رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خالد الحروب

خالد الحروب

مساحة إعلانية

مقالات

869

خالد الحروب

هل الليبرالية الديمقراطية حقبة استثنائية زائلة؟

17 نوفمبر 2014 , 02:25ص

ربما ليس ثمة ثابت في التاريخ سوى حركته غير الثابتة دوماً. من حقبة لحقبة ومن طور لآخر يستمزج السخرية من المتصدين للتنبوء بمساراته. تتلاحق أحداثه في مسار يبدو وكأنه مُعلم بالمستقبل. فيتسرع كثيرون بإطلاق تقديرات وتنبوءات بما سوف يكون عليه المستقبل. ثم يصدمهم التاريخ وحركاته المفاجئة بانعطافات هنا ونتوءات هناك. أو بانحراف على يمين المسار وشماله. أو حتى الخروج منه تماما واستحداث آخر جديد.

لنتأمل مثلا النبوءة العارمة بحتمية وحصرية اندراج البشرية ودولها وشعوبها في مسار الديمقراطية الليبرالية وبكونه المسار الإنساني الأخير والوحيد الذي آل إليه العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الكتلة الاشتراكية ومشروعها الأيديولوجي. في تلك اللحظة التاريخية. في أوائل تسعينيتات القرن الماضي. والتي اتسمت بكثافة الحدث وحدته وضخامته. المتجسد في انهيار المثال الأبرز والأقوى للنظرية شبه الوحيدة التي تحدت فكرة الرأسمال وإنتاجاته وصياغاته لحياة المجتمعات واقتصاداتهم وثقافاتهم. فداجة وفجائية وضخامة الانهيار تلك للإمبرطورية والأيديولوجية التي سيطرت على ثلث العالم تقريبا خلال سبعة عقود أو أقل تفسر جزئيا هوس التنظير الظافري. الذي مثل فرانسيس فوكوياما. ذروته الأيديولوجية بالاستعجال بالتبشير بأبدية و"سرمدية" نموذج الديمقراطية الليبرالية.

فوكوياما. وآخرون لا حصر لهم. أطلقوا العنان لتفاؤل جامح يقول بأن شعوب العالم ومجتمعاته تتجه. وإن بسرعات متفاوتة. نحو تبني نموذج الديمقراطية الليبرالية. لأنه النموذج الأكثر استجابة لتطلعات حرية الإنسان بالدرجة الأولى. وإطلاق طاقاته. صحيح أن عماده الاقتصادي القائم على رأس المال يخلق تفاوتا هائلا وكبيرا بين البشر ويهدد تحقيق العدالة الاجتماعية. الأمر الذي تفوق فيه النموذج الاشتراكي المُنقضي. لكن مآلات ذلك التفاوت ستنتظم في في آليات ضابطة تقلل من منعكاستها. وتقلص فجواتها. ارتكز ذلك التفاؤل الكبير على هبات ديمقراطية في هذه المنطقة او تلك من العالم. أهمها التحولات الديمقراطية الكبرى في أوروبا الشرقية. وبعض جمهوريات آسيا الوسطى التي قد خضعت طويلا لحكم السوفييت. ثم في أمريكا اللاتنيية وبعض مناطق آسيا وإفريقيا.

إذن سقطت الأيديولوجية الأكثر تهديدا لليبرالية الديمقراطية. وحق لهذه الأخيرة أن تنتشي ولو ظرفيا. الايديولوجيات الأخرى لم تكن تشكل تهديدات حقيقية لليبرالية. وظلت ثانوية أو مكملة لواحدة من ايديولوجيتي الصراع الكبرى. احتلت الحركات الدينية مواقع متفاوتة في خارطة الصراع الايديولوجي والسياسي العريض بين الليبرالية والماركسية. لكنها بالمجمل وقعت فريسة التوظيف من هذه أو تلك. ولم تشكل أي منها بحد ذاتها طرحا متماسكا ومتكاملا يصل إلى حد البديل العالمي. هامشية الحركات الدينية والأصولية أسس (أو رسخ) النظرة لها بكونها زائلة وبأن نهايتها هي الانقضاء الحتمي رغم استطالة عمرها هنا أو هناك. رآها مفكرون كثر على أنها مجرد طفرة على جنبات التطور الإنساني الآيل نحو سيادة العقلانية والبراغماتية على حساب الدين والغييات. وانطلاقا من هذه النظرة فإن كثيرون لم يأخذوا اطروحة صاموئيل هانتنغتون حول صراع الحضارات (... أو الاديان) وبكونه الصراع القادم الذي يحتل مواقع وميادين الصراع بين الايديولوجيات.

