رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مها الغيث

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

576

مها الغيث

الصلاة في نداء (حي على الفلاح)

19 مارس 2025 , 02:00ص

رغم قصره، فهو كتاب جزيل النفع يتناول أعظم عبادة بعد شهادة التوحيد. إنه كتاب (فاتتني صلاة: لماذا يحافظ البعض على الصلاة بينما يتركها الكثير؟) الذي يفيض بنفحات روحانية يجدد بها طاقة كل مسلم محافظ على صلاته، وهو لا يتخلى عن المقصّر في حقها، إما بتأخيرها أو جمعها أو الإخلال بشروط إقامتها أو التهاون في استحضار ما يلزمها من خشوع، أو لا يقيمها من الأساس، فيشحذ همته ليعزم أمره ويستدرك ما فاته من فضلها العظيم.. في أروع ما تكون النصيحة وأخلصها، وفي ضرب الأمثال التاريخية والمعاصرة، ومن خلال رسم المنهج السليم للحفاظ عليها، وغرس قيم التواضع والتقوى وحسن الظن بالله. وعلى الرغم من القالب الديني الصرف لمادة الكتاب، فقد عمد مؤلفه (إسلام جمال) أولاً إلى عرض تجربته الشخصية التي قارن فيها بين شيخ يتكئ على عصاه كان يرقب وضوءه وصلاته وأذكاره وانغماسه في تلك الحالة من العشق مع ربه، وبين حاله وهو شاب يعلل تهاونه في صلاته بمبررات واهية، الحيرة التي لازمته لأعوام وطرح على نفسه السؤال الذي احتل عنوان الكتاب! ثم يعمد إلى طرح مسألة المحافظة على الصلاة بمنهجية، ابتداءً من الاعتراف بالتقصير في أدائها، ومن ثم التدرج في وضع ما يناسبها من حلول لا سيما الواقعية والعملية التي تتمثل بشكل أساسي في الانضباط، ومن ثم التشجيع على اتباع بعض العادات السليمة، كالاستيقاظ باكراً والمشي نحو المسجد، ومواجهة التحديات اليومية التي قد تعمل -رغم الصعوبات- على تجديد الإيمان، كحكمة كامنة. جاء كل هذا في لغة سلسة وإيجابية، تعتمد أسلوب الترغيب بصورة تفوق أسلوب الترهيب الذي قد يلجأ إليه بعض دعاة الدين في الحثّ على فريضة الصلاة!

فمن خلال خمسة عشر فصلاً، يؤكد المؤلف على حقيقة الصلاة كعماد الدين وأن لا إسلام بلا صلاة، وهو يرى أن من عرف الله حق المعرفة كما يليق بجلال قدره وعظيم سلطانه ما ترك الصلاة أبداً.. فيقول عمّا ورد فيها كعبادة ينهزم أمامها كل سوء: «أحب دائماً أن أذكر نفسي بعبارة (إلا المصلين) وهي الآية التي ‎وردت في سورة المعارج: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ). فكلما شعرت بالحزن أقول (إلا المصلين) فالحزن لن يستطيع أن ‎ينال مني ما دمت أصلي، وعندما يضيق صدري أقول (إلا المصلين) فأطمئن أن الله تعالى سيشرح صدري ما دمت أصلي، وحين يصيبني التعب أقول (إلا المصلين) لأن الصلاة قوة، وكلما أسبغ الله علي من نعمه أقول (إلا المصلين) فأتذكر أن الفضل كله الله تعالى».

وفي مقتطفات، يقول ما معناه: أن سر السعادة يكمن في المحافظة على إقامة الصلاة المكتوبة في أوقاتها. للناجحين في الحياة عادات تتشابه، وللمحافظين على الصلاة عادات تتشابه كذلك.. وهي أصل الفلاح. يخلق غير المحافظين على الصلاة أعذاراً تلو أعذار في انتظار اليوم الذي سيُصلح فيه حالهم، وكأنه قدر مرتقب، لا كأنه نية وعمل. أنت نتاج أفكارك، فالأفكار الإيجابية تخلق لك واقعا حسنا، والعكس صحيح.. لذا، دع عقلك يخلق لك أفكاراً تعينك على الصلاة، لا أن يخلق لك الأعذار في تركها أو تأخيرها. سكينة القلب هي ثمرة الخشوع في الصلاة، ومن غير الخشوع تصبح الصلاة عادة لا عبادة. مناجاة الله واستشعار كل ركن من أركان الصلاة بما فيه من تلاوة وذكر وقيام وقعود، يتحصّل بهما فضل الصلاة. «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» هو دعاء مأثور عن النبي ﷺ وهو منهج عملي للنجاح في الحياة.. وإنما صلاة الفجر تعمل عمل المعجزات. النوافل والسنن الرواتب من غير الفريضة، ضمان لبيت في الجنان.. وهي حصن، وهي حرز، وهي رضا وقربى من الله. جدولة العمل اليومي وترتيب الأولويات يجب أن يتم وفق مواقيت الصلاة، لا أن يتم توقيت الصلاة وفق جدول العمل اليومي والأولويات الأخرى. رصيد الحماقات السابقة إنما هو خبرة متراكمة من الأخطاء والتجارب والدروس، فلا يجب تكرار الخطأ بل الاعتماد عليه في تحسين جودة الحياة.. كذلك الصلاة، فغلبة وسوسة الشيطان مرة إنما هي فرصة لمعرفة السبب وتجنب تكراره. الوضوء كشرط للصلاة هو كذلك طهارة جسدية وفائدة صحية في الوقاية من الأمراض.. السير نحو المسجد كفضل يستحق الأجر هو كذلك رياضة حيوية ومهدئ للأعصاب.. الركوع والسجود ركنان أساسيان هما كذلك تمارين تقلل من آلام الظهر وتنظّم العمليات الحيوية.. مواقيت الصلاة المفروضة هي كذلك فرص لتجديد الطاقة الروحية وتعزيز السلام الداخلي. إن الصلاة بحق برنامج حياة، تؤتي أكلها باستمرار المواظبة عليها، ما بقي الإنسان!

ختاماً، وكما يروي حذيفة بن اليمان بإسناد حسن أنه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى)، فقد يكون هذا الكتاب القصير الذي جاء باجتهاد شخصي بمثابة خير معين لن يُعدم أجره، والله عز وجل يقول: (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ).

اقرأ المزيد

alsharq ومضات لحياة سعيدة

خلال قراءتي لرسالة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله حول الوسائل المفيدة للحياة السعيدة أحببت مشاركتكم... اقرأ المزيد

114

| 07 نوفمبر 2025

alsharq لا مال بعد الموت

في زمنٍ أصبح المال فيه مقياسًا للهيبة، وميزانًا للقيمة، ضاعت كثيرٌ من المعاني النبيلة، وغابت عن الناس الحقيقة... اقرأ المزيد

183

| 07 نوفمبر 2025

alsharq اهتمام الآباء بتربية الأبناء

كل لحظة يقضيها الأب والأم مع أبنائهما اليوم هي استثمار في غدٍ مشرق، وفي شخصيات ستصون الأسرة والمجتمع.... اقرأ المزيد

78

| 07 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية