رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التأمين الإسلامي أو التكافلي يساهم في تقليل الخسائر الناتجة عن المخاطر التي يمكن أن تواجه البعض بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية فهو يتضمن قيام كفالة متبادلة بين مجموعة من الأفراد والمؤسسات والشركات والحكومات على تحقيق مصلحة أو دفع أضرار فالمبدأ التكافلي للتأمين لا يقوم على مبدأ الربح كأساس بل على مواجهة المخاطر والتخفيف من آثارها قدر الإمكان لأنه يركز على التعاون وعلى أساس الفصل بين الاعتمادات المالية لعمليات التأمين وبين عمليات المساهمين وبالتالي ترحيل ملكية تلك الاعتمادات والعمليات الخاصة بها إلى حاملي الوثائق فأعمال التأمين الإسلامي تختلف عن طرق وأساليب التأمين التجاري إذ يستفيد حملة الوثائق حصراً وليس المساهمون من الأرباح الناتجة من التكافل والأصول الاستثمارية بحيث يستثمر المساهمون الذين يديرون الشركة بالنيابة عن حملة الوثائق الأصول الاستثمارية المتمثلة في صندوق التكافل وعليه تتم مكافأة المساهمين بحصولهم على نسبة من الأرباح المحققة من هذه الاستثمارات كذلك الحال لإعادة التأمين التكافلي التي تشكل جزءا أساسيا من أعمال التأمين التكافلي فلها الأثر الكبير على البيانات المالية فالإدارة التنفيذية الفعالة للتأمين وإعادة التأمين التكافلي هي المفتاح للأفضلية في المنافسة والنمو المستمر عن طريق الاستثمار الجيد لأموال الصندوق الذي يعتبر عملية إدارية لها أهدافها ووسائلها تتطلب استخدام إستراتيجيات وقدرة كبيرة على قراءة التوجيهات المستقبلية وهي برغم ذلك تحتاج التعرف على القدرات والخبرات والاحتياجات الذاتية وكأي عملية إدارية أحرى فالاستثمار لحاجة إلى التخطيط وإلى ضرورة التقدم بخطوات مدروسة ومحسوبة بعناية والأخذ بعين الاعتبار عوامل المخاطرة وظروف عدم التأكد في البيئة المحيطة بعملية اتخاذ القرار فأبسط قواعد الاستثمار الناجح هو تكوين محفظة منوعة لشكل جيد فالاستثمار يجب أن يكون موزعا بين مجموعة أصول ولا يتركز في أصل واحد ويساعد التنويع إلى حد كبير في تقليص حجم المخاطر إلى مستويات مقبولة لذا فإن على المستثمر (فرد- شركة) أن يتعلم كيف يدير المحفظة الاستثمارية وكيف يبدأ التخطيط للاستثمار واتخاذ القرار الاستثماري وفق خطوات محدودة ومدروسة بعناية وبشكل أكثر شمولا فإن على كل فرد أن يتعلم أساسيات التخطيط المالي وذلك كطريقة تساعده في تنظيم حياته وتجنبه الكثير من التحديات المستقبلية وهو ما تشمله محاور التقرير كالآتي:
- أولا: مفهوم المحفظة الاستثمارية للشركات
أداة مركبة من أدوات الاستثمار وذلك لأنها تتركب من أصليين أو أكثر يتم التفرقة بين محفظة وأخرى بسبب نوعية الاستثمارات التي تحتويها من مجموع القيم المنقولة المتمثلة في الأسهم السندات المشروطة والتي تكون بحوزة الشركة المستثمرة وهي تمتاز باختلاف أصولها من حيث النوع كما تختلف من حيث الجودة فمن حيث النوع يمكن أن تحتوي على أصول حقيقية وهي الأصول التي لها قيمة اقتصادية ملموسة مثل العقارات والذهب والفضة والمشاريع الاقتصادية وعلى أصول مالية مثل الأسهم والسندات وسندات الخزينة وذلك لتحقيق هدفين رئيسين.
تحقيق العائد المترتب عن الاستثمار في الأوراق المالية وخلافه.
تحويل تلك الأوراق والأصول إلى سيولة جاهزة بأي وقت حسب الحاجة.
ثانياً: مراحل تكوين المحفظة الاستثمارية للشركات
تشمل مراحل إدارة المحفظة الاستثمارية بداية تحديد السياسة الاستثمارية أو تخطيط الاستثمار يتبعها دراسة الأسواق والأداء المتوقع للاتجاهات المستقبلية أما المرحلة الثالثة هي تكوين وتأسيس المحفظة الاستثمارية وأخيرا مرحلة نشاط المتابعة والتقييم للأداء والنتائج والتوصيات في عمليات إدارة المحفظة الاستثمارية لذلك تكوين المحفظة الاستثمارية أو تشكيل محفظة الاستثمار وباستخدام بيان السياسة الاستثمارية للمستثمر وتنبؤات السوق المالي كمدخلات يتم تطبيق إستراتيجية الاستثمار وتحديد كيفية تخصيص الأموال المتوفرة بين فئات الأصول والأوراق المالية المختلفة لبناء المحفظة التي تقلل المخاطر وبالوقت نفسه تحقق الاحتياجات المحددة في بيان السياسة الاستثمارية.