بعد مرور ما يقارب خمسة عقود ونصف على لحظة انتصار الليبرالية الديمقراطية. والتنظير لها والاحتفاء بغلبتها. كيف يتبدى المشهد الايديوـسياسي عالمياً وإنسانياً؟ يمكن القول أولا أن الفكرة الليبرالية الديمقراطية تشهد انحساراً تدريجيا. وإن كان بطيئا. أو على الأقل فإنها بالكاد تسيطر على الفضاءات والمواقع التي تعتبر مواقع حضورها ووجودها التقليدي. بعيدا عن "الفضاء الغربي" نجد تنويعات لسياسات وأفكار مختلفة او هجينة وليس بالضرورة متبلورة على شكل ايديولوجيات منافسة. لكنها بالتأكيد تقع خارج التصنيف "الليبرالي الديمقراطي". اول "النماذج" التي يمكن ملاحظتها والتي تأكل من "الفضاءات الحيوية" لليبرالية الديمقراطية هو نموذج الليبرالية غير الديمقراطية واهم ممثيله روسيا والصين. فهنا ثمة مكونات عديدة. خاصة اقتصادية. مستوردة من. او معدلة عن. الأصل العائد للنظرية الرأسمالية في شكلها. وعضوية علاقتها. مع الليبرالية الديمقراطية. لكن هذه المكونات صارت تشتغل كوحدات مستقلة وليس كجزء من كل هو النموذج الأم. النموذج الروسي ـ الصيني الذي يقول بإمكانية تحقيق اقتصاد ناجح وفعال (... وليبرالي) من دون الضرورة لتبني سياسة ليبرالية يحقق حضورا. أو ترجمة وتقليد له. في مناطق كثيرة من العالم ومن ضمنها العالم العربي. هذا "النموذج" هو. بلغة أخرى. إعادة تأهيل للاستبدادوية والسلطوية. وحمايتها من تهديدات المكون الديمقراطي الذي يستكمل المكون الليبرالي في النموذج الأم.

ثاني النماذج المطروحة حاليا. خاصة في الشرق الأوسط. هو ما تقدمه الحركات الدينية خاصة تلك التي لا تعترف بفكرة "الدولة" وتريد أن تستجلب أشكالا فوق دولتيه (مثل الخلافة. أو المرجعية الدينية العابرة للحدود. أو سوى ذلك). ما تطرحه هذه الأصوليات لم يكن يأخذ بجدية في العقود الماضية. كما لم تأخذ الأطروحة الهنتغتونية بالجدية الموازية. لكنها اليوم أصبحت جزءا فعالا من المشهد وتقدم تهديدات حقيقية للأوضاع القائمة. من ناحية المضمون والمكون الفكري فإنها مناقضة جذريا لليبرالية وللديمقراطية وترفضهمها معاً. واللافت. والخطير معاً. في شأن الأصوليات الدينية يكمن في تجاوز تأثيراتها وانعكاساتها وما يمكن أن تحدثه في فضاءات المعسكر المنافس. فهنا تؤثر الدعاوى الاصولية المتطرفة على الفضاء الليبرالي الديمقراطي نفسه وتشكك في صحته حتى عند أهله. وتساهم بقوة في نشوء تيارات متطرفة وعنصريات رافضة لليبرالية نفسها بكونها تسمح لمن هو غير ليبرالي وغير ديمقراطي بالعمل وتعترف بوجوده.

اقرأ المزيد

alsharq فن التعامل مع العميل الغاضب

في بيئة العمل، نلتقي يومياً بأشخاص يختلفون عنا في أنماطهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم. منهم من يمر مرور النسيم؛ هادئاً،... اقرأ المزيد

24

| 17 أكتوبر 2025

alsharq تحقيق الثروة الاقتصادية عن طريق الموارد البشرية

الرضا الوظيفي له دور كبير فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وقد يعتقد الكثير من الهيكل الوظيفي المسئول... اقرأ المزيد

69

| 17 أكتوبر 2025

alsharq الجدالات التي تسرق أعمارنا

منذ عشر سنوات، كنت أدخل النقاشات كما يدخل أحدهم في معركة مصيرية. جلسة عائلية تبدأ بسؤال عابر عن... اقرأ المزيد

21

| 17 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية