رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أمل عبدالملك

[email protected]
@amalabdulmalik

مساحة إعلانية

مقالات

1764

أمل عبدالملك

السعادة في الرضا

15 سبتمبر 2024 , 02:00ص

يتذمر كثير من البشر من أوضاعهم الاجتماعية، المادية، الوظيفية وغيرها، ويضع البعض نفسه في مقارنات مع غيره دون الالتفات لما لديه من نِعم قد يكون أحدهم محروما منها، فمثلاً المتزوج يتحسر على أيام العزوبية، ومن لديه أبناء يتذمر من كثرة طلباتهم، والمحروم من الزواج والأبناء يتمنى هذه النِعم، من يتمتع بوظيفة وراتب مناسب يحسد أحد معارفه الذي يشغل منصبا مهما وهو أقل منه في المستوى الأكاديمي والخبرة، والموظف يحسب سنواته للتحول للتقاعد، والمتقاعد يتمنى لو أنه ما زال موظفا، من لديه مال وفير قد يُحرم من السكينة والراحة والصحة، والفقير يتمنى لو أنه يعيش يوم حياة الأغنياء، من لديه بيت صغير يحلم ببيت أكبر، ومن لديه قصر يتمنى لو أن أرواحاً طيبة تشاركه الحياة، والحياة لا تعطينا كل ما نتمنى وما نحلم به، فالله سبحانه عادل في حكمه وقضائه ويوزع الأرزاق بالطريقة التي يراها مناسبة للإنسان الذي خَلقه ويعرف قدراته واحتياجاته، فقد نتمنى أموراً لأنفسنا وندعو الله لتحقيقها ولكنه يعطينا ما نحتاجه فعلاً وما هو أنسب لنا وإن كنا نجهل ذلك.

لو تأملنا حياة الأصدقاء حولنا أو معارفنا سنجد أن كل واحد منهم لديه نقص في جانب من جوانب حياته، وربما للوهلة الأولى سنعتقد بأن حياته كاملة ومثالية يتوفر فيها المال والمنصب والأبناء والعائلة إلا أنه قد يكون مُبتلى بمرض في نفسه أو لأحد أبنائه، ربما تعاني زوجة صالحة من زوج ظالم ومفتر وسيئ التعامل، ربما أحد الأبناء منجرف لأصدقاء السوء فتعاني الأسرة من تصرفاته السيئة وغير الأخلاقية، ربما تكون الأسرة مثالية وسعيدة ومتراصة وكل أفرادها على خُلق ودين إلا أنهم يعانون ضيق المادة وعدم القدرة على التمتع بكماليات الحياة، ولنوسع دائرة التأمل، ونتأمل حال بعض الشعوب مثل الشعب الفلسطيني والسوداني واليمني وغيرهم ممن يعيشون ظروفا سياسية صعبة وويلات للحروب والتجويع والتخويف وانعدام الأمان، ونقارن حياتنا الهادئة، ولله الحمد، الآمنة، فنحنُ نعيش في بيوتنا آمنين لا نخشى صفارات الإنذار ولا القذائف، تصلنا المياه لبيوتنا والطعام متوفر بوفرة والعلاج مجاني، ونعيش في بلد منظم ويحفظ حقوق الإنسان، وتحفنا الرفاهية وكل ما هو محفز للحياة المستقرة. فأين النقص؟ ولماذا لا يشعر البعض بالسعادة؟

المشكلة تكمن في قناعات البعض منا حول مفهوم السعادة، وبعدم الرضا بالقضاء والقدر، وهذا يختلف عن الطموح والسعي لتحقيق النجاحات والبحث عن فرص أفضل، فأن تكون راضيا بقدرك وتسعى في الأرض لتكسب أكثر أو تعيش بيسر مختلف عن أن تكون ساخطا على الحياة والآخرين ولا ترى الإيجابيات حولك ولا تتمعن في النعم التي وهبك الله إياها وتظل عينيك على ما لدى الآخرين من نعم ربما حصلوا عليها بطريقة غير شرعية وغير قانونية، فعلى الأقل أن مالك مال حلال وليس حراماً. عدم القناعة تُولد الحسد والحقد لدى البعض ممن نفوسهم ضعيفة، وإذا دخل أحدهم دائرة الحسد فإنه لن يشعر بالسعادة مهما توفرت لديه النعم لأنه لن يُقّدر ما بين يديه، فالشعور بالامتنان لله أولاً وللنفس ولكل النعم هو الشعور الذي يجعلك مطمئناً بأن رزقك سيصلك حتماً كما يراه الله لك، في الوقت نفسه كلما حمدت الله على ما لديك، وفرحت لفرحة الآخرين وتمنيت لهم الخير أرضاك الله بأكثر مما تتمنى، والعكس صحيح بالتأكيد من حسد الناس على نعمهم وتمنى زوال النعم عنهم سيجازيه الله وقد يحرمه أكثر النعم حباً لقلبه أو أن يجعله يعيش في قلق غير مبرر وعدم راحة وسكينة.

• السعادة أن تستشعر نعم الله حولك في أدق التفاصيل وأن تكون ممتناً لها ولكل ما يشعرك بالراحة والرضا ويلبي احتياجاتك فتعيش في أمان.

• السعادة تمكن في القناعة والرضا بقضاء الله وقدره مع تعزيز الثقة في الله وفي نفسك لتحقيق طموحاتك.

• احذر الحسد فإنه سبب لزوال النعم من حياتك وبداية لنهاية صحتك النفسية.

مساحة إعلانية