رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ثمة مفترق طرق تواجهه القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة يدفع بها، إما إلى إحداث اختراق في جدار الجمود المهيمن على مساراتها التفاوضية منذ أكثر من عامين، أو يدخلها في دائرة التوتر الذي قد يفجر انتفاضة فلسطينية ثالثة تكون أكثر حدة من انتفاضتي 1988 و2000 بدت نذرها تلوح في الأفق، ربما تنتهي باجتياح إسرائيلي لمدن الضفة وفقا لتهديدات حكومة بنيامين نتنياهو، مما يعيد الأوضاع في فلسطين إلى مربع شديد الخطورة، الأمر الذي يحاول الجانبان: السلطة الوطنية وسلطات الاحتلال تجنبه بشكل أو بآخر لفرط كلفته وعبئه السياسي والاقتصادي والأمني عليهما، بيد أن الممارسات العدوانية لهذه السلطات التي تقدم الإسناد اللوجيستي بكل أنماطه، لقطعان المستوطنين في اقتحاماتهم اليومية للمسجد الأقصى - قدس أقداس فلسطين – والاستمرار في المشروع التهويدي للقدس المصحوب بالاعتداءات على سكانها العرب، وطردهم من منازلهم وإحلال المستوطنين اليهود محلهم فيها، وتبنى منهجية الاستخدام المفرط للقوة - وفق تعبير المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء الماضي - ضد مختلف فئات الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الأطفال وفرض كافة أنواع الحصار عليه من خلال تكثيف الحواجز الأمنية التي تطبق أسوأ الإجراءات المشددة وأشدها بشاعة في العالم، دفعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس – أبو مازن- إلى محاولة وضع حد للالتزام الفلسطيني بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما تجلى في خطابه أمام الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في الثلاثين من سبتمبر الماضي، الذي أكد فيه أن الفلسطينيين لا يمكنهم الاستمرار بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ما دامت مصرة على عدم الالتزام بها وترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى وطالبها – أي إسرائيل - بأن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال لأنّ الوضع القائم لا يمكن استمراره،
ولاشك أن هذا الموقف يعكس اتساع نطاق اليأس لدى أبو مازن بالذات، الذي ظل على مدى سنوات توليه رئاسة السلطة الوطنية، مدافعا عن خيار التفاوض مع إسرائيل، ورافضا بشدة لعسكرة الأعمال الاحتجاجية ضد ممارساتها وانتهاكاتها، وكثيرا ما ندد علنا بعمليات مقاومة ضد جنودها ومستوطنيها ومؤسساتها، ومازال على الرغم مما تقوم به سلطات الاحتلال من أعمال قتل واعتقال عشوائي للشباب الفلسطيني، يدعو إلى ضبط النفس، وقد عقد اجتماعا مع المجلس العسكري والقيادات الأمنية بالسلطة - مؤخرا – شدد خلاله على "اليقظة والحذر وتفويت الفرصة على المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى التصعيد وإعادة الوضع في الأراضي المحتلة إلى مربع العنف".
وبغض النظر عن كل تلك العوامل والأسباب التي دفعت الرئيس عباس لتبني هذا التوجه، فإنه يعتبر من الناحية السياسية نهاية فعلية لمرحلة أوسلو، وبداية لمرحلة جديدة من عمر النضال الوطني الفلسطيني، الأمر الذي سوف يترك تداعيات وانعكاسات على النظام السياسي الفلسطيني بشكل عام، وعلى مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية بشكل خاص، إن تحول إلى خطوات فعلية على الأرض، مما يفتح الباب أمام مجموعة من البدائل أمام القيادة الفلسطينية، أولها: قيام منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة في شخص أبو مازن، باتخاذ إجراءات أكثر تصعيداً في العلاقة مع إسرائيل، خصوصاً في ظل تصاعد الإجراءات الإسرائيلية في القدس ومحاولتها فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى المبارك والتي تساهم في توتير الأجواء الدينية والسياسية، وذلك من خلال إعلانه حل السلطة الوطنية الفلسطينية، ودمج مؤسساتها الإدارية والأمنية في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وإلغاء مجلس الوزراء وتحويل كافة صلاحياتها للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
ثانيا: العودة السريعة لمظاهر الانتفاضة الشعبية وبروز لدور الأجنحة المسلحة في الفصائل الفلسطينية، مما يعني عودة المواجهة مع الجيش الإسرائيلي في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.
ثالثا: انتظار القيادة الفلسطينية لبعض الوقت قبل اتخاذ أي إجراء جديد، بهدف إعطاء الجهود الدولية والعربية فرصة أخيرة للتحرك والخروج من أزمة تجميد عملية السلام وانسداد الأفق السياسي، خصوصاً في ظل التحرك الأمريكي والفرنسي الأخير في الأمم المتحدة، والحديث عن طرح فرنسا مبادرة سياسية ترتكز على إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد سقفا زمنيا لإنهاء المفاوضات وقيام دولة فلسطينية بحلول عام 2017.
وفي هذا السياق تأتي تصريحات وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "موجيريني" التي تحدثت عقب اجتماع اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالسلام في الشرق الأوسط الذي عقد على هامش الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، موضحة أن "الرباعية" قررت إعادة إحياء أنشطتها، مشددة في الوقت ذاته على الضرورة الملحة لضبط النفس عقب التوترات الأخيرة في القدس الشرقية المحتلة ومحيط المسجد الأقصى، محذرة من إمكانية تصعيد واسع في القدس المحتلة، مطالبة إسرائيل إلى تنفيذ الاتفاقيات مع الفلسطينيين، والذين دعتهم بدورهم العودة إلى خيار المفاوضات المباشرة، وذلك قد يعني أن تهديدات أبو مازن في الأمم المتحدة قد حققت المطلوب منها، من خلال إعادة الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، وأن إصراره على عدم استمرار الأوضاع على ما هو عليه قد حقق إنجازا سياسيا بعودة القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام الدولي، ما قد يدفع القيادة الفلسطينية إلى إعطاء الجهود الدولية بشكل عام والفرنسية بشكل خاص فرصة أخيرة قبل كتابة شهادة وفاة لاتفاق أوسلو.
لقد أعطى الاجتماع الطارئ الأخير لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، أملا بإمكانية تغيير الخطاب الرسمي تجاه القضية الفلسطينية،
ويأتي في هذا الإطار التوجه الفلسطيني للتقدم بمشروع قرار لإرسال قوات دولية للقدس وللأراضي المحتلة، للمساعدة في وقف الاعتداءات الإسرائيلية - وفق ما كشف عنه مؤخرا السفير رياض منصور المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة - ولو نجح هذا التحرك دون أن يتم استخدام الفيتو الأمريكي، فإنه يمكن أن يمثل تطورا نوعيا قد يدفع الأمور باتجاه التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، تمهيدا لبلورة ملامح تحرك جاد نحو استئناف مفاوضات السلام - حسب ما يسعى إليه جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الذي يستعد للقيام بجولة مكوكية إلى المنطقة قريبا، وإن كانت هناك دوائر فلسطينية ترى ضرورة الاستغناء عن آلية التفاوض المباشر واللجوء إلى صيغة المؤتمر الدولي للسلام بمشاركة الدول الخمس الكبرى الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن أو تبني صيغة قريبة من صيغة 5+1 التي نجحت في إنهاء أزمة الملف النووي الإيراني من خلال اتفاق فيينا في يوليو الماضي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4014
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1728
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1569
| 02 ديسمبر 2025