رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

- أستاذ القانون العام بجامعة قطر
[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

1662

أ. د. حسن عبدالرحيم البوهاشم السيد

ضمانات التحقيق والدفاع قبل توقيع الجزاء على الموظف

21 نوفمبر 2024 , 02:00ص

من الدعاوى التي فصلت فيها المحاكم القطرية مؤخرًا، دعوى جاءت وقائعها في أن إحدى الموظفات العاملات في مؤسسة عامة طبية قد صدر في حقها قرار بتوقيع جزاء تأديبي عليها تمثل في إنذارها بعدم تكرار المخالفة، وتأخير ترقيتها لمدة سنتين، وخضوعها لخطة تدريبية. فتظلمت الموظفة من هذا القرار في المدة المحددة للتظلم في لائحة الموظفين بالمؤسسة، فتم بناء على هذا التظلم إلغاء جزاء تأخير الترقية لمدة سنتين، مع إبقاء جزاء الإنذار والخضوع للخطة التدريبية. لم تقبل الموظفة بهذا الجزاء التأديبي فطعنت عليه أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية، فحكمت هذه المحكمة لصالحها مُلغية القرار، فلم ترتض جهة العمل بهذا الحكم فطعنت عليه أمام محكمة الاستئناف، فذهبت هذه الأخيرة إلى إلغاء حكم أول درجة ورفض الدعوى، الأمر الذي يترتب عليه سريان القرار في حق الموظفة. فلجأت الموظفة إلى محكمة التمييز ناعيةً على حكم محكمة الاستئناف الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي ذلك تقول بأنها دفعت أمام محكمة الاستئناف بأنه لم يجر تحقيق معها قبل توقيع الجزاء عليها، وأن مجلس التأديب تم تشكيله على خلاف ما تقرره لائحة شؤون الموظفين في المؤسسة، غير أن محكمة الاستئناف لم تلتف إلى دفاعها ولم تبحث فيه. فنظرت محكمة التمييز في نعي الموظفة على الحكم ورأت أنه في محله، وفي ذلك تقول بأن المشرع تقديرًا منه لما قد يترتب على الجزاءات التي توقع على الموظف من آثار حاضرة ومستقبلية على حياته الوظيفية، والتزامًا منه بالضمانات الأساسية لحق الدفاع، استوجب أن يكون توقيع الجزاء على الذنب الإداري مسبوقًا بتحقيق متكامل لا يقتصر على بعض عناصر الاتهام، بل يحيط بها جميعًا، ويمحص أدلتها، وأن ذلك يتطلب بالضرورة «وجوب اطلاع الموظف على المخالفة التأديبية المسندة إليه، ومواجهته بشواهدها وشهودها وسماع أقواله ودفاعه بشأنها، وما قد يتساند إليه من شهود نفي، وأن التغاضي عن ذلك يفقد التحقيق مقوماته، ويحيد به عن أهدافه، فيشوبه النقصان، ويوصمه بالبطلان. وبينت محكمة التمييز القطرية بأنه بعد الانتهاء من التحقيق وفقًا للضمانات التي أوجبها المشرع، فإن لمدير المؤسسة إن رأى أن المخالفة مما يستدعي في شأنها المضي بالخصومة التأديبية، أحال الموظف لمجلس التأديب وفقًا للإجراءات المنصوص عليها باللائحة وبالتشكيل ذاته المحدد بها، والذي راعى المشرع - كون الموظفة ممن تندرج وظيفيًا ضمن فئة الأطباء والفنيين الطبيين وممارسي المهن الطبية المساعدة فيه - تنوعه الفني، وتكامله الوظيفي، وتدرجه الرئاسي، فيرأسه المدير الطبي أو من يفوضه باعتباره الملم بالنواحي الطبية، ويكون ضمن عضويته الخبير القانوني للمؤسسة ومدير إدارة الموظفين ليشمل التشكيل الجانبين القانوني والمسلك الإداري..». وبناء على هذا التأسيس تقول محكمة التمييز بأنه إذا تم توقيع الجزاء على الموظف وقد تخلفت هذه الضمانات افتقد الجزاء مشروعيته، ولحقه البطلان، ووجب على القاضي إلغاؤه. وأنه لما كانت الموظفة قد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم مراعاة جهة العمل لهذه الضمانات، إلا أن محكمة الاستئناف لم تمحص هذا الدفع ولم تلتفت إليه، فإن حكمها يكون معيبًا. في هذه الدعوى تعرضت محكمة التمييز لأحد عيوب القرار الإداري وهو عيب الشكل، مبينةً أن إجراء التحقيق المتكامل والالتزام بالتشكيل الذي حدده المشرع لمجلس التأديب يعدّان من الأشكال الجوهرية المقررة لصالح الموظف، ويؤدي عدم اتباعها إلى بطلان القرار. هذا والله من وراء القصد

مساحة إعلانية