رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يا هلا ومرحباً مليون بضيف البلاد الكبير حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، في داره وبين أهله...
مرحباً بالكويت الغالية.. وطن النهار.. قائداً حكيماً، وشعباً كريماً، ووطناً معطاء..
مرحباً بالكويت الحبيبة.. أرض المحبة والسلام.. مواقف عظيمة، وأدوار مشرفة..
للكويت وقيادتها وشعبها مكانة خاصة لدى قطر وأهلها، وفي وجدان الإنسان القطري، تتجاوز الأطر الرسمية والدبلوماسية، لتنسج علاقات متداخلة أخوية قوية وطيدة...
اليوم..
يستضيف حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أخاه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، ضيفاً كريماً عزيزاً على سموه نيابة عن أهل قطر جميعاً، فضيف سمو الأمير هو ضيفهم، وأمير الكويت الشقيقة أكبر من ضيف، فهو صاحب الدار والمكان.
هذه الزيارة الرسمية الأولى لسمو الشيخ مشعل الأحمد ولقاؤه أخاه سمو الشيخ تميم بن حمد يمثل فرصة أخرى لتعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، وفتح آفاق جديدة من التعاون المثمر على مختلف الأصعدة وفي جميع المجالات.
من المؤكد أن المباحثات التي سيجريها الزعيمان ستضع لبنات جديدة في صرح علاقات وطيدة بين البلدين الشقيقين، وستدفع نحو مزيد من التكامل والتعاون والتنسيق على المستوى الثنائي، وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وتنسيق العمل على الصعيد الإقليمي والدولي.
من نافلة القول المؤكد أن العلاقات القطرية الكويتية علاقات تاريخية متجذرة متماسكة ومتداخلة منذ القدم، وهي تسير في خطوات ثابتة وإيمان قوي وراسخ لدى قيادتي البلدين والشعبين بأهمية هذه العلاقات، واستمرارية نموها وتطورها في مختلف المجالات، بما يعود بالنفع على المصالح العليا للجانبين.
لا نتحدث عن مصالح اقتصادية بحتة، كما هو الحال بين العديد من البلدان، وإن كان هذا الأمر قائماً في جوانب اقتصادية وتعاون استثماري رسمي وبين القطاع الخاص وعلى مستوى الأفراد، ولا نتحدث عن جوانب سياسية بحتة، وإن كان التعاون والتنسيق قائماً بين الجانبين على درجة عالية...
نحن اليوم نتحدث عن علاقات تمثل جسداً متماسكاً متفاعلاً وعلى درجة عالية من التناغم في مساراته.
ما يعزز هذه العلاقات هي الرؤية المشتركة حيال قضايا المنطقة، والمساعي الحميدة، والأدوار الإيجابية التي يلتقي البلدان حولها، خاصة فيما يتعلق بأمن واستقرار المنطقة، وتنمية المجتمعات، واستثمار الإمكانات وتوظيفها بما يعود بالنفع على شعوب المنطقة، ودعم قضايا الأمة، والانتصار لها، والدفاع عنها، وهي مبادئ يؤمن بها البلدان، ومنطلقات في تحديد سياساتهما الخارجية، وقيم أخلاقية تحكم توجهاتهما.
المنطقة بأسرها تتعرض اليوم لمهددات خطيرة، وتحديات كبرى، ربما أبرزها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان صهيوني غاشم، وما يتعرض له قطاع غزة من حرب إبادة شاملة.
وهنا تحديداً تجد الموقف القطري والكويتي متلازمين ومتفقين تماماً في دعم القضية الفلسطينية، والانتصار للشعب الفلسطيني، والدفاع عن قضاياه العادلة، وإدانة الجرائم الصهيونية البربرية، والمطالبة بالوقف الفوري للعدوان الصهيوني على قطاع غزة.
وهناك سياسة ونهج مشترك يجمع البلدين أيضا من بين أمور أخرى، ألا وهو الدعوة إلى معالجة القضايا الخلافية والأزمات عبر الحوار، والجلوس على طاولة التفاوض، لطرح كل القضايا المُخْتَلَف عليها.
هذا التوجه المحمود سارت عليه الشقيقة الكويت، ولطالما استضافت وفوداً للحوار بين الأشقاء، والأمر نفسه في قطر التي برعت في الوساطات، وتحققت بفضل جهودها نجاحات لحل الخلافات بين دول ودول، أو فرقاء بالدولة الواحدة، إذا ما احتدمت بينهم الأزمات، فإن الدوحة تكون هي القبلة لتفكيك هذه الأزمات، وإيجاد حلول جذرية بين تلك الدول والفرقاء، وحققت نجاحات باهرة على هذا الصعيد.
