رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعد « ابن درهم } أحد أبرز علماء قطر الذين عاشوا في القرن الماضي ، وقد ذكرت الكثير من المراجع انه ولد في الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي وكانت وفاته في بداية أربعينيات القرن العشرين الميلادي ، حيث عاش في الفترة ما بين (1290 – 1362 هـ ) الموافق ( 1873 – 1943 م) ، واسمه الكامل (عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن درهم ) . وهو يعد أحد أعلام الحركة الفكرية القطرية.
وتشير بعض المصادر عن الشيخ ابن درهم بأنه:
وُلد في مدينة الدوحة ، وتلقى علومه الشرعية واللغوية والأدبية والتاريخية على يد والده الشيخ عبد الله ابن درهم ، وقد رحل وهو في الـ23 في بعثة علمية إلى مدينة الرياض حوالي عام 1895 ، وذلك على نفقة حاكم قطر آنذاك المؤسس الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني آل ثاني، وأُتيح لهذا الشاب أن يختلف إلى حلقات كبار العلماء هناك ، لا سيَّما حلقة (الشيخ عبد الله بن عبداللطيف آل الشيخ) ، وأقام الشيخ عبد الرحمن في الرياض حولاً كاملاً ، ورجع بعدها إلى وطنه قطر متعمقاً في الدراسة على يد والده الشيخ عبد الله الذي تبوأ آنذاك منزلة جليلة بين العلماء بوصفه قاضي قطر الشرعي ، وهو منصب ديني رفيع شغله والده 24 سنة.
وانتقل الشيخ عبد الرحمن ابن درهم إلى الحياة العملية فاشتغل بتجارة اللؤلؤ ابان عهد الغوص والعمل في البحر ، ولكنه لم ينقطع عن العلم ، وظل شغفه بالكتب متصلاً ، وكان ينفق الساعات من يومه ونهاره سائحاً في بساتين الأدب والعلم ، غير مخلٍ أوقاته من فائدة يلتقطها من هنا وهناك ، وعزم على أن يقدم لأبناء وطنه وعصره وأُمته كتاباً حافلاً يترجم عن سعة معرفته وضربه في المصادر والمظان ، فجمع كتابه « نُزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار » ، ولعلّ ممّا مكنه من إنجاز مهمته على أحسن وجه موهبته الشعرية وكثرة اطلاعه وشغفه بالأدب.
وقد عُرف عن الشيخ (ابن درهم) شخصيته المتماسكة وخصاله الحميدة ، وكان مثالاً طيباً للإيمان الصادق واستقامة السيرة وكرم الخُلق وحسن المعشر وطيب النفس ، كما كان يجمع إلى ذلك صفات علمية لعل أهمها : الصدق والأمانة والدقة وسعة المعرفة مع تواضع جم وحب لأهل العلم والأدب وإكرام لهم.
كما عرف عنه انه كان إماما في « مسجد أبا القبيب « الشهير والمعروف بمدينة الدوحة وهو من المساجد القديمة التي ما تزال باقية حتى الان بعد ترميمه من جديد ، وتم انشاؤه في عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني حاكم قطر فيما بين (1876 - 1913).
ترك (ابن درهم) تآليف عدة ، ما زال بعضها مخطوطاً ، غير أنّ كتابه « نُزهة الأبصار » غطى بشهرته وقيمته على سائر جهوده العلمية ، ولذا طُبع غير مرة ، وقد قام سمو الشيخ علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني حاكم قطر الاسبق بطباعته مرتين وتوزيعه على أهل العلم والأدب وتقع الطبعة الأولى في ثلاثة مجلدات أما الطبعة الثانية فطبعت في مجلدين ، بينما طبع طبعة أخرى على نفقة وزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر قبل سنوات في أكثر من مجلد، وقد ضم المؤلف العديد من المختارات الجيدة لثلاثمائة شاعر من القدماء والمحدثين.
يقول عنه أحد الباحثين المعاصرين في التراث:
كان زاهداً وتقياً ومعلماً وقاضياً لعقد القرآن وتلقى علوم الدين من فقه وقراءة القرآن والشريعة وأصبح مؤهلاً لتعليم الناس ، وقد تطوّع لخدمة أبناء وطنه وتعليمهم القرآن الكريم وأصول الدين الإسلامي وكان لا يتهاون في شرع الله وسنة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ولذلك كان التعليم على يده يحتاج إلى تركيز وانتباه وحفظ ومواظبة وصبر ، لأن مبدأه هو (من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الطريق وصل) . ويقال إنه حرم التصوير ، كما حرم التدخين بعد أن عرف من خلال علمه بأنه ضار وحرم كذلك كل ما يضر بالإنسان ، فالتدخين عنده كان من المحرمات التي ينهى عنها الإسلام . ويقال عنه كذلك بأنه اعتكف في منزله لمدة سنتين لا يخرج إلا للصلاة فقط وذلك لتأليف كتاب (نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار).
أورد له كتابه « نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار » عددًا من القصائد والمقطوعات الشعرية ، وأورد له كتاب « وميض البرق » للباحث علي الفياض بعض أشعاره ، ويدور ما أتيح من شعره حول المكاتبات والمطارحات الشعرية الإخوانية مضمنًا ذلك مدحه لمن يتوجه إليهم بمثل هذه المكاتبات ، ويميل إلى البث والشكوى ، ويتجه إلى استخلاص الحكم والاعتبار ، وله شعر في الرثاء فيه ، ويبدو تأثره بأسلافه من شعراء الرثاء ، وتتسم لغته بالطواعية ، وخياله نشيط.
ولعل أشهر قصائده الفصيحة تلك التي عرفت باسم « خذ من زمانك ما صفا « التي يقول فيها (من بحر مجزوء الكامل):
خُذْ مـن زمـانك مـا صـفـــــــــــــــــا
واقنعْ - هديـت - بـمـــــــــــــــا كفى
واعـلـم بأنك لن تجــــــــــــــــــــد
خلاّ يـدوم عـلى الصَّفـــــــــــــــــــا
كلا ولن تَرَ صـاحــــــــــــــــــــــبًا
فـيـمـا أهـمّك مسعفــــــــــــــــــــا
وإذا أخـو ثقة رأيـــــــــــــــــــــتَ الـود مـنه تكلُّفــــــــــــــــــــا
فتسلَّ عـنه ولا تكــــــــــــــــــــــن
متحـزِّنًا متأسّفـــــــــــــــــــــــــا
وإذا الـمحـبُّ رأيـــــــــــــــــــــته
متـودّدًا متلطّفـــــــــــــــــــــــــا
فـاشددْ بـه عقـد الــــــــــــــــــودادِ ،
وكـن له مستعطفـــــــــــــــــــــا
كأخـي الفضـائل والــــــــــــــــــتّقى
بـيـت الـمـروءة والـوفــــــــــــــــا
ألِفَ الـمكـارم مذ نشـــــــــــــــــــا
وأشـاد مـنهـا مـــــــــــــــــــا عفى
لكـنّه قـد سـامـنــــــــــــــــــــــي
هجـرًا بصـبري أجحفـــــــــــــــــــــا
يـا أيّهـا الخلُّ الــــــــــــــــــــذي
مـا زلَّ قطُّ ولا هفــــــــــــــــــــــا
مـا ذنـب ممـلـوكٍ لكـــــــــــــــــــم
أسقـيـته كأس الجفــــــــــــــــــــا ؟
إن كـان عـن ذنـبٍ فأنــــــــــــــــــتَ
أحق مَنْ عـنه عفـــــــــــــــــــــا
أو لـم يكـن ذنـبٌ فإنْــــــــــــــــــــنـي
قـد عهدْتُك مـنصـفــــــــــــــــا ؟
تـاللهِ حـلْفَةُ صــــــــــــــــــــــادقٍ
فـي الجهـر مـنّي والخـفــــــــــــــــا
مـا لـذَّ لـي مـن بعـدكـــــــــــــــــم
نـومٌ وعـيشـي مـا صـفــــــــــــــــــا
والقـلـب بعـد فراقكـــــــــــــــــــم
