رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعيش الجزائر هذه الأيام حراكا سياسيا فريدا من نوعه يتمثل في البحث عن رئيس قوي ينقذها من وباء الفساد وهدر المال العام والبيروقراطية والمشاكل التي تعيشها في معظم مجالات الحياة.
الكلام يدور حول عهدة رابعة للرئيس الحالي الذي يعاني من مشاكل صحية قد لا تؤهله لأداء مسؤولياته كما ينبغي، أو رئيس جديد برؤى جديدة وموازن قوى جديدة قد تمكنه من التخلص من عهد مهتري والشروع في مرحلة جديدة تقوم على الرشادة الاقتصادية والتنمية المستدامة والشفافية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. في هذه الظروف يأتي السابع والعشرون من شهر ديسمبر هذا العام ليذكر الشعب الجزائري بالرجل الذي وهب حياته لبناء دولة خرجت من حرب ضروس ضد استعمار غاشم نشر الجهل والحرمان والاستبداد والطغيان، رجل كان شغله الشاغل هو استدراك ما فات البلاد من علم وتكنولوجيا وديمقراطية وتشييد وبناء مادي ومعنوي وبشري للحاق بركب الحضارة والتقدم والرفاهية والتطور.
فالذاكرة الجماعية الجزائرية ما زالت تتذكر أعمال الرجل والشعب الجزائري اليوم ما زال يحلم ببروز شخصية سياسية من حجم بومدين، حيث إنه بأشد الحاجة إلى شخصية سياسية كارزمتية قوية تخرج البلاد من الاختناق السياسي الذي تعيشه ومن ظاهرة البحث عن رئيس يقدر على إدارة البلاد والعباد ومحاربة الفساد.
الرئيس هواري بومدين الذي حكم الجزائر من يونيو 1965م إلى ديسمبر 1978م يعتبر من أولائك الذين قدموا الكثير للجزائر وللشعب الجزائري ومن أولائك الزعماء الذين تركوا بصماتهم في التاريخ سواء على مستوى دولهم أو قاراتهم أو على مستوى العالم العربي ودول العالم الثالث أو حركة عدم الانحياز أو الحركة الأفروآسيوية. بومدين من الرؤساء أو الشخصيات السياسية التي همشها التاريخ محليا ودوليا ويمكننا القول إن الرئيس بومدين احترمه العالم قبل أن تعطيه حقه وسائل إعلام بلاده والمسؤولون الجزائريون أنفسهم. ففي عهد الرئيس الشاذلي بن جديد الذي جاء بعد وفاته مباشرة وحتى يومنا هذا أصبح الرئيس بومدين من المحرمات والممنوعات في وسائل الإعلام الجزائرية وفي الملتقيات والندوات والمناسبات وكأنه لم يكن وهذه الظاهرة ليست غريبة على الجزائر، حيث إن زعماء مثل "فرحات عباس" و"مصالي الحاج" و"عبان رمضان" لقوا نفس الجزاء قبل بومدين.
لم يكن الرئيس بومدين معصوما من الخطأ ولم ينجح في كل مشاريعه وبرامجه، لكنه كان رجلا نظيفا لا تهمه شهوات الدنيا ومالها، ولم يأت بأخيه وأبناء بلدته ليوزع عليهم الوزارات والمناصب العليا في رئاسة الجمهورية.
كانت له إيجابياته وسلبياته ونقاط ضعفه وقوته، فبومدين عايش وحكم الجزائر في "موضة" الاشتراكية والحركات التحررية وحركة عدم الانحياز والحركة الأفروآسيوية.
كان، رحمه الله، يتنفس الحرية والكرامة والوقوف مع الشعوب المضطهدة. في الجزائر كان يعمل على توفير الحياة الكريمة للفقير من تعليم ورعاية صحية وسكن ومرافق الحياة الضرورية.