ومن بين المحطات العديدة أيضاً التي يلتقي فيها البلدان قطر والكويت، هي جهودهما الكبيرة نحو تنمية المجتمعات بالدول الشقيقة والصديقة، فكما كان ـ ولا يزال ـ للشقيقة الكويت الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية والذي تأسس في 1961 لتقديم المساعدات للدول النامية، فإن قطر لها جهود جبَّارة على هذا الصعيد، سواء كان من خلال صندوق قطر للتنمية أو المؤسسات الإنسانية والخيرية التي تهدف لدعم الدول والمجتمعات وتوفير الحياة الكريمة لشعوب تلك المجتمعات.
وليس هذا فقط، بل إن هذه المساعي التنموية للبلدين يقومان بها دون أجندات خاصة أو مصالح يسعيان لتحقيقها من خلال دعم الدول والمجتمعات المحتاجة، فهي مساعدات غير مقرونة بأي مواقف، أو الحصول على «أثمان» لهذه المساعدات كما يفعل البعض.
البلدان لديهما من الخبرات والكفاءات البشرية والإمكانات اللوجستية، ما يمكنهما من استثمارهما وتوظيفها لخدمة مشاريع التنمية فيهما، وإيجاد تكامل في العديد من الصناعات في قطاعات مختلفة.
خليجياً..
قطر والكويت ـ كما بقية دول مجلس التعاون ـ لديهما إيمان راسخ بأهمية المنظومة الخليجية، وضرورة بقائها، وليس البقاء فقط، إنما الفاعلية للمنظومة الخليجية بما يعود بالنفع على الدول والشعوب، وبالتالي قوة العلاقة الثنائية القطرية الكويتية من المؤكد أنها تشكل رافعة مهمة في تدعيم العمل الخليحي المشترك، ويعملان جنباً إلى جنب مع أشقائهما في دول مجلس التعاون لتعزيز وتقوية وحماية البيت الخليجي من أي تصَدُّع، والدفاع عن مكتسبات هذه المنظومة.
شعوبنا الخليجية تتطلع أكثر من أي وقت مضى لمزيد من التكامل والتعاون والتنسيق بما يخدم المصالح العليا للمنظومة الخليجية وشعوبها.
أدوار عظيمة للكويت
نستذكر عالياً الأدوار الكبيرة للكويت في مجالات شتى، وكان لها قدم السبق، واستفادت من التجارب الكويتية دول المنطقة، إن كان ذلك سياسياً أو فكرياً أو ثقافياً أو إعلامياً أو رياضياً أو فنياً..، فقد حملت الكويت لعقود مشعل إبداع وتنوير بالمنطقة، وساهمت بفاعلية في تحفيز دول وشعوب ومجتمعات نحو الاستفادة من التجربة الكويتية، والرصيد الهائل والثري الذي تتمتع به، مما جعلها مرتكزاً للكثير من المنطلقات والمبادرات التي شهدتها المجتمعات الخليجية تحديداً والعربية بصورة عامة، خاصة على صعيد مؤسسات المجتمع المدني.
مساهمات الكويت وأبنائها في الكثير من المجالات كانت رائعة، وشكَّلَت دافعية لأفراد ومؤسسات كثر، لاستلهام تجارب ناجحة شهدتها الساحة الكويتية.
ولم تبخل الكويت وأبناؤها في تقديم كل ما يستطيعون، لكل من أتى إليهم باحثاً عن علم أو معرفة أو تجربة أو أفكار، فكانت الكويت الرسمية ـ كما الكويت الشعبية ـ متعاونة داعمة مُسَخِّرَةً إمكاناتها للآخرين بكل ودٍّ ومحبة.
قطر الرسمية والشعبية تستقبل اليوم صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، لنؤكد من جديد على عمق العلاقات الثنائية وخصوصيتها، ونبني معاً صروحاً جديدة من التعاون البَنَّاء والمثمر، ونكمل مسيرة متصلة متجذِّرة من التكامل والتعاون والعلاقات الأخوية الوطيدة بين شعبي البلدين الشقيقين.
حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً سمو الأمير في بلدكم وبين أهلكم..
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8859
| 09 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
5601
| 14 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
5199
| 13 أكتوبر 2025