رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عادل الحواتمة

أستاذ العلاقات الدولية، جامعة لوسيل

مساحة إعلانية

مقالات

603

د. عادل الحواتمة

من يوقف نتنياهو؟

20 أبريل 2025 , 02:12ص

على الرغم من الانطباع المباشر الذي قد يتشكل لدى القارئ حول جدوى التساؤل ودوافعه: مستندًا لضخامة حجم الدمار على كافة الصعد، وبأن المتضرر الأساسي من هذه الحرب هي فلسطين بالمجمل، وهي كذلك بكل أسف، إلا أن ذلك لا يمنعك عزيزي القارئ أن تتصور بأن نتنياهو أسهم في جعل هذا التساؤل يُطرح أيضًا إسرائيليًا، ولم يقف عند هذا الحد، بل امتد فضاؤه هذا إقليميًا ودوليًا. هذه ليست مبالغة - اقصد مستويات التساؤل - فحالة النشوة والبلطجة والتمرد التي يمارسها نتنياهو لا تتوقف على الرغم من الإجماع بين كل ما ذكر من مستويات على الأهمية والحاجة الملحة لوقف الحرب المُستعرة على فلسطين: سواء كانت بشكلها الحالي كحرب معلنة وظاهرة على القطاع، أو كحرب يومية «تصفوية» إحلالية تجريدية تمارس بحق الضفة الغربية، أو كحرب حقوقية إدماجية موجهة ضد فلسطينيي الداخل.

* لا يُمكن للعقل أو القلب أن يرضيا بتعطيل الأدوات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية وانتظار ظروف مشابهة كتلك التي احاطت بإسحاق رابين للتخلص من نتنياهو لوقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها اهلنا في فلسطين. إن كلفة الانتظار عالية، سواء على المواطن الفلسطيني أو على المقاوم الفلسطيني، مع القبول بصحة وصف الأول بالثاني، ولكن، ولأغراض تناول الموضوع بمصداقية، تمت محاولة الفصل لبيان ذلك الأثر على المقاومة والحركات التحررية الفلسطينية في الميدان وعلى المواطن الفلسطيني الشجاع الأعزل.

* يؤدي استمرار الحرب الظالمة على فلسطين - قطاع غزة إلى إنهاك المقاومة وتآكل قدرتها على الصمود لآجل طويل، كما ينزع عنها بكل أسف الموقف التفاوضي الصلب والذي يحقق أدنى المتطلبات على الاقل بوقف الحرب والحفاظ على ما تبقى من بشر وحجر. للأسف، لا تعيش المقاومة الآن أجمل أيامها ولا نتمنى لها ولنا هذا، فهي حاليًا تعيش مرحلة ذاتية خالصة من حيث الإنتاج وإدارة المعركة، وتواجه محدودية في الخيارات، إلى جانب إغلاق الجبهات: لبنانيًا بشكل مطلق ويمنيًا بشكل جزئي.

* فيما يؤدي التأخير في التوصل لاتفاق إلى ضرر أبلغ مما هو بالغه حاليًا بحق المواطن الفلسطيني الأعزل المُطالب بالثبات والصمود دون وجود ما يسند ذلك إلا في حالات ضيقة إنسانيًا ودبلوماسيًا. فالإنسان له قدرات محدودة على الصمود والمقاومة، فعلى الرغم من إيماني باستثنائية صمود الفلسطيني، إلا أن قدرته على الصمود تتقوض بفقدان الغذاء والماء والمأوى نتيجة تجفيف منابع كل ما هو إنساني وذو منشأ دولي، وخفوت الأصوات الداعمة له تلك التي تتعرض لمحاولة قهر اعلامي وسياسي واقتصادي، وربما عسكري، مستثنى من ذلك محاولات جادة دبلوماسيًا تسهم فيها كل من قطر والأردن ومصر والسعودية. فلا يمكن ولا يكفي على الإطلاق تبني سردية «لا للتهجير» بمعزل عن وسائل دعم وإسناد تسهم في تثبيت صمودهم، فما يتعرضه له الفلسطينيون هو أكثر من مجرد حرب محدودة و»مسقوفة» بتحقيق جملة أهداف، إنها حرب تسعى لتصفية القضية والتخلص من كل ما هو فلسطيني.

*على الرغم من الضرر الذي وقع بشكل مباشر على فلسطين فنحن مأخوذين بالسياق أيضًا، إن تقزيم صورة العربي والمسلم المُقصر في نصرة أخيه، هي أيضًا ضرر بالغ قد سوّد صورتنا وزادها قتامة في نظر الشعوب المقابلة، كما أن عدم قدرتنا على النصرة لأسباب عديدة قد أورث في قلوبنا سكونًا، وجرحًا لا يبرأ، فكيف لنا ممارسة أدوار الفروسية والشجاعة والنصرة في ظل هذا التقصير. وبذات الوقت لا يمكن استثناء مجتمع الكيان من آثار تلك الحرب، فالضرر طال ايضًا الداخل الإسرائيلي: نتنياهو لم يقصر أيضًا في هذا المستوى: إسرائيل تشهد مرحلة التراجع على كافة الصعد بسبب مواقفه المتعجرفة من هذه الحرب فلقد كان وما زال السبب الوحيد أمام أي تسوية محتملة معبرًا عن لاءاته الأربع خلال مفاوضات باريس 2: لا لوقف إطلاق النار، لا لانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، لا لعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع، ولا لصفقة تبادل الأسرى.

