رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
"أي نفر يشوف ناس من طرف خشم مالهوا... ربي يعاقب هوا"
استغرب.. لا بل استحقر هذه النظرة الدونية من قبلنا تجاه الهنود.. فلماذا ننتقص من قيمتهم وهم أعلى شأنا منا؟! ليس لدي إجابة على ذلك.
يشارك منتخب الهند في بطولة كأس آسيا لكرة القدم التي تستضيفها الدوحة هذه الأيام، وشهدت مبارياته الثلاث التي خسرها جميعها تفاعلا وحضورا جماهيريا كبيرا، إذ ضربت الجالية الهندية هنا أروع مثل في حب الوطن بالوقوف خلف منتخب بلادها وتشجيعه بحماس كبير وقوة متناهية منذ قبل أن يطلق حكم المباراة صفارته إيذانا ببدء المباراة وحتى بعد أن يطلقها للمرة الأخيرة معلنا عن انتهائها. ولا تنقطع هذه الجماهير ولو لبرهة عن تشجيع لاعبي بلادهم، رغم تواضع مستواهم، ومهما كانت نتيجة المباراة سلبية ضدهم ولا عدد الأهداف المسجلة في مرماهم.
لكن العرب لم يرق لهم تواجد الهند في هذه البطولة، وكالوا بلد المليار نسمة ذما وقدحا وعنصرية ونظرة دونية لا حدود لها في وسائل إعلامهم المختلفة، هكذا من دون أي مبرر.
اقرأ على سبيل المثال هذا التصريح الذي ورد في صحيفة عربية: "ودع المنتخب السعودي كأول فريق يغادر من كأس آسيا بهزيمتين متتاليتين من سوريا والأردن فحتى المنتخب الهندي لا يزال ينافس على الصعود للدور الثاني". ومناسبة هذا الكلام خروج المنتخب السعودي الشقيق من البطولة بعد أن تعرض للخسارة الثانية على التوالي أمام شقيقه الأردني بهدف نظيف، وكان قد خسر قبلها أمام الأشقاء السوريين بهدفين مقابل هدف أيضا.. ولكن ضعوا خطين تحت فقرة "حتى المنتخب الهندي" في التصريح. لماذا نزج بالهند هنا؟ وما هي المناسبة التي جعلت هذا الصحفي السخيف يربط خروج السعودية بالمنتخب الهندي دون غيره من المنتخبات المشاركة في البطولة؟
عبارة "حتى المنتخب الهندي" تكرر استخدامها على سبيل الاستهزاء كثيرا في وسائل إعلامنا قبل مجالسنا ومنتدياتنا، ولا غرابة في ذلك فوسائل إعلامنا مرآة لمجتمعاتنا ومجتمعاتنا مرآة لإعلامنا.
كاتب آخر ينتقد خروج المنتخب السعودي من البطولة الآسيوية بالدوحة. وبعد شرح تفصيلي ممل كتب أيضا ".. وحتى الهند الأضعف في البطولة..".. هكذا من غير مقدمات ينتقص من الهنود. وعلى غراره كتب آخر ".. خيبة المنتخبين السعودي والكويتي اللذين خسرا مرتين تماماً مثل المنتخب الهندي.." فأصبحت الهند كالطوفة الهبيطة لكل من هب ودب.
وعندما لم يتمكن المنتخب الإماراتي من تسجيل أي هدف في مباراتيه الأولتين كتبت صحيفة عربية أخرى تقريرا أشارت فيه إلى فشل خط هجوم الأبيض، أي المنتخب الإماراتي كما يحلو لعشاقه أن يطلقوا عليه، بعد جولتين في بطولة أمم آسيا لكرة القدم، في فك عقدة التسجيل، والوصول إلى مرمى المنافس، حيث عجز عن إحراز أي هدف، واحتل المركز الأخير، في ترتيب خطوط هجوم المنتخبات المشاركة في البطولة الآسيوية، حيث تفوقت عليه كافة المنتخبات الأخرى، بما فيها الهند أضعف المشاركين، بعد أن سجل هجومها هدفين".
وقناة الجزيرة الرياضية، التي تنتمي إلى شبكة قنوات الجزيرة الفضائية صوت المواطن العربي لم تشذ عن القاعدة، وعندما استضافت سعادة محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي في برنامج "ليالي آسيا" الذي يبث على الهواء مباشرة يوميا ضمن برامجها الخاصة بكأس آسيا منذ يومين تقريبا حشرت الهند في الحوار.