أضحى جـوًى متلهّفـــــــــــــــــــــــا
فإلى متى هـــــــــــــــــــــذا الصدودُ ؟
إلى متى هـذا الجَفــــــــــــــــا ؟
مـا كـان ضرّك لـو كتبــــــــــــــــــــتَ
إلى محـبك أحـرفـــــــــــــــــــا ؟
ويقول في قصيدته الأخرى « سلامٌ من المملوك « (من بحر الطويل) :
سلامٌ مـن الـممـلـوك مـا لاح بـــــــارقُ
ومـا هلّ ودقُ الهـامـيـات الـمـــــــواطرِ
ومـا اخضرَّ عـودٌ أو تـرنم طـــــــــــائرٌ
وفـاح شذا تلك الريـاض العــــــــــواطر
أخـي إن جفـانـي كلُّ خلٍّ وصـاحـــــــــــبٍ
ومـن لـم يـزل يرعـاه قـلـبـي وخــــاطري
لقـد جـمع الله الـمـروءة والـوفـــــــا
لـمـاجـدِ أعـراقٍ زكـيِّ العـنــــــــــاصر
أخـي هـمّةٍ تأبى لكل دنــــــــــــــــيَّةٍ
تقـيٍّ نقـيِّ العـرض عفّ الـــــــــــــمآزر
له فـي العـلا بـيـتٌ أشـاد عـمـــــــاده
تـراث جـدودٍ كـالـبــــــــــدور السّوافر
ولكـنه قـــــــــــــــــد زانه وبنى له
مـن الـمـجـد أركـان العـلا والـمفـــاخر
وقصيدته الثالثة التي اخترناها له هي بعنوان « أشكو الى الله « يقول فيها (من بحر البسيط) :
فـارقتكـم وبقـلـبـي مـن فراقكـــــــــمُ
مـا لـيس يـوصـف مـن هـمٍّ ومــــــــن حَزَنِ
أشكـو إلى الله مـا بـالقـلـب مـن ألـــمٍ
فهـو الـمـرجّى لكشف الضرّ والـــــــــمحن
كـيف السلـوُّ وعـيـنـي لا يلـذُّ لهـــــــا
نـومٌ وقـلـبـيَ لا يـخلـو مــــــن الشجن ؟
◄ كلمة أخيرة :
رحم الله العالم الجليل والأديب والشاعر الشيخ عبدالرحمن ابن درهم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
17352
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
9423
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار تبنّت دولة قطر نموذجًا قانونيًا لمنح فرص الإقامة للأجانب بضوابط قانونية محددة، أبرزها ما ورد في المادة (7) من قرار مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2020 والذي ينظم منح الإقامة للأجانب من خلال التملك العقاري في قطر، فقد فتحت الباب أمام غير القطريين للحصول على الإقامة عبر تملك العقارات أو الانتفاع بها، وفق شروط دقيقة. ويأتي هذا التوجه ضمن سياسة الدولة في تشجيع الاستثمار العقاري، وضخ المزيد من الاستثمارات في السوق العقارية المحلية، ويساهم في تحقيق رؤية قطر التنموية التي تسعى لجعل البلاد وجهة إقليمية رائدة للاستثمار والعيش الكريم. من شروط الحصول على الإقامة العقارية في دولة قطر لملاك العقارات غير القطريين، وأن يكون مؤهلاً للحصول على إقامة دائمة، كما وضع القانون شروطا واضحة ولابد من توافرها، بأن يشترط أن يقيم المستثمر داخل دولة قطر مدة لا تقل عن 90 يومًا في السنة، سواء كانت إقامة متصلة أو متقطعة حتى تستمر الإقامة في سريانها، ولاسيما أن تكون قيمة العقار لا تقل 730 ألف ريال قطري ويتم تقييم العقار وفقًا للقيمة السوقية المعتمدة من إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل ولا يقتصر ذلك فقط على قيمة الشراء المتفق عليه بين الطرفين، وإضافة على ذلك إذا بلغت قيمة العقار 3 ملايين و650 ألف ريال قطري أو أكثر فإن المالك المنتفع به يُمنح امتيازات إضافية لحاملي الإقامة الدائمة وتشمل التعليم الحكومي والرعاية الصحية وبعض التسهيلات