*ولقد شكلت هذه المواقف تحديات عديدة لإسرائيل: من حيث الديموغرافيا والهجرة؛ حيث شهدت إسرائيل في عام 2024 انخفاضًا في معدل النمو السكاني بنسبة 1.1%، مقارنة بـ1.6% في عام 2023؛ من حيث الضغوط الاقتصادية: حيث خصصت ميزانية إسرائيل لعام 2025 مبلغًا قياسيًا قدره 756 مليار شيكل، منها 136 مليار شيكل لسداد الديون الوطنية، وخصصت حوالي 110 مليارات شيكل للقطاع الدفاعي الذي يستنزف بشكل أساسي في الحرب على غزة؛ ومن حيث تآكل البنية التحتية: أثرت الصراعات المستمرة، خاصة الحرب على قطاع غزة، على البنية التحتية والمجتمع بشكل عام وخاصة سكان المناطق الشمالية؛ أما من حيث الانقسام الاجتماعي والسياسي: حيث شهدت إسرائيل ارتفاعًا في حدة الانقسامات والتصدعات العميقة إلى درجة غير مسبوقة، عكست عمق التناقضات الاجتماعية والعرقية وحتى الموقفية تجاه الحرب، مما أثر ولا يزال على استقرار المجتمع.

* لقد أسهمت هذه الأضرار في ردة فعل موحدة، وإن كان بعضها ظاهريا، فتجد أن الجميع يضغط على نتنياهو لوقف الحرب: الداخل الإسرائيلي على مستويات منظمة كقادة وضباط حاليين وسابقين في الأجهزة الأمنية والعسكرية يقدمون عرائض لوقف الحرب؛ الشارع الإسرائيلي متقد منذ بداية الحرب؛ الدول العربية والإسلامية؛ الرأي العام العالمي؛ الدول الأوروبية وروسيا والصين، والولايات المتحدة والمحكمة الدولية والأمم المتحدة، والنتيجة: نتنياهو لا يستجيب! فكيف يمكن وقف عجرفته وصلفه؟ إن الرغبة في الحصول على نتائج مختلفة عما هي الآن، يتطلب تغييرًا في الأدوات والإستراتيجيات من حيث الشكل والمضمون والحدة. يفيض صدري ألمًا وخلافه ولا أستطيع البوح بكل مكنوناته هنا، ولكني أقول بأن الدول العربية والإسلامية قادرة على وقف نتنياهو ولكنها تحتاج لإجماع مواقفها، على الأقل، حول هذا الموضوع، وأنا كفيل بأن الحرب ستتوقف خلال ساعات.

* ما يلزم لتحقيق ذلك هو حالة من تبني خطاب ولغة وسلوك سياسي واقتصادي جديد، والإبقاء على الابواب مع المجتمع الدولي مفتوحة. من حيث الخطاب، تحتاج التصريحات سواء من قبل جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، بأن تصاغ هذه البيانات بحدة أكثر تفتح باب التأويلات المختلفة على مصراعيه، على أن يرافق ذلك مصداقية مجدولة مع تسلسل سياقي واضح من التوجيه باتخاذ مواقف إسلامية وعربية موحدة في ظل استمرار الحرب، بما يوازي ذلك من ضغوط اقتصادية وخاصة على الداعمين لنتنياهو، أن مجرد الطرح بتجميد أي مستقبل اقتصادي لاتفاقيات شراكة وربطها بممارسة أدوار أكبر من الضغط على إسرائيل من شأنه أن يأتي بنتائج إيجابية، ويضاف لذلك الدول العربية المرتبطة مع إسرائيل بمعاهدات سلام، يتوجب عليها التنسيق واتخاذ مواقف موحدة من شأنها دفع نتنياهو للتفكير بجدية في مدى عقلانية مواقفه ودفعه لإخراج ميزان الكلفة والفائدة ليختار على اساسه. بظني، دون هذه الخطوات سنبقى ندور في فلك متاهة استخدام مصطلح «المجتمع الدول» والذي قد يريح البعض وذلك بإلقاء اللوم عليه، في حين أنه قد ينسى أحيانًا بأنه جزء أساسي منه.

 

اقرأ المزيد

alsharq قطر والسعودية.. تكامل لخير البلدين والمنطقة

تولي القيادة في دولة قطر وفي المملكة العربية السعودية أولوية استثنائية للعلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين الشقيقين، إذ... اقرأ المزيد

78

| 05 ديسمبر 2025

alsharq كأس العرب 2025 روعة التنظيم وعمق الرسالة وتميز قطري جديد

شهدت بطولة كأس العرب 2025 التي تقام في قطر هذا العام مستوى غير مسبوق من التميّز، بدءًا من... اقرأ المزيد

114

| 05 ديسمبر 2025

alsharq الرقمنة والتحول الرقمي في قطر.. إنجازات وتحديات

تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في أواسط تلك العشرية أشتغل خبيرا إعلاميا لدى سعادة الدكتور جمعة... اقرأ المزيد

90

| 05 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية