رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حظيت الكلمة السامية التي ألقاها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى — حفظه الله — الاسبوع الماضي أمام أعضاء مجلس الشورى في افتتاح دور الانعقاد العادي السنوي الثاني والأربعين لمجلس الشورى للعام ١٤٣٥هجريا الموافق 2013م بمقر المجلس في "القصر الأبيض" باهتمام كبير من قبل الجميع محليا ودوليا كونها الكلمة الاولى لسموه امام هذا المجلس منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد هذا الصيف، وكذلك كونها تاتي في ظل احداث وتغيرات في المناخات على الساحة الاقليمية والدولية، كما انها الاولى ايضا امام المجلس بعدما كان مقررا له ان يُنتخب ثلثي اعضائه هذا العام، وهو ما لم يحدث، وتم التمديد لعمل المجلس مدة ثلاث سنوات جديدة تنتهي في العام 2016، اضف الى ذلك ما جرت عليه السنة الحميدة لمثل هذه الخطابات امام هذا المجلس والتي دائما ما جاءت لتحفز على المزيد من العمل والانتاجية والكل يستبشر بها خيرا ويتشوق لها لانها توضح الخطوط العريضة لمعالم السياسيات العامة للبلاد داخليا وخارجيا، كما انها تمثل رؤية شاملة وبرنامج عمل للفترة التي تليها.
لقد اتسمت الكلمة السامية للامير المفدى بالشمولية والشفافية وتناولها لكافة القضايا التي تتعلق معظمها بالارتقاء بالوطن والمواطن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وصحيا وتعليميا وخدميا، ولقد ركز سموه على المشاكل والقضايا التي تمس حياة المواطن باعتباره الركيزة الاساسية لعملية التنمية والثروة الحقيقية للوطن، والمتامل لهذه الكلمة السامية يرى انها قد جاءت مليئة وثرية بالكثير من الدروس والعبر المهمة والرسائل العميقة، والتي يصعب حصرها تفصيليا هنا في اسطر هذه المقالة ولكن يمكن الاكتفاء بالحديث عن لب الموضوع واساسه وهو موضوع "التنمية الشاملة"... نعم انها هذه الكلمة المفتاح التي وصفها سموه بانها كانت، وما زالت، هي الشغل الشاغل للقيادة الرشيدة، والتي اوضح سموه معالمها بقوله (...فنحن نعتبر بناء المؤسسات التي تقوم على الإدارة العقلانية للموارد، والمعايير المهنيّة، ومقاييس الإنتاجية والنجاعة، وخدمة الصالح العام من جهة، والحرص على رفاهية المواطن، وتأهيله للعمل المنتج والمفيد، وتنشئته ليجد معنى لحياته في خدمة وطنه ومجتمعه من جهة أخرى، وجهين لعملية التنمية التي نصبو إليها.)، اذا انها تلك التنمية المتكاملة والمتوازنة والتي بدأها سمو الأمير الوالد — حفظه الله — ويواصل مسيرتها سمو الامير المفدى، انها تلك التنمية التي تراعي الصالح العام متمثلا بالانتاجية والادارة العقلانية، ولا تغفل عن الصالح الخاص متمثلا برفاهية المواطن وتاهيله، ولقد صدق سموه عندما لخص أهداف التنمية هذه بما في ذلك رؤية قطر 2030، بثلاث كلمات هي بناء الوطن والمواطن، والحقيقة ان السياسة الحكيمة التي تنتهجها القيادة الرشيدة للوصول الى تلك التنمية الشاملة تعتمد على التكامل والتوازن في شتى المجالات والمستويات والاصعدة وليس فقط في مجالي الصالح العام والشخصي، وانما ايضا على المستوى الفكري والثقافي حيث نرى ذلك واضحا في سبيل سموه إلى إقامة الدولة الحديثة التي تستجيب لمتطلبات العصر، وتحقق لقطر المكانة الرائدة التي تصبو إليها، وللشعب القطري مستوى العيش الكريم الذي يليق به، وذلك من دون أن تتخلى عن انتمائها القطري والعربي الأصيل وعقيدتها الإسلامية السمحاء، وقول سموه انه لا تناقض بين التطور والأصالة خير دليل على هذا التوازن المحسوب.