ثالثاً: الأهداف الرئيسية للمحافظ الاستثمارية للشركات
أهداف المحافظ الاستثمارية مزيج بين العائد والمخاطر والسيولة والأمان نظرا لأن العلاقة بين العائد والمخاطر فيجب ألا يعبر عن الهدف الاستثماري بالعائد فقط لأن ذلك يؤدي إلى أداء غير ملائم كاستخدام إستراتيجيات استثمارية ذات مخاطر عالية أو استخدام سياسة التحرك السريع بين الاستثمارات لمحاولة الشراء بسعر الرخيص والبيع بسعر عال فهدف العائد بالنسبة للاستثمار يمكن أن يوضع علي شكل رقم مطلق أو نسبة مئوية ولكنه أيضا على شكل هدف عام مثل: -
(المحافظة على رأس المال) يعني أن المستثمر يرغب بأقل كم ممكن من المخاطر وعادة هو يرغب بالمحافظة على القوة الشرائية لاستثماره بمعنى أن العائد المطلوب ليس أقل من معدل التضخم وبشكل عام فهذه الإستراتيجية المستثمر شديد التجنب للمخاطر أو إستراتيجية الفرد الذي يحتاج إلى الأموال في المدى القصير.
(المحافظة على عائد جارٍ ودوري) عندما يكون الهدف هو الدخل الجاري فإن المستثمر يرغب بتركيز محفظته الاستثمارية على الأصول التي تولد دخلا أكثر من تلك التي تحقق أرباحا رأسمالية وهذه الإستراتيجية تلائم أحيانا المستثمرين الذين يرغبون لأن تكون محافظهم الاستثمارية مكملة للدخل وذلك لتوليد دخل قابل للإنفاق إضافيا.
(زيادة رأس المال وحقوق الملكية) يمثل هدفا مناسبا للمستثمر الذي يريد لمحفظته الاستثمارية أن تنمو نموا حقيقيا عبر الزمن وذلك لمقابلة احتياجاته المستقبلية وفي ظل هذه الإستراتيجية فإن النمو يحصل بشكل أساس من خلال الأرباح الرأسمالية وهذه إستراتيجية الفرد الذي يكون مستعدا لتحمل المخاطر لتحقيق الأهداف مثل المستثمر طويل الأمد.
(الحصول على عائد إجمالي مرتفع) هدف هذه الإستراتيجية مشابه لإستراتيجية زيادة رأس المال حيث يرغب المستثمر أن تنمو محفظته عبر الزمن لمقابلة احتياجاته المستقبلية وزيادة تحقيق الأرباح الرأسمالية بشكل أساس من خلال زيادة القيمة الكلية للمحفظة وإعادة استثمار الدخل الجاري وبما أن الدخل الإجمالي مكون من دخل جار وأرباح رأسمالية فإن درجة المخاطر تندرج بين استراتيجية الدخل الجاري واستراتيجية زيادة رأس المال.
رابعاً: الضوابط الشرعية للاستثمار في قطاع التأمين الإسلامي
الاستثمار في الوجوه المشروعة فلا تستثمر في الاستثمار المحرم وفي المضاربات غير المشروعة أو حتى المساهمة في الشركات غير المشروع أعمالها كالبنوك الربوية أو ما فيه الشبهة وما يؤول إليه.
تلتزم في استثماراتها لأحكام المبادئ الشرعية فلا تتعامل بالربا وما يؤول إليه أو الغرر مع الالتزام بالقواعد الشرعية في المعاملات والعقود والأنشطة.
ضرورة وجود هيئة رقابة وتدقيق شرعية لتقييم معاملاتها وأنشطتها وحتى تكون في دائرة المشروعية بصفة دورية.
تحرص على الجانب الأصلي في عملياتها وهو الجانب التكافلي التعاوني ولا يكون الجانب الأهم هو تحقيق العوائد والأرباح مع الأخذ بالاعتبار فائدة العوائد في شركات التأمين التكافلي لتحقيق الاستمرارية والتقدم والنمو لعمليات التنمية الاقتصادية للمجتمع ولكن مراعاة الآداب الإسلامية في التعاملات دون أي أضرار لأموال الغير.
المفاضلة والاختيار بين العاملين المؤمنين برسالة التأمين التكافلي القائم علي التكافل والتعاون والقيام بالتدريب والتطوير المستمر لتحقيق المهنية العالية في العلوم المالية والشرعية معا والأخلاق الإسلامية.
