رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يرى المتتبع لتصريحات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» منذ ترشيح نفسه للرئاسة الأمريكية إلى الآن، وبعد تنصيبه بشكل رسمي رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في الـــ 20 من يناير 2025، أن هناك تناقضات بين وعوده وتهديداته وادعاءاته المثيرة للجدل. فقد وعد الرئيس بإنهاء الحروب الجارية، ومنها الحرب على غزة، وهدَدَ بجحيم لا مثيل له في الشرق الأوسط إن لم يُفرَج عن الرهائن المحتجزين في غزة العزة، وأدعى ويَدَعي بأن هذه الحروب ما كانت لتقع لو أنه كان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في وقتها. فماذا يعني هذا؟!! فهل هي تناقضات عفوية، أم أن الحرب في الشرق الأوسط شأن آخر لا يتضمنه قرار إيقاف الحروب؟ وماذا عن عنتريته وادعاءاته بإمكانية منع كل هذه الحروب قبل اندلاعها لو كان هو في سدة الحكم في تلك الفترة الزمنية، فهذه نقاط جوهرية تتمحور حولها هذه المقالة.
وابتداءً بالوعد الرئيسي بإنهاء الحروب، وحرب أوكرانيا على وجه الخصوص، فهي مطلب أمريكي أوروبي في المقام الأول لما تشكله من عبءٍ ثقيلٍ على الإدارة الأمريكية السابقة والحالية من جهة، وعلى دول الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى نتيجة لالتزامها بدعم أوكرانيا في صدها للعدوان الروسي؛ فالحرب هذه ليست حربًا روسيةً أوكرانيةً فحسب، بل هي حرب روسية أوروبية بدعم سياسي ولوجستي أمريكي، فأمريكا متورطة بشكل أو بآخر في هذه الحرب كما يراها ترامب. ولذا فلا بد من إيقافها، وسينجح ترامب في إيقافها، بدلائل المؤشرات الإعلامية الجارية.
أما فيما يتعلق بإيقاف الحرب على غزة، فالأمر صعب لتعنت إسرائيل، وعدم رغبتها في ذلك على الرغم من هدنة تبادل السرى الجارية حالياً، والتي تحاول إسرائيل التملص من استحقاقات مرحلتها الثانية كما تشير وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية. ولذا، فهناك سؤال حول جدية ترامب في إيقاف هذه الحرب، فهل هو جاد فعلا، وبأية نية؟ وماذا عن تهديداته بالجحيم في الشرق الأوسط،، فهل المعني بها طرفا النزاع الإسرائيلي والفلسطيني، أم الطرف الفلسطيني فقط؟ فالإجابة لا، بل المستهدف بالجحيم العرب الفلسطينيون فقط، وكل حركات المقاومة وتحديداً حماس. وذلك لاعتبار ما قامت به المقاومة بكل فصائلها في السابع من أكتوبر 2023 (طوفان الأقصى) من وجهة نظر ترامب المنحازة بشدة لإسرائيل فظائع ضد الإنسانية. أما الفظائع الحقيقية التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل يومياً على مدى خمسة عشر شهراً (475 يوماً) قبل سريان هدنة تبادل الأسرى، فلا يراها ترامب، وكل رؤساء أمريكا السابقين إلا دفاعاً عن النفس.
فجدية «ترامب» من عدمها في إيقاف الحرب في غزة وباقي المدن والقطاعات الفلسطينية، يمكن قياسها بما تشهده الساحة الفلسطينية حالياً، ومن خلال عدد من التساؤلات العقلانية مثل: كيف ينادي ترامب بإيقاف الحرب في فلسطين، ولم يحرك ساكناً حول عربدة إسرائيل في الضفة الغربية حالياً على الرغم من هدنة غزة، وكيف يُفهم تصريح ترامب حول حجم إسرائيل الصغير، والدعوة إلى زيادة حجمها في المنطقة العربية، وكيف تستقيم المناداة بوقف الحرب، والدعوة إلى تهجير وترحيل أهل غزة من أرضهم، أليس في كل هذه التصريحات والدعوات والادعاءات والاقتراحات تناقض صريح وواضح، فكيف تستقيم هذه المعادلة؟
وأخيراً، وليس آخراً، فلم يبق إلا الحديث عن تصريحات ترامب وادعاءاته المتعلقة بإمكانيته منع الحروب الجارية حالياً لو كان هو رئيسا لأمريكا في حينها، ومنها الحرب على غزة، وطوفان الأقصى (7 أكتوبر 2023)، وهذه ادعاءات خيالية، وغير معقولة. ولذلك، فلا ترامب ولا بايدن، ولا أي رئيس أو حاكم عالمي أو إقليمي باستطاعته أن يمنع الحرب على غزة، ويمنع الطوفان، وذلك لسريته التامة التي تم بها، وفي ظلها حيث أخفيت العملية برمتها عن أقرب المقربين، فلم تُكتشف خطة الهجوم، ولم يعلم بها أحد حتى قيادة حركة حماس السياسية، ولم تُرصد أية إشارة من قِبل الاستخبارات الإسرائيلية، ولا الأمريكية، ولا أي استخبارات إقليمية وعالمية. فكيف إذن لترامب الذي لم يستطع أن يُميز بين (غزة – موزمبيق) التي يدعمها بخمسين مليون دولار سنوياً لمكافحة الإيدز، و(غزة – فلسطين) التي يحاربها، ويحرم شعبها من أبسط حقوقه في العيش على أرضه، ويدعو إلى تهجيره، أن يمنع طوفان عجزت مخابراته ومخابرات حليفته وربيبته إسرائيل أن تكشفه، أو تعرف عنه شيئا قبل حدوثه؟!.
أما فيما يتعلق بدواعي الطوفان المقدس، فهي كثيرة عنوانها القهر والظلم، والأجواء الملبدة بغيوم السيطرة التامة، والهيمنة الإسرائيلية على المنطقة، والترويج لخريطة إسرائيل الكبرى، وخداع الدول العربية، وجر بعضها إلى التطبيع المجاني، وقبول إسرائيل كدولة رئيسة في المنطقة العربية، ومؤشرات التطبيع الوشيك لأكبر دولة عربية مع الكيان الصهيوني باعتباره المسار الأهم في عملية التطبيع المجاني. وليس هذا فحسب؛ بل هناك دواعٍ أخرى لا تقل أهميةً ولا تأثيراً في قرار الهجوم الطوفاني، مثل الممارسات الإسرائيلية اليومية في القدس، والعبث المستمر بالمسجد الأقصى وتدنيسه، والعمل الدؤوب على تصفية القضية الفلسطينية، وإنهائها إلى الأبد، وإلغاء حق العودة، وغيرها من ممارسات الظلم والطغيان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل؛ ولذا، فلم يكن طوفان الأقصى المباغت إلا نتيجة طبيعية حتمية، وليس سبباً في الحرب على غزة كما يدعي الصهاينة المحتلون.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلية التربية – جامعة قطر
[email protected]
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8613
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5895
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4809
| 05 أكتوبر 2025