رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، استطاع زعيم "ليكود" أرييل شارون أواخر عام 2000، أن يقود حكومة أيهود باراك العمالية إلى الانهيار، وفرض الذهاب إلى انتخابات مبكرة ما لبث أن فاز بها اليمين، ومن بين ما قاله شارون آنذاك إنه سيعيد الفلسطينيين إلى الوضع الذي كانوا عليه في قضيتهم غداة عام 1948، أما خلفه بنيامين نتنياهو، الذي يستعد لإحراز انتخابات يوم غد 22/1/2013 المبكرة، فخاض معركته متحالفاً مع أقصى اليمين (إسرائيل بيتنا) بمحاور معلنة، لا دولة فلسطينية، ولا مفاوضات إلا على أساس الاعتراف بـ"يهودية" الدولة الإسرائيلية، ولا تجميد للاستيطان بل المضي في توسيعه، أي أن نتنياهو يريد أن تكون حكومته المقبلة الأولى في مرحلة "ما بعد القضية الفلسطينية".
انشغال العالم العربي بتحولات ما بعد "الربيع العربي" وخيباته، فضلاً عن الوجهة المأساوية التي تتخذها الأزمة السورية، وإمعان الإدارة الأمريكية في الانكفاء عن الاهتمام بمسألة السلام في الشرق الأوسط، ساهمت في عدم تسليط الأضواء على ظاهرة التطرف المتزايد في إسرائيل بجناحيه المتحالفين، السياسي والديني، العاملين بالتلازم والتكافل ضد أي تسوية سلمية مع الفلسطينيين، ويلاحظ المحللون أنه لم يعد هناك سقف لهذا التطرف، فالذين ظنوا أن أفيغدور ليبرمان بلغ الحد الأقصى من خلال "إسرائيل بيتنا" سجلوا ظهور نفتالي بينيت وحزبه "البيت اليهودي" على يمين ليبرمان، وهو يشارك الحزبين الرئيسيين في رفض إقامة دولة فلسطينية، ويذهب أبعد من أطروحاتهما – المعلنة على الأقل – بالدعوة إلى ضم خمسة وستين في المائة من الضفة الغربية.
وتمثل تحالف المتطرفين الديني والسياسي في إجماع استطلاعات الرأي على أن الكنيست المقبلة ستضم عددا قياسيا من النواب المتدينين فيما يعتبره بعض الخبراء رد فعل على صعود تيار الإسلام السياسي في البلدان العربية. والمتوقع أن يحتل المتدينون ثلث مقاعد البرلمان الجديد (40 نائباً)، فيما كان العدد الأقصى الذي بلغوه خمسة وعشرين نائبا في البرلمان السابق، ويعني تزايد هؤلاء تعزيزا لنفوذ المستوطنين واستبعادا لأي حل سلمي وضغوطا أكبر على الأقلية المسلمة، لكنه يعني أيضا على المستوى الداخلي "إضعافا للديمقراطية" وتزايدا في العنصرية بين اليهود أنفسهم، وبينهم وبين الآخرين، كما أنه سيفرض تغييرا في المزاج الاجتماعي.
يستدل من النقاش الدائر في إسرائيل حول تسيس المتدينين وتدين السياسيين، أن الكثير من المصطلحات السائدة الآن في المجتمعات "الربيع – عربية"، سواء بالنسبة إلى التخوف على الحريات أو القلق من اختلال المسار الديمقراطي أو تفاقم الانقسام الاجتماعي، لكن الفارق الكبير أن المتدينين الإسرائيليين ينبرون للدفاع عن سرقات الأرض الفلسطينية، وعن الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني من جراء سياسات طبقها علمانيون إسرائيليون تبنوا على الدوام نهجا لا يعترف بقوانين دولية أو أخلاقيات إنسانية ودينية، وإذ يعزى إلى هؤلاء العلمانيين أنهم أمعنوا في عسكرة المجتمع، فإن المتدينين سيأتون لتزويج العسكرة إلى التدين، ليكون النتاج دولة مارقة.
ولعل أسوأ الظواهر التي طرأت في العقدين الأخيرين وباتت حاليا ملموسة وذات نفوذ، هي جنوح السياسة الإسرائيلية إلى الأخذ بما حمله المهاجرون الروس والآخرون من الدول السوفييتية السابقة، كانت بين هؤلاء أقلية نخبوية مثقفة انتظمت في أحزاب اليسار والوسط، أما الأكثرية فاندفعت إلى أقصى اليمين والقوى غير الديمقراطية متأثرة بأنه لم يكن لديها أي تقليد ديمقراطي، في البلدان التي هاجرت منها، والواقع أن القادمين كشفوا الوجه الحقيقي لما يسمى "ديمقراطية إسرائيلية"، إذ وجدوا لديها استجابة تلقائية لـ"أخلاق المافيا" التي جاؤوا بها ويعتبر ليبرمان، القادم من مولدافيا، أحد أبرز ممثليها.
وبسبب هؤلاء تغيرت الخريطة السياسية في إسرائيل، إذ انحسر نفوذ اليسار والوسط لمصلحة تحالف أعاد أيضا صياغة الصهيونية بابعادها العسكرية والدينية والمافياوية.
في نظرة إلى خريطة الـ14 حزبا التي تخوض الانتخابات، يتبين أن تصنيفات اليمين واليسار، لم تعد دقيقة، فالمشهد تغير لنجد أن أحزاب اليمين والمتدينين هي الأكثر استقطابا للناخبين، وفقا للاستطلاعات، في حين أن أحزاب الوسط واليسار، فضلا عن الأحزاب العربية، تكافح للحصول مجتمعة على ما يزيد قليلا على ثلث مقاعد الكنيست، وفي أي حال لم تكن التصفيات هذه لتعني شيئا بالنسبة إلى التعامل مع الشأن الفلسطيني، غير أن اليمين ماض في إنتاج ثقافة تجاوز القضية الفلسطينية، فبعدما أدت التطورات إلى تكذيب مقولة غولدا مائير بأن ليس هناك شعب فلسطيني، يحاول اليمين راهناً نفي وجود قضية لشعب موجود تحت الاحتلال الإسرائيلي تحديدا، بل التصرف وكأن إسرائيل لا تدين بشيء إلى المجتمع الدولي الذي لا يزال موقفه المعلن والثابت أن هذا الاحتلال يجب أن يزول.
في خضم الحملة الانتخابية أخرج صحفي يهودي كلاماً قاله الرئيس الأمريكي بعيداً عن الإعلام، مفاده أن نتنياهو لا يعرف ما هو جيد لإسرائيل، وانه يقود سياسة تدمير ذاتي تحوّل إسرائيل إلى دولة منبوذة وتتنكر حتى لصديقتها الأخيرة الولايات المتحدة.
الواقع أن زعيم "ليكود" قاد ويقود سياسة تدمر هيبة الولايات المتحدة ومصداقيتها حول العالم، فليس سراً أن "ملف السلام" في الشرق الأوسط متروك لأمريكا، لكنها تقاعست عن تحمل المسؤولية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2334
| 10 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
831
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
702
| 11 ديسمبر 2025