما سكان غزة مع قيادته، ليبرهن مجددا أن تفكيك حركة المقاومة الإسلامية حماس «عصي»، بل إن الصورة بأكملها وضعت الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حرج مع مناصريها ومنتقديها متسائلين ماذا كان يصنع جيش إسرائيل خلال الخمسة عشر شهراً الماضية في قطاع غزة؟، فلا حماس فُككت، ولا الأسرى أعيدوا!. .. قد يقول قائل أين النصر الذي حققته غزة بعد 47035 شهيد؟، فبالرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم من قوى خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تعرّض الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر ضخمة نتيجة توقف الأنشطة التجارية والصناعية في المناطق المستهدفة، كما تراجعت ثقة الجمهور الإسرائيلي في قيادته السياسية والعسكرية، التي فشلت في حسم المعركة، بل وواجهت انتقادات شديدة بسبب استراتيجيتها غير المجدية في قطاع غزة.
* تكبّدت إسرائيل خسائر كبيرة على مختلف الأصعدة خلال هذه الحرب غير العادلة، فقد بلغت تكلفة الحرب 42 مليون دولار، وبلغت الخسائر الاقتصادية أكثر من 34 مليار دولار، كما بلغ إجمالي العجز في الميزانية 37.5 مليار دولار، كما أغلقت 60 شركة إسرائيلية، وتراجع قطاع السياحة بنسبة 70%، أما من حيث الخسائر البشرية فقد أسفرت الحرب عن مقتل 810 جنديا إسرائيليا، وتم استدعاء نحو 220 ألف جندي من الاحتياط، وأصيب نحو 14 ألف جندي إسرائيلي، بمعدل ألف مصاب شهرياً، فضلا عن ما واجهه الاحتلال من ضربات نوعية وجهتها المقاومة، سواء من خلال الصواريخ بعيدة المدى التي وصلت إلى العمق الإسرائيلي، أو عبر العمليات النوعية التي نجحت في استهداف مواقع استراتيجية، إلى جانب الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، أُجبر آلاف المستوطنين على النزوح إلى مناطق أكثر أمانًا، ما شكّل ضغطاً داخلياً هائلًا على الحكومة الإسرائيلية، دونما أن ننسى الإخفاق الأمني والاستخباراتي الذي وصم الحكومة الإسرائيلية منذ عملية طوفان الأقصى.
* على الجانب الآخر، قدم الشعب الغزي تضحيات جسيمة، حيث استُشهد المئات وأُصيب الآلاف جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، دُمّرت منازل ومرافق حيوية، وزادت معاناة السكان بسبب الحصار، لكن هذه التضحيات، التي اعتقد الاحتلال أنها ستُضعف الشعب وتؤدي إلى قلب الشارع الغزي على المقاومة، جاءت بنتائج عكسية، فبدلاً من أن ينهار الدعم الشعبي للمقاومة، ازداد الالتفاف حولها كخيار وحيد للدفاع عن غزة وحمايتها من الاحتلال، كما تأكد المؤكد أن كتائب عز الدين القسام وعناصر المقاومة المسلحة تمثل الدرع الحامي لهم، وأن معركتهم ليست فقط من أجل البقاء، بل من أجل الحرية واستعادة الحق الفلسطيني المنهوب منذ 76 عاماً وليس الآن.
ختامًا...
في ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن غزة أثبتت مرة أخرى أن إرادة الشعوب أقوى من آلة الحرب، فصمود المقاومة، وحجم التضحيات المقدمة، والتفاف الشعب حولها، كلها عوامل عززت فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، ورغم الثمن الباهظ الذي دفعه أبناء غزة، يبقى المشهد يؤكد أن النصر يبدأ من الثبات، وأن الشعوب التي تقاوم لا يمكن أن تُركع، وانتصار أهالي غزة كان «خاوة» أي رغما عن أنف «النتن ياهو» ومن ناصره.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
صحفية فلسطينية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13593
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1797
| 21 نوفمبر 2025
في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17 عاماً إلى أسمى آفاق الإنجاز، حين حجزوا مقعدهم بين عمالقة كرة القدم العالمية، متأهلين إلى ربع نهائي كأس العالم في قطر 2025. لم يكن هذا التأهل مجرد نتيجة، بل سيمفونية من الإرادة والانضباط والإبداع، أبدعها أسود الأطلس في كل حركة، وفي كل لمسة للكرة. المغرب قدم عرضاً كروياً يعكس التميز الفني الراقي والجاهزية الذهنية للاعبين الصغار، الذين جمعوا بين براعة الأداء وروح التحدي، ليحولوا الملعب إلى مسرح للإصرار والابتكار. كل هجمة كانت تحفة فنية تروي قصة عزيمتهم، وكل هدف كان شاهداً على موهبة نادرة وذكاء تكتيكي بالغ، مؤكدين أن الكرة المغربية لا تعرف حدوداً، وأن مستقبلها مزدهر بالنجوم الذين يشقون طريقهم نحو المجد بخطوات ثابتة وواثقة. هذا الإنجاز يعكس رؤية واضحة في تطوير الفئات العمرية، حيث استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم في صقل مهارات اللاعبين منذ الصغر، ليصبحوا اليوم قادرين على مواجهة أقوى المنتخبات العالمية ورفع اسم بلادهم عالياً في سماء البطولة. وليس الفوز وحده، بل القدرة على فرض أسلوب اللعب وإدارة اللحظات الحرجة والتحلي بالهدوء أمام الضغوط، ويجعل هذا التأهل لحظة فارقة تُخلّد في التاريخ الرياضي المغربي. أسود الأطلس الصغار اليوم ليسوا لاعبين فحسب، بل رموز لإصرار أمة وعزيمة شعب، حاملين معهم آمال ملايين المغاربة الذين تابعوا كل لحظة من مغامرتهم بفخر لا ينضب. واليوم، يبقى السؤال الأعمق: هل سيستطيع هؤلاء الأبطال أن يحولوا التحديات القادمة إلى ملحمة تاريخية تخلّد اسم الكرة المغربية؟ كل المؤشرات تقول نعم، فهم بالفعل قادرون على تحويل المستحيل إلى حقيقة، وإثبات أن كرة القدم المغربية قادرة على صناعة المعجزات. كلمة أخيرة: المغرب ليس مجرد منتخب، بل ظاهرة تتألق بالفخر والإبداع، وبرهان حي على أن الإرادة تصنع التاريخ، وأن أسود الأطلس يسيرون نحو المجد الذي يليق بعظمة إرادتهم ومهارتهم.
1173
| 20 نوفمبر 2025