رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبدالله الخاطر

مساحة إعلانية

مقالات

2808

عبدالله الخاطر

فيروس ملكة الإبداع

18 ديسمبر 2024 , 02:00ص

الفيروس الذي يسكننا هو ملكة الإبداع التي تدير حراكنا وسلوكياتنا في شكل صراعات وحروب ونحن تحت إغراءاتها لا نملك من الامر شيئا، تحركنا غريزة عميقة وبدائية، والبشرية في تاريخها الطويل لم تستطع المقاومة، قوة متفجرة متدفقة تصنع منا الغرور والغطرسة والاستبداد، فنتقاتل باستخدام أدوات تلك الملكة من أسلحة ومسيرات وصواريخ فرط صوتية، نحن جيوش تحركها ملكة الابداع وحتمية الابتكار.

لماذا نحن البشر نتقاتل من اجل إبراز ملكة الابداع، هل لانها هي اساس البقاء، وهل هي ملكة الابداع من مكن الانسان ان يشيد ما شيد، وهل هي مقارعة بين الامم والشعوب لتمحيص الافضل فيها على البناء والتشييد وهو الاصلح للبقاء؟

تتصارع الامم على السطح في شكل مزاحمات، في شكل جيوش وأسلحة ومصادمات تبدو في الظاهر انها لمصالح معينة أو مكتسبات معينة ولكن في الاساس بعد كل هذا الصراع تبدو الامور مربوطة بالاسباب الاصلية لإبراز كل طرف من الاطراف ميزة يملكها يعتقد انها هي الاصلح والافضل للانسانية في تطور المجتمعات، في تطور الإنسان وايضا في دعم قدرة الانسان على البقاء، لكن وبعد الاف السنين من هذا الصراع نحن على عتبة وعي ان المنافسة الحقيقية هي على من يمتلك ميزة الابتكار الفضلى واذا كانت هذه هي الحقيقة فهل بامكان الانسانية ايجاد طرق واساليب اخرى للتنافس وتحديد الميزة الابتكارية دون سفك الدماء ودون هدر المقدرات على الأسلحة ودون القتل والاقتتال. عالم الاعمال يعطينا مثالا هو عالم تتراجع فيه نوكيا وتتقدم ابل تتراجع انتل وتتقدم انفيديا دون سفك للدماء بل إعادة هيكلة وإعادة تنظيم من اجل اعادة التركيز وبذل جهود اكبر في الجهد الذهني من اجل معاودة الابتكار والانطلاق مجددا في مضمار السباق، سباق ما وراء السباق، ما بين مظاهر سباق منافسة التقنية في الحروب و الأسلحة و ما بين سباق منافسة القدرة على ابتكار التقنية وخلق الميزة الأفضل.

حتمية الابتكار مفهوم مبني على اهمية بقاء الانسان وبقاء الانسان منذ البداية اعتمد على القدرات الذهنية للابتكار، فابتكر كيفية التعامل مع الحجر لتكييفه ليكون قادرا على تقطيع وتشذيب ومن ثم صنع رؤوس الاسهم للصيد وللدفاع عن النفس ثم السكين فالسيف فالمدفع فالطائرات المقاتلة.

لقد ان الاوان ان تعي البشرية انها قادرة على المنافسة وتقديم الاصلح للانسانية وقبول الاخر في العودة لطاولة صنع الابتكار القادم. ملكة الابتكار هي المحرك الفعلي للجهد الانساني وملكة الابتكار تعني التطور المستمر ولكن في حال اساءة هذه الملكة وتحويلها الى اسلحة هذا هو المفترق بين الحضارة الانسانية والحضارة بسلوكيات بهيمية وما نراه من الغرب اليوم هو العودة الى السلوكيات البهيمية في الدفاع عن عدم قدرته على المنافسة في الابتكار والابداع ومثل هذه البهيمية التي نراها في غزة وجنوب لبنان لن تكون قادرة على الدفاع عن من فقد القدرة على الابتكار والابداع، لقد بلغ الغرب في محاولة الدفاع عن عدم قدرته على الابداع في حالة الابادة الجماعية والتطهير العرقي وخرق القانون الدولي وفقدان العقلانية والموضوعية من اجل عدم التنازل او التراجع عن المقدمة، اليوم من سيكون قادرا على تشكيل نظام انساني يمكن الشعوب والامم من التناوب على مقدمة الحضارة دون سفك دماء ودون هدر للانسانية سيستحق ان يكون في مقدمة الركب فكما قبلت نوكيا واي بي ام وانتل وستتقبل غدا فولسفاكن ونيسان وفورد بالتراجع وتقدم تسلا واعادة الهيكلة وجب على الامم تعلم الدرس وقبول التراجع وسقوط الخلفية عندما لا تكون قادرة على الابداع والابتكار لتكون في المقدمة فان كانت اليونان القديمة في المقدمة والروم بعدهم والفرس بعدهم والحضارة الاسلامية بعدهم وبريطانيا وفرنسا بعدهم فان هذا التناوب هو حتمية الابتكار فوجب على الانسانية وعي ذلك والقبول به، لكن هل دار الزمان والتقت غريزة الابتكار والبقاء بغريمها الذكاء الآلي، وهل سينساق البشر خلف الذكاء الآلي ويتناسون الحروب ويقبلون بالجهد التنافسي؟

مساحة إعلانية