وحيث إنها قناة عربية، فمن الطبيعي أن تستهين بمشاركة الهند في البطولة، وتنقل إلى بن همام الانتقادات التي وجهت إلى الاتحاد الآسيوي لمشاركتها في الدورة، علما بأن هذه الانتقادات مصدرها فقط المنطقة العربية، وبشكل أكبر منطقة الخليج. وكم كان بن همام حكيما في رده مشيدا بهذا البلد العظيم عندما أكد قائلا: "الهند هي بلد المليار نسمة ولا يجوز شطبها بهذه البساطة من معادلة الكرة الآسيوية بالرغم من المستوى المتواضع التي ظهرت به، بل على عكس ما يقال وانطلاقاً من قاعدة أن كرة القدم للجميع يجب دفع الهند وحثها على المشاركة وبذل المزيد من المجهود بغية تقديم نتائج أفضل وبالتالي إعطاء كرة القدم فرصة للتوسع والانتشار في هذا البلد الكبير".
رسامو الكاريكاتير من جهتهم انضموا إلى قافلة المستهزئين والمستهترين بالشعب الهندي، ولا أبالغ عندما أشير إلى أن صحفنا الخليجية تشهد بشكل شبه يوميا كاريكاتيرا رياضيا يسخر من الهنود.. فعندما نجد رسما كاريكاتيرا يوضح أحد الجماهير العمانية ينظر وهو في المدرجات بحسرة إلى لاعب هندي لا يجيد ركل الكرة فتلك إهانة غير مقبولة، وتكشف عن نظرة دونية وعنصرية تجاه شعب عريق.
الشعب الهندي له دور بارز في بناء دول المنطقة وتكاد الحياة لا تقوم هنا من غير دعمهم وعملهم وجهودهم.. تخيلوا حياتنا من غير الهنود أو من غير الوافدين. يقيم في قطر وغيرها من دول الخليج جنسيات متعددة ومن بينهم الهنود وقد تكون هي الجالية الأكبر عندنا، وهذا أمر طبيعي لأن الهند دولة ذات كثافة سكانية كبيرة ويهاجر أبناؤها إلى مختلف دول العالم بحثا عن العيش.
ولا يقتصر التواجد الهندي في الدوحة أو دول الخليج على الطبقة العاملة فقط، وتحديدا من الخدم وعمال النظافة والبناء ذوي الأجور الضعيفة، إنما هناك الكثير من الكفاءات والكوادر الهندية تعمل في قطاعات الهندسة والبترول والغاز والصحة والتعليم. والحقيقة أن العلاقات الخليجية والعربية والإسلامية مع الهند هي علاقة وثيقة تعود جذورها إلى سنوات بل عقود طويلة.
وكما يقول كاتب هندي إن هذه العلاقات تطورت عبر سنوات طويلة منذ فجر التاريخ ولا يبالغ أحد في القول إن علاقات الهند مع العرب قديمة قدم التاريخ نفسه، وكانت هناك دواع كثيرة تشجع العرب والهنود معا في تحقيق تواصل اكبر بين الثقافتين العربية والهندية. وليس مستغربا أن كثيرا من الأسر العربية المتميزة والنبيلة يلقبون أنفسهم بالهندي ويسمون بناتهم بالهند.
مدرب منتخب الهند الإنجليزي بوب هاوتون أعلن بعد انتهاء مشاركة فريقه في البطولة قائلا بكل فخر: "نعود إلى الهند مرفوعي الرأس رغم الخسائر".. وعلى أي فتاة اسمها هند أن تشعر بالفخر لأنها تحمل هذا الاسم.
وعلى الذين ينتقصون من قيمة الهنود وينظرون لهم من طرف أنوفهم أن يتعلموا من الرجل الهندي البسيط الذي يأتي إلى دول الخليج معدوما وهو لا يحمل مالا ولا شهادة ولا يجيد اللغة العربية حتى. لكنه يعمل ليل نهار لإعالة أسرته، ثم يعود لبلده بعد سنوات وقد أسس نفسه وأعتمد عليها. قم بزيارة أي صراف أو فرع لـ "فرست يونيون" وراقب صفوف العمال، ومنهم الهنود، الذين يحولون مدخولهم إلى بلادهم.
ما كان لم ينقذ غزة
ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 71 ألفا و266 شهيدا... اقرأ المزيد
105
| 29 ديسمبر 2025
معجم الدوحة التاريخي
يعدّ معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي انطلق عام 2013، أحد أكبر المشاريع اللغوية والعالمية، إذ يوثّق تاريخ... اقرأ المزيد
81
| 29 ديسمبر 2025
يمرّ العام من دون أن ألوح له بيدي
يقترب العام من نهايته، لا بوصفه تاريخًا على الحائط، ولا رقمًا يتبدّل في أعلى الصفحة، بل ككائنٍ خفيفٍ... اقرأ المزيد
108
| 29 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1989
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1563
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1143
| 22 ديسمبر 2025