بومدين الرئيس الذي مات ولم يترك الملايين أو المليارات من الدولارات في حساباته، بل لم يترك شيئا، مات من أجل الفلاح الجزائري، مات من أجل أولائك الذين حرمهم الاستعمار الفرنسي من العيش الشريف، من التمدرس ومن الحياة الشريفة الكريمة. بومدين ذلك الرئيس الذي لم ينس كل من وقف إلى جانب الجزائر في محنتها ضد الاستعمار الفرنسي، فوقف بجانب الدول العربية ووقف بجانب الحركات التحررية في إفريقيا وآسيا، بومدين الذي ناضل من أجل الحق في القارات الثلاث لتحرير الشعوب سياسيا وثقافيا واقتصاديا وأيديولوجيا. بسبب الفقر والجهل والحرمان انتهج الرئيس الراحل سياسة شنها على ثلاث جبهات: الزراعة، الصناعة والثقافة وسمى هذه الجبهات بالثورات الثلاث، فعلى المستوى الزراعي أُممت الأراضي الزراعية ووُزعت من جديد على الفلاحين في إطار سياسة التسيير الذاتي وهذا لمحاربة الإقطاعية ونظام "الخماسة" الذي كان سائدا في المجتمع الجزائري، وعلى المستوى الاقتصادي آمن الرئيس بومدين بمبدأ "الصناعات المصنّعة" والتركيز على الصناعات الثقيلة التي تغدي وتنمي الصناعات الخفيفة والصناعات التحويلية وباقي الصناعات الأخرى.
أما فيما يتعلق بالجانب الثقافي فقد آمن الرئيس بومدين بمبدأ ديمقراطية التعليم وهذا بتوفيره مجانا لجميع أبناء المجتمع من السنة الأولى إلى أعلى درجة علمية ممكنة والتركيز على أن ابن الفلاح بإمكانه التمدرس والتفوق والاستمتاع بمقعد في الجامعة وبمنحة إلى أعتق وأشهر الجامعات في العالم إذا كان من المتفوقين. كما كان يؤمن بثقافة جماهيرية شعبية ملتزمة تخدم الفقير والمسكين والمحروم والمظلوم.
كان بومدين يؤمن بأن اقتصاد البلد لا يُكتب له النجاح إذا لم يكن هناك تكامل بين قطاعاته المختلفة وكان يؤمن أن الزراعة يجب أن تغدي الصناعة والعكس صحيح وأن الصناعة الثقيلة تغدي الخفيفة وكل هذه الآلية يجب أن تتم وفق خصائص كل منطقة من مناطق الجزائر التي تزخر أراضيها بخيرات ومواد أولية معتبرة. وكان بومدين يؤمن كذلك بأن الدولة التي لا تستطيع تأمين غذائها لا تعتبر مستقلة. ففي عهد بومدين شهدت الجزائر شبكة من المصانع والمعامل انتشرت من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب احتراما لمبدأ التوازن الجهوي والتكامل الاقتصادي.
كما كان يعني التكامل الاقتصادي لبومدين الاستقلال الاقتصادي، والاستقلال السياسي بدون استقلال اقتصادي لا يعني شيئا. وأهم إنجاز تاريخي قام به بومدين هو تأميم المحروقات وتحدي الفرنسيين الذين كانوا يسيطرون على استغلال آبار البترول والغاز في الصحراء الجزائرية الكبرى، فالفرنسيون لم يصدقوا أعينهم عندما استغنى عنهم بومدين وبمساعدة بعض الدول الصديقة واصلت الجزائر استغلالها لمحروقاتها بكامل سيادتها. وكان هذا الإنجاز درسا للدول العظمى وللشركات المتعددة الجنسية التي كانت تنهب خيرات دول العالم الثالث بأبخس الأثمان، الأمر الذي دفع الرئيس بومدين، وعلى منبر الأمم المتحدة بنيويورك، أن يطالب بنظام اقتصادي عالمي جديد وأن يكشف للعالم وبالأرقام أن النظام النقدي العالمي والتبادل العالمي والعلاقات الاقتصادية الدولية تعاني كلها من عدم التوازن والتكافؤ ومن استغلال الدول الكبرى للدول النامية والحديثة العهد بالاستقلال.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6387
| 24 أكتوبر 2025
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6297
| 27 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025