رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كنت حائرا في محاولة فهم الحالة البحرينية بعد أحداث الرابع عشر من فبراير الماضي والتي نظر إليها البعض بحسبانها جزءا من مفردات الربيع العربي بينما نظر إليها البعض الآخر ضمن سياق الصراع الطائفي الداخلي والتدخل الإقليمي ولم أكن – بصراحة – قادرا على تحديد رؤية خاصة لي تجاه هذه الأحداث غير أنني التقيت بالقاهرة قبل أيام مع الدكتور حسن موسى الشفيعي رئيس مرصد حقوق الإنسان في البحرين، زودني بمعطيات مكنتني من تكوين قسمات وملامح يمكن اعتبارها موضوعية نزيهة وشفافة حول المشهد البحريني وما زالت تداعياته مستمرة.
وقد سألته في البداية عن تقييمه لأحداث الرابع عشر من فبراير في ضوء قراءته لمجرياتها حتى الآن فسارع إلى القول الأمر بات يستوجب من كل اللاعبين السياسيين بالمملكة اتخاذ خطوات جريئة باتجاه تقييم مواقفهم وخطابهم السياسي وهو يعني بهم كل الأطراف وفي مقدمتهم السلطة وقوى المعارضة والقوى التي تمثل الأغلبية السنية والتي تتمثل في تجمع الوحدة الوطنية ووفق تقديره الشخصي فإن كل هؤلاء أخطأوا على نحو أو آخر.
فالسلطة أخطأت عندما تعاملت مع المسيرات والتظاهرات بدرجة عالية من القسوة وهو ما تسبب في سقوط ضحايا وبهذا الخطأ فإن السلطة خدمت أغراض القوى المتشددة في المعارضة .
وبدورها أخطأت المعارضة المتمثلة أساسا في جمعية الوفاق الوطني من خلال رفضها لمشروع ولي العهد بالحوار الوطني مع بداية الأحداث بعد أن عرض عليهم مجموعة مبادئ تتجاوب مع أغلبية المطالب الشعبية ومطالب قوى المعارضة غير أنها للأسف تلكأت ولم تقبل الدخول في الحوار المباشر مع ولي العهد.
كما أخطأت المعارضة عندما فقدت قيادة الشارع وانساقت معه فعوضا عن أن تقوم بقيادته أصبح هو يقودها إلى درجة أنها لم تقف ضد المطالب التي تبنتها بعض التيارات المتشددة المحسوبة عليها من قبيل إسقاط النظام الملكي وإقامة نظام جمهوري.
ثم أخطأت المعارضة من جديد عندما لم تندد بالعنف وأحداث الشغب والمواجهات التي كانت تجري في بعض مناطقها تحديدا المناطق الشيعية ضد قوى الأمن كما ارتكبت المعارضة خطأ استراتيجيا عندما انساقت مع تظاهرات الأجنحة المنتشرة في المعارضة حيث قادت تظاهرات شيعية نحو القصر الملكي ومنطقة الحكم المعروفة بقصر"الصافرية" وأظن أن هذا المشهد بالذات بعث برسائل إلى القوى السنية بأن ثمة تهديدا حقيقيا وجديا ضد النظام السياسي في البحرين والاستقرار والعائلة المالكة مما دفعها إلى القيام بانتفاضة شعبية ضخمة كبرى لكي تجهض هذا التهديد وتمثلت هذه الانتفاضة في ظهور قوى سياسية جديدة في المشهد البحريني تتمثل في تجمع الوحدة الوطنية.
وأخطأت المعارضة من جديد عندما انسحبت من العملية السياسية برمتها وأخرجت ممثلها من البرلمان ومن هنا انقطعت كل وسائل التواصل بينها وبين السلطة وهى بذلك تبدو وكأنها تريد أن تقول للسلطة نحن مع تغيير النظام وليس إصلاحه
وقد قادت هذه المعطيات كما يقول الدكتور الشفيعي إلى انقسام الشارع البحريني إلى سني وشيعي وهذا خطأ آخر ساهمت فيه كل الأطراف السياسية مما أدى إلى تمزق النسيج الوطني وأدخل البلاد في نفق الطائفية وهو ما تجلى في خطاب كل من المعارضة الشيعية والقوى السنية التي ظهرت في الساحة وحدث هذا عندما لم تبذل المعارضة أي جهد من أجل خلق توافق وطني مع القوى السنية على المطالب السياسية وكانت تعتقد هذه القوى بأنها قادرة على ممارسة الضغط على الشارع لإجبار النظام على تقديم تنازلات بما يؤهلها لفرض مطالبها على السنة وفي الوقت نفسه ساهم التحريض الإعلامي الخارجي وبالتحديد من القنوات الفضائية الشيعية.
