رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد الحبر يوسف

محمد الحبر يوسف

مساحة إعلانية

مقالات

856

محمد الحبر يوسف

معاركنا كيف نخوضها...

20 يونيو 2015 , 02:54ص

المعركة بين الإسلام وخصومه معركة طويلة الأمد، كثيرة العوالم، وقد شهد التاريخ أن الإسلام لم يكن في يوم من الأيام داعيا إلى أن تكون معركته مع الناس والحضارات معركة خصومة وعداء، بل كانت - في جميع أوضاعها الطبيعية- معركة هداية وحجج وبراهين، ولذلك فلا عجب أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه وقد أعطاه الراية يوم خيبر:(أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لئن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم) وأمر الله موسى أن يرفق بفرعون وأن يقدم له دعوته في سماحة ويسر لعله يتذكر أو يخشى(اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى.)

ومن هنا نعلم أن سلاح الإسلام الذي يصول به ويجول ما هو إلا فكرة نيّرة، ينتصب لها رجال يحسنون عرضها، ويستبسلون في الدفاع عنها، وقد كتب الله على هذه الأمة في عصرها الحاضر أن تخوض معركة فكرية شرسة مع تيارات وحضارات ودول مزودة بكل وسائل التأثير والقهر، وهذا الوضع الجديد يتطلب من الأمة أو قل من طليعتها التي تخوض المعركة نيابة عنها أن تكون على قدر كبير من الرشد، وأقول الرشد لأن القرآن أخبرنا أن الحرية الفكرية التي منحها الله للناس أساسها وضوح الرشد الذي لا يرفضه إلا سفيه (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغَي) فحتى يقع التمايز الكامل بين الأمة المسلمة وبين غيرها من الأمم لا بد من أن تتميز الأمة برشدها في المنهج والتصورات، وفي السلوك والاهتمامات، وبذلك وحده يتجسد النموذج الإسلامي الذي يقيم الحجة على العباد، ويحقق الشهادة لهذا الدين.

إن الرشد صفة أساسية من صفات الذين يريدون أن ينتصروا للدين ويجادلوا عنه، وقد أخبرنا الله جل وعلا أنه امْتَنّ على أبينا إبراهيم بالرشد (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين)، والخاطر الذي جاءني في هذا هو أن إبراهيم عليه السلام قد جادل أصنافا من الناس.. جادل أباه وقومه وجادل النمرود الذي آتاه الله الملك، وساق في مجادلاته كلها حججا عقلية، وأدلة منطقية أفحمت المعاند والجهول، وهذا من كمال الرشد، فالدعاة إلى الله بحاجة إلى أن يُحسنوا قوة المنطق والحجة وهم يخوضون غمار معركة الفكر التي كتبت عليهم.

ومن معالم الرشد في معركة الإسلام المعاصر أن لا يَنْجَرّ الدعاة إلى القضايا الجانبية التي تصرفهم عن الاهتمام بتحدياتهم الكبرى في مجالات النهوض بالحياة، فلا يكترثوا كثيرا بتتبع الشواغل الإنصرافية، وقد لا حظ أستاذنا الدكتور بسطامي محمد سعيد وهو يعرض كتاب (الإسلام السياسي) للباحث جرهام فللر الذي شغل منصب نائب رئيس المخابرات الأميركية (سي آي إيه) لاحظ أن الكاتب ينصح الإسلاميين أن لا ينشغلوا بردود الأفعال الوقتية التي تبعدهم عن غاياتهم الكبرى، ومشاريعهم الرئيسة، وقال إن هذا النصح فيه توجيه ماكر وإيحاء لدوائر صنع القرار بأن تتقن فنون إشغال الإسلاميين بالقضايا الجانبية التي تبدد الوقت والجهد، فهل يعي الإسلاميون ذلك؟

قلت في المقال السابق إن المعركة الفكرية الشرسة التي تخوضها الأمة الإسلامية اليوم، تحتاج منها إلى رشد كامل تتميز به في فكرها وسلوكها، وقد بين الله لنا في كتابه الكريم أن أبرز معالم هذا الرشد أن تكون الاستجابة لله تامة -لا تعارض برأي ولا هوى متّبع - وبغير هذه الاستجابة لا يتحقق الرشد في واقع الجماعة المسلمة، وإنما هو التخليط والعماية.. قال تعالى:(فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).

