رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خولة البوعينين


[email protected]
@Khawlalbu3inain

مساحة إعلانية

مقالات

441

خولة البوعينين

ترياقٌ بعد الانكسار !

15 أبريل 2025 , 02:00ص

ما أسهل على المرء أن ينحدر إلى مهاوى الردى، وجل الاضطرابات الوجدانية والعقلية إن لم يحفظ لنفسه قدرها.

فمدار الأمن الداخلي لدى الإنسان يبدأ من إدراكه أنه كائنٌ مُكرّم، عالي الشأن وإن سقط، عزيزٌ عند ربه وإن انحرف، مُقدّر القيمة وإن أخطأ، مقبول حتى بنقصه وعيوبه.

وهذا الإدراك الجليل بالقيمة الذاتية ليس وهماً متخيلاً، أو حجة مكذوبة، تهدهد المخاوف الدفينة، وتدفع الإنسان إلى وهم مضلل، بل هو إدراكٌ نقيّ، يحاكي روعة وجوده، وتكريمه من خالقه، مهما بلغ في عين نفسه، وفي عين غيره نقص جدارته!.

وهذا الفهم يُعين المرء على إقامة نفسه مقامها، وإلى الانفتاح على اليسر بعد العسر، ودلف أبوابٍ لم تكن لتُفتح له عندما كان يظن أن شأنه متضائل الصغر.

ومما يُحتّم الوصول إلى ذاك المقام، التيقّن القلبي بأنه إنسان جيّد، وأن جوهره صافٍ، وأنه يستحق من الإكرام بما تكرّم الباري عليه، وما فتح له من أبواب الفرص للتعلّم من خلال السقوط والقيام من جديد كطبيعة في فطرة خلقه

لا شأن طارئاً على وجوده

وقد يواجه المرء في رحلته الإدراكية تلك، ما قد يزعزعها، فهو يموج في لجة عميقة من الأفكار والتصورات والأحكام المجتمعية التي بنت لنفسها صُرحا عتيقة من المفاهيم والأحكام التي تنبذه بسهولة إن لم يكن وفق معاييرها الصارمة، في الشكل والجوهر، والمثالية دون الخطأ، فلا يلبث أن يعاني مع ذلك كله سباحته ضد تيار متعاظم، يؤكد سلبه مكانته دون شروط، وتذكره بخطئه دون داعٍ، وتُذنبّه وتقصيه مع أصغر خطأ يسقط به.

فهو مرفوض إن اجترح، ومنبوذ إن اقترف، أو تكالبت عليه النقائص، لابد أن يمتثل لشروط الجمع وإن بدت مستحيلة أو قاسية!

وهذا مما يُعظـّم الأثر عليه، ويجعله يدور في ساقية الرفض والألم، و تعذّر بناء القناعة الذاتية بالقيمة، والشعور الداخلي بالتكريم.

فإن أدرك المرء تلك الفخاخ، وأنه صورة من صور الانسلاخ، نجا بنفسه من براثن داخله وقوانين مجتمعه الجائرة، ونظر بعين الفاحص الصادق إلى علوّ منزلته عند خالقه ومولاه، وتساقطت أمامه أقنعة الزيف، وأدرك أن حقّه محفوظ من الإكرام، والإذن بالوجود من الواجد جل في علاه.

فلا يلبث أن تلم نفسها شعثها، وتصطف في ذاته قيمها وأولوياتها، فلا يغتر بالزيف وإن عظُم، ولا ينخدع بالإفك وإن كانت جذوره ممتدة.

فلا أدنى بعد ذاك كله من أن يصل إلى ترياقه بعد كل انكسار، وأن يُحلّق بعد كل سقوط، وأن يتعافى بعد كل ألم.

لحظة إدراك:

ليس أشق على المرء من قيود يُكلبّ بها نفسه، من التصورات والأحكام وكاذب الشعور، وما أن يجرؤ على فك قيده حتى يُحلّق في سماوات التكريم، ويُعمّر بنيانه قصوراً شاهقة على أراضٍ صلبة لا تتزلزل، لأنه استند إلى نور حقيقته ولم يُضلل بظلام قشوره.

مساحة إعلانية