رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

شيخة غانم الكبيسي

 AlKubaisiSha

مساحة إعلانية

مقالات

1089

شيخة غانم الكبيسي

انعكاسات

16 يوليو 2025 , 05:12ص

لي بريق لا ينضب، ولمعان ناصع كاللؤلؤ الصافي يشد نحوي غالبية من لا يقاوم جمالي ونعومة سطح ملمسي، يتدفقون نحوي في جو من الحرية الإيجابية بود، يتأملونّي باعجاب المنبهر.. يكشفون تفاصيلهم أمامي دون استحياء أو تردد، يصارحوني بخباياهم ومشاعرهم الدفينة، يتحدثون بالساعات مُستبيحين خيباتهم دون إخفاء للمشاعر التي تعتريهم وتفضح انكسارهم.. تنهمر دموعهم وكأنهم بلغوا حافة الانهيار التي ليس بعدها حياة وسقطوا في هاوية المصير التي لا يليها وقوف. يتذللون توسلاً لعلي أجيب على أحد تساؤلاتهم وأخفف من وطء صدماتهم... إلا ان صمتي نادراً ما يؤرقهم لثقتهم بأني لن أبخل عليهم بحناني أو اتجاهل وجودهم، كما لا يمكنهم الاستغناء عن قناعتهم بعملي المتفاني ودوري المحوري في تهوين مصاعبهم الحياتية وتهدئة توتراتهم النفسية من خلال بذل قصارى جهدي في ارشادهم لصواب أفعالهم ومحاولاتي المتكررة لتقويم اعوجاجهم واكتمال نواقصهم... 

كلي يقين بأن هناك خطأ ما قد احاط بهم بمجرد مثولهم أمامي... أعلم أنهم بحاجة لدعمي في تلك اللحظة، لذا استقبلهم بين احضاني واطمئنهم بأنهم أجمل مما يتخيلون وأفضل مما يعتقدون عن أنفسهم، بتصغير أكبر همومهم وتضخيم أبسط لحظات المتعة التي خالجتهم بغتة، لتهدآ سرائرهم ويطمئن فؤادهم.

وبعد كل ذلك ومع الوقت ظننت بأني ملكت جوارحهم وتربعت على عروش قلوبهم وبت أقرب صديق وآمن شريك يشاطرونه أرواحهم. إلا ان الشك بدأ يساورني، فليس ثمّة ما هو أسوأ من الغموض والريبة. فالذهن يتشبث بهم وعبثا يحاول البحث عن الإجابات الناقصة بينهم.

أعدت ترتيب أوراقي وتمعنت بتفاصيلها فوجدت أني لم أكن صديقا عابرا يسترجعون ذكراه بين دفاترهم القديمة التي قد يُقلبون صفحاتها أو يضطرون لتمزيقها واحراق بعضها أو جزء منها لتخطي مرحلة قاسية من أجل دفن تلك الصدمة أو ذاك الألم... بل أنا الأنا الخفية التي يتجاهلها الجميع ويخشى ظهورها ظناً منهم بأنها تُعيبهم وتستنقص من كمالهم الزائف.. أنا نصفهم الأقوى الذي يجهلونه ويخشون تمرده، يسدلون ستائرهم عليه كل مساء ويهدهدون مهده لينام كي لا يُنّقص نومهم ويُعكر صفوهم ورغم كل نظرات الاستصغار التي كانوا يخفونها نحوي إلا أنني أجذبهم رغم انوفهم، ففي حضرتي يتجمدون ويصمتون احتراما لانعكاساتي الفاضحة، مُتعطشين لأدق التفاصيل، أليس الصمت في حرم الجمال جمالا. 

ولكن رغم كل ذلك لم تشفع لي سنوات الاحتواء ولا شمولية العطاء فبعد ان اصابوني بجرح عميق آثار ألمي ولكنه ما استطاع كسري فبدا جليا ولم يتوارَ عن انظارهم التي أزعجها هذا الشرخ وشوه صورهم التي كُنت أُكملُها واجمع ذراتها فتبدو سليمة... لم يتقبلوا حقيقتهم ورفضوا مواجهتي خوفاً من بشاعة الواقع المُستنكر والتناقضات الفاضحة، نسبوا لي بشاعتهم وانكروا انعكاساتي الواضحة لنواياهم ومحاكاتي المجردة من أي تصنع أو خداع لبواطنهم.

ابتعدوا عني وراحوا يبحثون عن بديل مُتجاهلين وجودي ومتناسين شفافيتي التي كانوا يتغزلون بصلابتها ولكن بعد إن لامست بواطنهم وكشفت نواياهم باتت تلك الشفافية غير محببة ومبتذلة.. وجهوا لي أصابع الاتهام ولو نظروا الى عيني لوجدوا ان الصورة المتكونة أمامهم تشير إليهم.

 أتساءل أحياناً هل نظروا لنا وتقربوا منا لأنه قد صدف وجودنا في مجال نظرهم فحسب أم ان أداءنا تأثر بعدم براعة استخدامهم؟... هل غابوا عنا لعدم اهتمامهم بإصلاح عيوبهم أم سيجبرهم ذلك على رؤية ما وراء اشكالهم السطحية؟...

هل يعلمون بأن للمرايا ذاكرة قوية أم راهنوا على تجاهلنا المستمر؟ 

أو يعود الأمر لأسطحنا المستوية التي جعلتهم لا يخشون شظايانا الحادة الجارحة؟

 ألا يعلمون بأن كسرنا لا يمكن ترميمه ابداً؟ أم انهم مدركون لكل ذلك ورغم ذلك تمردوا علينا؟

وها أنا ما زلت واقفة بلا مبالاة لم تتغير صفاتي ولم يشوهني جرحهم، غير آبهة بتلصصهم عليّ بعد ان أبدلتهم بآخرين وتركتهم يبحثون عن اشباهي العابرين. 

فمتى ستستوعبون بأننا ليس إلا مرايا تعكس للخارج صوركم الدفينة وما تُبدونه لنا سنريكم إياه وستتلقون رد فعله ويوماً ما ستلتفتون وتدركون بأننا كنا أنفسكم التي رافقتكم على الدوام وانعكست عليها اسقاطات توقعاتكم وصفاتكم، وما نبرزه لكم ما هو إلا حقيقة تتطلب منكم الشجاعة فقط لقبولها.

مساحة إعلانية