ولكن لماذا تبدو بعض ملامح المشهد وكأن ثمة انسدادا في الأفق في العلاقة بين السلطة والمعارضة؟
متحدثي يرى أن هناك عدة أسباب لعدم توافق قوى المعارضة على خلق إجماع وطني على مطالبها السياسية مع القوى الأخرى وهو ما أدى إلى تداعيات العنف والتخريب والشغب فضلا عن تمزق الجسم الوطني البحريني ودخول الطائفية المذهبية في المشهد السياسي في المقابل فإن القوى السنية لم تسع للتقارب مع الشيعة وهو ما أظهره في الوحدة الوطنية المتمثلة في صورة اللامهتم بالتداعيات الناتجة عن أحداث الرابع عشر من فبراير تتصل بانتهاكات حقوق الإنسان مثل وفاة عدد من المحتجزين الشيعة في المعتقلات والذين نشرت صور واضحة تؤكد تعرضهم لسوء معاملة وتعذيب شديد القسوة فضلا عن عدم الدفاع عن الأخطاء التي وقعت كفصل مئات من الشباب الموظفين والعمال بالقطاعين العام والخاص بتهم مشاركتهم في التظاهرات وإلغاء بعثات التعليم لعدد آخر من الشباب وهذه الاخطاء والتي تعد وفقا لدستور البحرين والقانون الدولي الإنساني انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان أشعرت الضحايا بأن تجمع الوحدة الوطنية غير معني بها مما كرس الانقسام الوطني في المشهد السياسي البحريني.
وفى تقديره أنه كان يتعين على التجمع بصفته ممثلا للسنة أن يتبنى موقفا محددا ضد تلك الانتهاكات التي وقعت ويدافع عن الضحايا الذين سقطوا وهي أخطاء باتت معروفة وواضحة خاصة أن الملك حمد بن عيسى عاهل البحرين أعلن عنها في عدة خطابات موجهة للشعب كان آخرها في أغسطس الماضي عندما ذكر بأن هناك أخطاء ارتكبت، ووجه الدولة والحكومة بالقيام بالخطوات القانونية واتخاذ الإجراءات الضرورية بتحمل المسؤولية والاعتراف بالخطأ وتعويض الضحايا بما يلزم وفق القانون، كما اعترف الملك بهذه الأخطاء عندما قرر تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في شأن أحداث البحرين برئاسة الخبير القانوني الدولي الدكتور محمد شريف بسيوني ومنحها صلاحيات واسعة وحدد لها مجالات عديدة لكي تقوم بمهامها وفي الوقت نفسه فإن الملك أمر بتشكيل صندوق وطني بتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين سقطوا منذ 14 فبراير وحسب قناعتي فإن النظام عبر هذه الخطوات يبدو وكأنه أجرى عملية تقييم للأخطاء التي ارتكبت من قبل بعض الأجهزة الرسمية وتحملت الدولة المسؤولية وهي رسالة في الآن ذاته للمعارضة وغيرها بأن تقوم بدورها بتقييم خطواتها ومراجعة الأخطاء التي ارتكبتها في إدارتها للأزمة سواء أكانت قوى المعارضة الشيعية أو السنية.
ويلفت الدكتور الشفيعي في ختام قراءته إلى أن ثمة إمكانية متوافرة لتجاوز الأزمة البحرينية لكن من الضروري أن يتم تنفيذ عدد من الخطوات الضرورية في صدارتها العمل على تعزيز الثقة المفقودة بين قوى المعارضة والسلطة وذلك بدوره يتطلب القيام بإجراءات وتوجيه رسائل واضحة من قوى المعارضة أولها ألا تسعى لإسقاط النظام وإنما إصلاحه والحفاظ على استقرار البحرين وثانيا الوقوف ضد كل من يسعى أو يحاول أو يخطط أو يحرض على النظام وثالثا أن ترفض كل التدخلات الخارجية السلبية والتحريضية ضد الاستقرار السياسي وعدم الاستقواء بالخارج سواء على الصعيد السياسي أو الإعلامي ورابعا أن تسعى بجدية لخلق توافق وطني على جميع المطالب السياسية لأنه من دون التوافق الوطني لا يمكن تحقيق تقدم جوهري في المشهد السياسي البحريني بحيث لا يسعى أي طرف إلى فرض مطالبه أو مواقفه على الآخر
خامسا أن تسعى قوى المعارضة نحو تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية واعتماد خطاب وطني بما يعزز من ترابط كل فئات الشعب البحريني وسادسا ألا تقطع قوى المعارضة تواصلها مع السلطة والقوى الأخرى وتعمل على الدخول في العملية السياسية من خلال عملها ضمن المؤسسات الدستورية القائمة لأن المقاطعة لا تخدم أي طرف.
هذا على مستوى قوى المعارضة أما بالنسبة للحكومة فهي مطالبة أولا
بأن تسعى إلى تعزيز الثقة فيها عبر معالجة الأخطاء التي ارتكبت والمتعلقة بحقوق الإنسان من قبل الأجهزة التنفيذية وذلك من شأنه أن يترك تأثيرا إيجابيا على عوائل الضحايا ويساهم في تطييب الخواطر.
وثانيا: أن تعمل على استيعاب قوى المعارضة في الجسم الرسمي لأن النظام السياسي الواثق من نفسه لا يخشى من التقارب مع الطرف المختلف معه وهذه الخطوة بالذات ستعمق من فهم السلطة لقوى المعارضة وثالثا الحكومة مطالبة بالسعي إلى فتح حوار مع القوى المعارضة المتشددة التي تطالب بإسقاط النظام وأظن أن هذه الخطوة من الضرورة بمكان من أجل استقرار البحرين على المدى البعيد لأنه ليس من صالح البلاد.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13767
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1818
| 21 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1419
| 25 نوفمبر 2025