التزام شركات التأمين التكافلي بالتعامل لإعادة أقساط التأمين لدى شركات إعادة التامين الإسلامية قدر الإمكان وحرمة التعاون مع الأصل والتبع في جواز إعادة التأمين لدى الشركات التجارية لأنها من جنس شركات التامين طبقا لمبدأ الضرورات والحاجة الملحة لما فيه الغرر والجهالة والربا.
خامساً: ضوابط الهيكلة المالية للاستثمار في قطاع التأمين الإسلامي
الهيكلة المالية تمثل التغيرات المعتبرة في هيكل رأسمال الشركة ومنها كالتالي:
(تقييم الأصول) إعادة تقييم الأصول جميعها أو بعضها بما يعكس قيمتها السوقية حيث إن زيادة هذه القيمة عن القيمة الدفترية يؤدي إلى تحسين نسبة المديونية بالنسبة لحقوق الملكية الأمر الذي يتيح للمنظمة مجالاً أوسع للتمويل.
(هيكلة الديون من دون إضافة) يساعد الشركة في أن تتفاهم مع دائنيها على أحد أو بعض هذه الأمور كتحويل الديون القصيرة إلى ديون طويلة الأجل مما يتيح للشركة فترة أطول لاستثمار هذه الديون وقف سداد أقساط الدين مؤقتاً أو إعطاء فترة سماح جديدة ويساعد ذلك في وقف جزء من التدفقات النقدية الخارجية مؤقتاً لحين تحسن الأحوال تخفيض تكلفة التمويل أو التنازل عن العوائد المستحقة مبادلة المديونية بالملكية إذ يتم تحويل كل أو جزء من الديون الحالية إلى مساهمات في رأسمال الشركة مثلا عن طريق إصدار أسهم ملكية بما يعادل قيمة هذه الديون وكذلك الملاك حيث سيكون للملاك الجدد تأثير مباشر على إدارة الشركة.
(زيادة رأس المال) تلجأ الشركة إلى إصدار أسهم جديدة لتوفير بعض السيولة وعلى الأخص إذا كان بإمكانها تحقيق أرباح مستقبلا في ضوء توفير السيولة وذلك عن طريق زيادة رأس المال بإصدارات أسهم جديدة ولكن يواجه هذا البديل بعض الانتقادات منها أنه لا يصلح إلا في حالات التعثر المالي أو المؤقت ولا تجد الأسهم الجديدة إقبالاً من قبل المساهمين لخوفهم من حالة الشركة وظروفها المستقبلية هذا بالإضافة أن حملة الأسهم يمثلون قيداً جديداً على الإدارة يقلل من قدرتها على التحرك بمرونة كافية.
(زيادة التدفقات النقدية الداخلة) يمكن تحقيق ذلك من خلال العديد من الاستراتيجيات أو التصرفات المطلوبة التي تؤثر إيجاباً على النقدية الداخلة ومن ذلك زيادة الخدمات لزيادة إيرادات الشركة تغيير استراتيجيات التحصيل لديون الشركة ومنح بعض خصومات تعجيل الدفع التخلص من بيع وإعادة استئجار بعض الأصول غير الرئيسية.
(خفض التدفقات النقدية الخارجة) تستطيع الشركة أن تخفض مدفوعاتها النقدية أو تؤجل بعضها للتغلب على بعض الصعوبات المالية ومن الوسائل الممكن استخدامها في ذلك الاتفاق مع الدائنين على تأجيل سداد بعض الأقساط دون زيادة أو مرابحة التمويل والتفاوض مع الموردين الحصول على فترات سماح جديدة من الدائنين تأجيل سداد الالتزامات قصيرة الأجل أو تحويلها إلى التزامات طويلة الأجل من دون زيادة كذلك خفض كمية المصروفات ومحاولة البحث عن طرق بديلة أقل تكلفة من الحالية.
سادساً: مخاطر المخالفات الشرعية للاستثمار الإسلامي
المتعارف عليه أن الخطر يتعلق بالجوانب المالية للاستثمار مثل المخاطر الائتمانية ومخاطر سعر الصرف وما إلى ذلك ولكن كنا بصدد الحديث عن محافظ الاستثمار بالشركات الإسلامية فيحسن الإشارة إلى أن مفهوم المخاطرة يمكن أن يكون أوسع مما ذكر أعلاه بإدخال الجوانب الشرعية المتعلقة في محافظ الاستثمار في قياس المخاطر لماذا يتفادى الناس المخاطر لأن وقوع المكروه يؤدي إلى انخفاض قيمة الاستثمار بالخسارة أو عدم تحقق الربح الذي يكافئ الفرصة المضاعة ولا ريب أن مخالفة المعايير الشرعية يؤدي إلى اكتساب ربح غير حلال يلزم على المستثمر التخلص منه فيؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة استثماره وإلى عدم تحقق أهدافه الاستثمارية فضلا عن ضياع الوقت والجهد ثم صرف الأرباح المتحققة بأوجه الخير.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13755
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1308
| 25 نوفمبر 2025