رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حينما (هللنا) لرحيل مبارك وكنت في هذا التهليل مصرية أكثر من المصريين أنفسهم توقعنا أن نجد من ينكر علينا هذه الفرحة ويقولون (ارحموا عزيز قوم ذل) من باب إن (الرجل) الذي فرحنا بترك سدة الحكم في مصر لمن نأمل أنه يستحقها مستقبلاً قد فعل للبلاد الكثير ويكفي إنه بطل من أبطال حرب أكتوبر وتولى رئاسة مصر في وقت حساس انتشل فيها الشعب من جو الحروب إلى أجواء السلام!.. حسناً لا يبدو إننا سنتفق!.. فالمدة التي قضاها (مبارك) على رأس السلطة تجهض معنى النزاهة في حكمه وتشبثه بالبقاء حتى وهو يقاوم شيخوخته ومرضه وبغض ورفض أكثر من مليون مصري كان هتافهم نهاراً وليلاً (الشعب يريد إسقاط النظام) وليتحول بقدرة الله عز وجل ثم بإرادة الشباب إلى (الشعب خلاص أسقط النظام) كل ذلك وأكثر يعطي لنا أسباباً وجيهة لننزع من قلوبنا الأسف على رحيله لكنه بلا شك يزرع فينا شيئاً من الرحمة لشيخوخة مبارك ولكن ليس لعناده وكبره وتكبره على إرادة الملايين.. يمكننا أن نرحم مبارك لنظرة الذل التي حاول أن يخفيها عن عدسة الكاميرا ولكنه لم يستطع أن يتجنب عدسات الملايين الذين عرفوا ببديهة يقظة إن الرجل على وشك أن (يخلع) وإنه لا مجال للكلمات المعسولة التي تأخرت ثلاثين سنة في وقت يكاد ميدان التحرير وباقي المحافظات المصرية أن يتفجر ثورة فوق الثورة وإن مراوغته ما هي إلا (فرفرة الطير المذبوح) وقد كان كذلك والحمدلله!.. هذه هي الرحمة التي في قلوبنا له وما عدا ذلك فتاريخه لم يشفع له استهانته بالدم المصري الذي استباحته قوات الأمن بإيعاز من العادلي وبتوصية من مبارك.. لم يكن مبارك بذاك العزيز الذي أعز نفسه حينما وجد الشعب كل الشعب يعلن كرهه له فأين الكرامة إن كان للكرامة وجود في شخصيته؟!.. لم نتذكر بطولته في حرب أكتوبر وقد قاد حرب الظلم والفقر والقمع على شعبه لثلاثة عقود متوالية كان يحرص على إقامة انتخابات رئاسية وفق الدستور المصري بينما الإعلان عن فوزه رئيساً يقبع في أدراج مكتبه وخلف شاشات الإعلام والصحافة ليعلنوا في كل مرة (مبارك.. رئيساً) ولتقام الأفراح على جماجم المظلومين وأحزاب المعارضة التي تعلن عن التزوير والتدليس في العملية الانتخابية ولا مجيب سوى صوت يقول لهم (اخرسوا.. مبارك رئيساً بالأغلبية )!!.. أين ذاك التاريخ الذي يجعلنا نرحم عزيز القوم وهو يمتلك ما يفوق المساعدات الأمريكية السنوية لمصر بمليار كامل ويعيش بثروة تقدر بـ (70) مليار دولار ناهيكم عن الشقق والبيوت التي تنتشر في لندن وباريس والحسابات السرية في بنوك سويسرا وشعبه يعيش أكثر من 40 % منه تحت خط الفقر وبدولارين في اليوم؟!!..أين يمكن أن نجد المزيد من الرحمة لهذا الرجل وإسرائيل لم يعل كعبها إلا في عهده حتى وإن وضع السادات اللبنة الأولى للعلاقات المصرية الإسرائيلية لكنه كان قادراً على تجميدها ووقف سيل الاتفاقيات المخزية التي عززت مواقف تل أبيب وأجهضت من حق الفلسطينيين في بلادهم واعتبر إن معبر رفح ملكاً لمصر في خدمة إسرائيل وليس حقاً للفلسطينيين أنفسهم؟!.. كيف يمكنني أن أنظر لتاريخ مبارك البطولي في حرب أكتوبر الذي انتصرت فيه مصر وجعلت من آبائنا يورثوننا الزهو والفخر بهذا الانتصار لنولد ونحن نتجرع الهزيمة تلو الأخرى من مبارك وإسرائيل معاً؟!.. بل أين مصر؟!.. فلم أقرأ ولم أعرف عن مصر إلا في كتب التاريخ وتحديداً في عهد جمال عبدالناصر حيث كان للكرامة وطن يسمى جمهورية مصر العربية وبعد ذلك حار السؤال وطار أين مصر الذي سمعنا عنها ولم نرها؟!!.. فكيف يجتمع النقيضان النصر في ماضي هذا الرجل والهزيمة في ماضيه وحاضره باعتبار أن العيش رئيساً لمدة ثلاثين عاماً هو ماض وتنحيه منذ يومين ولاتزال آثاره باقية هو حاضر يعيشه المصريون اليوم ونعيشه معهم بكل كسرة عين واعتكاف القلب بأحزانه؟!.. وبالطبع يجب أن يغلب ما فعله مبارك خلال ثلاثة عقود ما كان من تاريخه وهزيمته بضربة قاضية لا يقوم منها إلا إلى المقبرة التي تبدو أعلى شأناً من كلمة المزبلة!.. كيف يمكن لنا أن نقدم ما يشفع لمبارك وهناك على الخط الموازي من مصر يعيش شعب غزة يقتات الغذاء والدواء من أنفاق ضيقة أبى هذا (الحنون) إلا أن يزيدهم عوزاً وحاجة فأقام الجدار العازل الذي يضرب بنحو أربعة أمتار تحت الأرض لمنع تهريب الأغذية والسلاح لشعب ومقاومة غزة الأبية رغم إنها تعاني حصاراً قاسياً منذ عام 2007 وأصر على بناء الجدار وتحصيل الرضا الأميركي والإسرائيلي غير آبه بالسخط الشعبي والأسى الفلسطيني ونقمة الشعوب العربية التي ارتفعت في بورصة قلوبها أسهم الكراهية للنظام الذي رأسه مبارك بكل ما في الكلمة من معنى وروح؟!.. كيف لنا أن نسترحم رجلاً فقد الرحمة من قلبه حتى اللحظة الأخيرة وهو يرى دم الشباب مستباحاً من أجهزة نظامه الأمنية التي من المفترض أن تحمي هذا الدم وتحقن نزيفه؟!.. أين تاريخه الماضي من تاريخه الجديد في بتر قومية مصر وهيبتها ونهب ثروتها في القطن والقمح والغاز حيث كان يبيع الوحدة منه بأقل من أربعة دولارات لإسرائيل وكأنه يعطي من جيبه الحاتمي الذي أثقله بعرق شعبه ولم تدر منه حبة عرق واحدة إلا في لهاثه هو وأسرته الطامعة في الجاه والثروة نحو البقاء للأبد؟!.. عفواً فكل هذا وأكثر لا يجعلني إلا طلابة حق مع الشعب المصري ولا يزيدني إلا نقمة عليه وحسرة على مصر لكني بالتأكيد أكاد أطير فرحاً لأن مصر تسلمت القيادة وقد كانت منقادة!.
فاصلة أخيرة:
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
711
| 16 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
708
| 11 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
639
| 12 ديسمبر 2025