ولا شك أن المتتبّع لتاريخ الهزائم الفكرية التي أصابت المسلمين أو طوائف منهم يدرك أن مردّها الأخير راجِعٌ إلى التخليط الذي أريد له أن يجمع بين المتنافضات، وأن يؤلف بين الإسلام وغيره من الفلسفات، حتى جاء علينا زمان أصبحنا نسمع فيه بمصطلحات (العلمانية المؤمنة) و(الديمقراطية الدينية)! وكأن واجبنا نحن المسلمين أن يكون غاية سعينا المقاربة بين الإسلام وغيره، والحرص على التعايش مع الثقافات المهيمنة، ولو أدى ذلك إلى مصادرة حقوقنا الطبيعية في الاختلاف معها!، وهل من فتنة أعظم من أن تتعرض ثوابت ديننا إلى ما يخلخلها لأن نفرا من المسلمين يطمع أن يقول للحضارة السائدة اليوم لا خلاف أصيلا بيننا وبينكم، فالمواطنة هي أساس الحقوق عندنا كما هي عندكم، والديمقراطية التي انتهيتم إليها هي النظام المُرْضي الذي يمكن أن يظلَّنا، وكل ما قررتموه من حقوق للإنسان والطفل المرأة لا تعارض بينها وبين شريعتنا، مع اعتراف كامل لكم بفضل تقنين هذه الحقوق وتفصيلها؟

وهذا النوع من الانهزام النفسي والفكري مضر بمستقبل الإسلام والأمة التي تمثله لأنه سيؤدي في نهاية المطاف إلى مسخ هوية الأمة وضياع رشدها بل وضياع كيانها.

وإنكارنا على هؤلاء المنهزمين في معركة الأفكار لن يحملنا يوما على مهادنة طائفة أخرى من المنتسبين للدعوة، الذين يقدمون الإسلام للعالم وكأنه دين يؤيد استبداد السلطان، ويضيق ذرعا بالحوار، ولا يحترم حق الإنسان في الاختيار، وهذا الصنف من الدعاة ربما لا تنقصهم الحماسة الإيمانية ولكن ينقصهم - بلا شك- الوعي بطبيعة هذه المعركة التي يوظف فيها الإعلام كل كلمة تقال لخدمة المخطط الكبير الرامي إلى محاصرة الإسلام وتشويه صورته.

وإذا كان العدو يروّج لمعركته معنا على أنها معركة أفكار وقيم ويعلن على رؤوس الأشهاد أنه يقاتل باسم المبادئ الأخلاقية الإنسانية العامة، فإن من واجبنا نحن الدعاة أن نخوض هذه المعركة بفكر نيّر، ينتصر لقضايانا بحجج عقلية، وشواهد تاريخية وواقعية، لاسيَّما فيما يتصل بقضايا العدالة، وصون الحريات العامة، والانفتاح العقلي في تقبل الحكمة الإنسانية، دون مساس بثوابت الدين أو تقليد للآخرين.

وإن تعجب فعجب لعجزنا نحن المسلمين عن إدانة قيم الغرب الذي انتهك حقوق الإنسان كأسوأ ما يكون الانتهاك، والأدلة التاريخية القاطعة تحتفظ له بأقبح سجلات دموية في تاريخ الإنسان بداء من قتل 80 مليونا من سكان أميركا الأصليين، مرورا بكارثة القنابل النووية على هيروشيما ونجازاكي، وانتهاء بشلالات الدماء في أفغانستان وعراق اليوم، فلماذا لا يستثمر الدعاة إلى الله هذه الجرائم الأخلاقية بمهارة وذكاء لكشف القناع عن الوجه القبيح الذي يحاربنا باسم الكرامة الإنسانية، ونشر مبادئ الديمقراطية؟

اقرأ المزيد

alsharq الدجاجة التي أسعدت أطفال غزة

دخل على أولاده بدجاجة فهللوا وسجدوا لله شاكرين! هذا كان حال عائلة غزاوية من قطاع غزة حينما أقدم... اقرأ المزيد

171

| 28 أكتوبر 2025

alsharq كم تبلغ ثروتك؟

أصبحنا نعيش في عالم تملأه الماديات، نظرة بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي تجعلنا نرى أثر الحياة السريعة المادية... اقرأ المزيد

156

| 28 أكتوبر 2025

alsharq التواصل الذي يفرقنا

جلست بالسيارةِ وحتى البحر عبرتُ وخلال مجلسي في الاستراحةِ نظرتُ لكل من يجلس حولي حتى ذلك الطفل الصغير... اقرأ المزيد

114

| 28 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية