رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خالد الحروب

خالد الحروب

مساحة إعلانية

مقالات

633

خالد الحروب

المسلمون والقدس.. الزيارة والاستثمار والدفاع

21 سبتمبر 2015 , 02:33ص

ربما لم يتبق ما يُقال عن أحداث الأقصى الأخيرة وتواصل الجرائم الإسرائيلية التي تحميها وترعاها حكومة يمينية متطرفة، تستهدف في نهاية المطاف تهويد القدس بأكملها وقضم المسجد الأقصى والحرم الشريف، وتقسيمه مكانيا وزمانياً.

كل عبارات الشتم والإدانة والشجب قيلت وكُررت. كما أعيد تدوير النواح على مواقف الحكومات والدول العربية والإسلامية وقعودها وتخاذلها عن فعل شيء. وكذا قيل الشيء نفسه عن مواقف منظمة التضامن الإسلامي بل وحتى الدول الغربية والأمم المتحدة.

ذلك كله لم يعن شيئاً بالنسبة لإسرائيل لأن حاصل جمعه النهائي رطانة لغوية خالية من دسم الفعل الحقيقي. إسرائيل تنظر بعين الاستهزاء والسخرية إلى العرب والمسلمين ومئات ملاينهم وهي تراهم غارقين في طحان حروب دموية وصراعات تستنزفهم حتى النهاية.

إنجازات المشروع الإيراني المقاوم والممانع في المنطقة في إثارة الحروب وتقسيم البلدان من العراق وسورية إلى لبنان واليمن أحالت فلسطين إلى آخر جدول الاهتمام على الأجندة الإقليمية. فكيف والأمر كذلك يمكن لإسرائيل أن تحسب أي حساب لغثاء سيل تصريحات الشجب والإدانة التي تنهال بلا توقف؟ كيف لها أن تحسب أي حساب وهي لم تر ولا حتى مسيرة احتجاج واحدة أو مظاهرة حقيقية في أي بلد من البلدان العربية أو الإسلامية ضد ما تقوم به. بل والأنكى من ذلك أن مظاهرات التأييد والاحتجاج الخجولة التي نُظمت في فلسطين ذاتها تعرضت للقمع والضرب والإهانة من قوات أمن السلطة الفلسطينية التي لم تتفجر بطولتها إلا على الفلسطينيين أنفسهم، وهو أمر يغرقنا جميعا في الخجل والعار حقاً.

على كل حال يبقى السؤال الكبير والصعب، ما العمل؟ لن تكرر هذه السطور ما طالب به كثير من المخلصين لجهة استنهاض سياسة عربية وإسلامية قوية وحقيقية، وكذلك مطالبة الدول التي لها علاقة رسمية مع إسرائيل بجهد مضاعف، بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية أوالتهديد بقطعها على الأقل (الأردن ومصر على وجه التحديد). ما تتوقف عنده هذه السطور هو دور الجهات غير الرسمية في العالم العربي والإسلامي في حماية القدس والوقوف ضد تهويدها المتسارع.

التهويد المتسارع يهدف ببساطة إلى تحويل القدس كلها، وتحديداً القدس الشرقية، إلى مدينة يهودية خالصة،

مقابل هذا الانفتاح اليهودي العريض على القدس والفيضان الذي لا يهدأ والذي يأخذ أشكالاً عديدة، يتمترس العرب والمسلمون وراء خرافة الخوف من التطبيع ويمتنعون طوعا عن زيارة استثمار المسوغ الديني لزيارة القدس، فضلا عن الاستثمار فيها وتشغيل الفلسطينيين. ما الذي يضير القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية لو توافدت إليها مواكب زوار دائمين من العرب والمسلمين وضمن برنامج يستهدف تعزيز صمود المقدسيين والحفاظ على صورة المدينة الإسلامية المسيحية ومتعددة الأديان وليست المقصورة على الجانب اليهودي؟

سيقول كثيرون إن مثل هذه الدعوة تعني التطبيع المجاني مع إسرائيل، وكأن التطبيع مع إسرائيل ليس قائماً وعلى أعلى المستويات العلنية والسرية. وكأن التضحية بالقدس وأهلها وهويتها تصبح مقبولة من أجل المحافظة على شعار عدم التطبيع والذي وإن كان مطلوبا بقوة في ظروف وحالات أخرى، فإنه في حالة القدس يتحول إلى سياسة تخدم إسرائيل وتفيدها. ما الذي تريده إسرائيل أكثر من الامتناع الطوعي الإسلامي والعربي عن التوجه للقدس وزيارة الأماكن الدينية والسياحية فيها، والعمل على كسر الصورة والطابع اليهودي الذي يُفرض عليها؟ ما الذي تريده إسرائيل أكثر من الامتناع الطوعي للرأسمال العربي والإسلامي عن الاستثمار في القدس وتشغيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين والمساهمة في إبقائهم مزروعين في أرضهم وقدسهم؟ سيقول كثيرون هنا إن فتح الباب للزيارة والاستثمار العربي والإسلامي في القدس سوف يفتح مجالات وقنوات تستغلها إسرائيل على الفور. وهذا صحيح طبعاً، لكن نجاح إسرائيل أو فشلها في ذلك مرهون بنا وبسياستنا وكيفية وآلية الزيارة والاستثمار، ويجب أن لا يمنع ذلك من وضع خطط وقائية تحبط ذلك مسبقا.

مع كل سنة تمر تتهود القدس أكثر وأكثر وتضيق عليها حلقة التهويد لتصل إلى مربع الحرم الشريف نفسه. ومع كل سنة تمر تضعف شوكة مقاومة المخططات الصهيونية ويزداد الاستعداد النفسي لتقبل مخططات التهويد.. ذلك أن تهيئة وتحضير الأجواء لتلك المخططات عبر الاعتداءات المتواصلة صارت أمراً يعرفه الجميع. ومع كل سنة تمر تقل حتى أعداد الفلسطينيين المتواجدين في القدس للدفاع عنها، جراء ضغوطات الإفقار والتهجير التي تنفذها إسرائيل بشكل متواصل. ومع كل سنة تمر نقصف، نحن في الخارج، إسرائيل بشعارات عدم التطبيع وفتاوى تحريم زيارة القدس عدة مرات، لمنع كل من يفكر بالتضامن مع أهلها، ثم نأوي إلى وسائد التلطي والكسل فرحين بشعاراتنا بقية السنوات.

مساحة إعلانية