ومن اكثر الجمل الرائعة التي حملتها الكلمة السامية والتي بها الكثير من الدروس والعبر البليغة انوه بما نبه اليه سموه في قوله: — (...ولكن كما سبق أن قلت في خطابي الذي وجهته لإخواني القطريين عند تولّي مقاليد الحكم، إن العبرة تبقى في النتائج. ولكنني أقول في الوقت ذاته، إنه لا يجوز أن نخدع أنفسنا. فهذا أسوأ من خداع الآخرين، لأن من يخدع نفسه يسد أمام نفسه الطريق لإصلاح الأخطاء. ومعيار النجاح في مجالات التنمية البشرية من صحة وتعليم وثقافة ورياضة وغيرها لا يقاس بحجم الاستثمار فحسب "ونحن لن نقصّر في هذا إن شاء الله" بل تكمن العبرة في العمل بنجاعة وإخلاص، وفي المُخرجات والنتائج.)، وبجملة سموه هذه رسائل مهمة كثيرة منها ذكر سموه ومخاطبته للشعب القطري بقوله "إخواني القطريين" وفي هذا القول دلالات عميقة مفادها قرب القيادة من شعبها وكذلك التاكيد على العلاقة الوثيقة بينهم، كما تدل ايضا على تعزيز مفهوم الشراكة في تحمل المسؤوليات للوصول لاهداف التنمية المرجوه للبلاد، الشراكة بمفهومها الاوسع والذي يشمل الجميع المواطن والدولة والقطاع العام والخاص والاهلي وكافة مؤسسات وامكانيات الوطن، كما ان ربط سموه معيار النجاح في مجالات التنمية بالمخرجات والنتائج وليس فقط كما يفعل الكثير من الاقتصاديين والمحللين المختصين في الشرق والغرب بربطه بحجم الاستثمار، يؤكد النظرة العميقة والثاقبة لسموه الكريم وحرصه الشديد في التاكد من تحقيق هذه التنمية الشاملة التي يصبو اليها هذا البلد العزيز، وفق الله سمو الامير وسدد خطاه واعانه على ما يصبو اليه.
موجة اخيرة..
ان عملية التنمية الشاملة ليست بالموضوع اليسير والذي يمكن تحقيقه في ليلة وضحاها، وانما هي عملية مستمرة شاقة ومعقدة تحتاج الى تكاتف الجميع لتحقيقها كما اوضح سمو الامير، وعلينا جميعا ان نضع كلمات سموه نصب اعيننا وان نعيها تماما ونكون في مستوى التحدي والمسؤلية.
في بيئة العمل، نلتقي يومياً بأشخاص يختلفون عنا في أنماطهم وسلوكياتهم وتوقعاتهم. منهم من يمر مرور النسيم؛ هادئاً،... اقرأ المزيد
186
| 17 أكتوبر 2025
الرضا الوظيفي له دور كبير فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وقد يعتقد الكثير من الهيكل الوظيفي المسئول... اقرأ المزيد
246
| 17 أكتوبر 2025
منذ عشر سنوات، كنت أدخل النقاشات كما يدخل أحدهم في معركة مصيرية. جلسة عائلية تبدأ بسؤال عابر عن... اقرأ المزيد
153
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
7884
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
6588
| 14 أكتوبر 2025
منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر الموظفون والمتقاعدون في قطر بمرحلة جديدة من العدالة الاجتماعية والتقدير العملي لعطاءاتهم الطويلة. فقد نصت المادة (31) من القانون على أن الموظف الذي أكمل أكثر من ثلاثين سنة في الخدمة يستحق مكافأة عن السنوات الزائدة، وهو ما اعتُبر نقلة نوعية في التشريعات، ورسالة وفاء وعرفان من الدولة لأبنائها الذين أفنوا أعمارهم في خدمة مؤسساتها. غير أن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً، إذ جاءت اللائحة التنفيذية لتضع قيداً لم يرد في النص الأصلي، حيث حصرت استحقاق مكافأة السنوات الزائدة فيمن تجاوزت خدمته الثلاثين سنة ابتداءً من عام 2023 فقط، متجاهلة بذلك آلاف المتقاعدين الذين أنهوا خدماتهم الطويلة قبل هذا التاريخ. هذا التفسير الضيّق أثار جدلاً واسعاً بين القانونيين والمتقاعدين، لأنه خالف صراحة روح المادة (31) وأفرغها من مضمونها العادل. النص التشريعي والغاية المقصودة: لا جدال في أن المشرّع حين أقر المادة (31) كان يبتغي تحقيق مبدأ المساواة والعدل بين كل من خدم الوطن أكثر من ثلاثين عاماً، دون التفريق بين من انتهت خدمته قبل أو بعد 2023. فالقانون قاعدة عامة مجردة، ومقاصده تتجاوز اللحظة الزمنية لتغطي جميع الحالات المماثلة. فإذا جاء النص واضحاً في تقرير الاستحقاق، فإن أي تفسير لاحق يجب أن يكون شارحاً ومكملاً، لا مقيّداً أو مفرغاً من المضمون. إن حصر المكافأة بفئة زمنية محددة يتنافى مع المبادئ العامة للتشريع، ويجعل القانون غير منصف في تطبيقه. فالذين تقاعدوا قبل 2023 قدّموا جهدهم وعرقهم طوال عقود، ومن غير المنطقي أن يُحرموا من حق أثبته النص لمجرد أن توقيت تقاعدهم سبق صدور القانون الجديد. أثر التمييز الزمني على المتقاعدين: إن استبعاد فئة كبيرة من المتقاعدين من حق المكافأة يخلق شعوراً بالغبن واللامساواة، ويؤدي إلى اهتزاز الثقة في العدالة التشريعية. هؤلاء المتقاعدون خدموا في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، وأسهموا في بناء نهضة الدولة منذ بداياتها، وتحملوا ظروف العمل في فترات صعبة لم تكن فيها الامتيازات والرواتب كما هي اليوم. إن تجاهل هذه الفئة يرسل رسالة سلبية مفادها أن جهد العقود الطويلة يمكن أن يُطوى بجرة قلم، وأن التقدير مرهون بتاريخ تقاعد لا بعطاء حقيقي. وهذا يتناقض مع قيم الوفاء والعرفان التي اعتادت الدولة على إظهارها لأبنائها. الحديث عن مكافأة السنوات الزائدة ليس مجرد نقاش مالي أو قانوني، بل هو في جوهره قضية عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية. فالمكافأة تمثل تقديراً رمزياً لمشوار طويل من الخدمة، وتساهم في تحسين أوضاع المتقاعدين الذين يواجهون أعباء الحياة المتزايدة بعد انتهاء عملهم. ومن هنا فإن إعادة النظر في تفسير المادة (31) ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو استجابة طبيعية لقيم العدالة التي تميز نظامنا القانوني والإداري. الحق لا يسقط بالتقادم: ومن المهم التأكيد على أن الحق لا يسقط بالتقادم، خاصة إذا كان مرتبطاً بسنوات خدمة طويلة بذل فيها المواطن جهده وطاقته في سبيل وطنه. إن مكافأة السنوات الزائدة تظل حقاً أصيلاً لصاحبها، يحق له المطالبة به ولو بعد حين، ما دام القانون قد أقرّه صراحة في نصوصه. إن محاولة إسقاط هذا الحق بمرور الزمن أو تقييده بتاريخ صدور اللائحة التنفيذية أمر يتعارض مع المبادئ القانونية الراسخة ومع قواعد العدالة والإنصاف. المقارنة بتجارب خليجية سابقة: من المفيد أن نشير إلى أن دولاً خليجية أخرى اعتمدت أنظمة تقاعدية أكثر مرونة في هذا الجانب، حيث شملت مكافآت أو بدلات السنوات الزائدة جميع المتقاعدين دون تمييز زمني، إيماناً منها بأن العطاء لا يُقاس بتاريخ انتهاء الخدمة بل بعدد السنوات التي قضاها الموظف في خدمة وطنه. هذا يعكس أن المبدأ ليس غريباً أو صعب التطبيق، بل هو إجراء ممكن وواقعي أثبت نجاحه في بيئات مشابهة. المطلوب هو أن تشمل مكافأة السنوات الزائدة جميع من تجاوز ثلاثين عاماً خدمة، سواء تقاعد قبل 2023 أو بعده. فذلك هو التطبيق الأمثل لروح القانون، والتجسيد الحقيقي للعدل، والضمانة لردّ الاعتبار لمن حُرموا من حقهم رغم استحقاقهم. إن مكافأة السنوات الزائدة ليست ترفاً ولا منحة عابرة، بل هي استحقاق مشروع وواجب وطني في حق كل من خدم الدولة أكثر من ثلاثة عقود. تجاهل هذا الاستحقاق يفتح باب التمييز ويضعف الثقة في التشريع، بينما إنصاف المتقاعدين يرسخ مبادئ العدالة ويؤكد أن الدولة لا تنسى أبناءها الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية البناء والتطوير. وليطمئن كل متقاعد أن عطاءه محفوظ في سجل الوفاء الوطني، وأن سنوات الخدمة الزائدة لن تضيع هدراً، بل ستُكافأ بالعدل والإنصاف.
3444
| 12 أكتوبر 2025