الاستثمارية، وتظهر هذه الشروط ضمان جدية المستثمر. ويشدد القانون على أهمية إقامة مالك العقار في الدولة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من كل عام متصلة أو متواصلة، ويُقصد من هذا الشرط ضمان ارتباط حامل الإقامة العقارية فعليًا بدولة قطر، وعدم الاقتصار على التملك من الخارج دون تواجد فعلي، وفي الحالات الاستثنائية التي يتعذر فيها على المالك تحقيق شرط الـ90 يومًا بسبب ظروف قاهرة أو ضرورات خاصة تتيح اللوائح إمكانية تقديم طلب استثناء أو عذر رسمي للجهات المعنية، على سبيل المثال يمكن للمالك التقدم بطلب “تصريح عودة مقيم” لدى وزارة الداخلية إذا اضطر للبقاء خارج قطر مدة طويلة تتجاوز المسموح به، وذلك حفاظًا على صلاحية إقامته، يمنح تصريح العودة للمقيم فرصة عدم إسقاط إقامته عند تجاوز المدة المحددة للبقاء خارج البلاد والتي تكون عادة 6 أشهر كحد أقصى للإقامة العادية، حيث يتم توضيح أسباب الغياب وتقديم المستندات الداعمة للحصول على موافقة استثنائية، وبهذا الإجراء القانوني يمكن للمالك الحفاظ على إقامة العقار الخاصة به رغم عدم استيفائه شرط 90 يومًا في السنة في بعض الحالات الاستثنائية، شريطة موافقة الجهات الرسمية المختصة على العذر المقدم وفق الأصول القانونية. وفي سياق تحديد قيمة العقار المعتمد لهذا الغرض، أوضح القانون أن المرجعية تكون للقيمة السوقية التي تعتمدها إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل، وليس فقط سعر الشراء المُعلن، بمعنى آخر تحتسب أهلية العقار لمنح الإقامة بناءً على تقييم رسمي يعكس القيمة السوقية الحقيقية للعقار، هذا الإجراء يهدف إلى ضمان النزاهة وعدم التحايل في تقدير قيمة العقارات المطلوبة للحصول على الإقامة، وفي حال اختلف التقييم الرسمي عن سعر الشراء بشكل يؤثر على استيفاء شرط الحد الأدنى للقيمة، يمكن للمستثمر العقاري التقدم بطلب اعتراض أو إعادة تقييم لدى الجهات المختصة، لتصحيح أي تفاوت محتمل في تقدير قيمة العقار، وتتم عملية الاعتراض عبر تقديم المستندات والبيانات اللازمة لإعادة تقييم العقار من قبل إدارة التسجيل العقاري، حرصًا على أن يحصل المالك على حقه في التقييم العادل الذي يؤهله للإقامة العقارية إذا انطبقت الشروط. أما في حال قيام المالك ببيع العقار الذي منح بموجبه الإقامة، فإن رخصة الإقامة العقارية المرتبطة بهذا العقار تصبح مهددة بالإلغاء تلقائيًا لزوال سبب منحها، ولتفادي فقدان الإقامة فورًا حددت السلطات مهلة زمنية تمنح للمالك السابق من تاريخ بيع العقار، وذلك ليقوم خلالها إما بشراء عقار بديل يستوفي الشروط أو بتغيير وضع إقامته إلى كفالة أخرى مشروعة، وتبلغ مدة المهلة الممنوحة 3 أشهر من تاريخ بيع العقار، فإذا تمكن خلالها من شراء عقار بديل للقيمة المحددة 730 ألف ريال قطري على الأقل ونقل ملكيته باسمه، يستطيع حينها نقل الإقامة العقارية إلى العقار الجديد والاستمرار بالتمتع بها دون انقطاع، أما إذا انقضت المهلة دون شراء عقار جديد للشروط أو ترتيب كفالة إقامة بديلة مثل الانتقال لكفالة عمل، فإن الإقامة العقارية تُلغى بانتهاء تلك المهلة لانتهاء سبب استحقاقها، هذا التنظيم يمنح المستثمر الجاد فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه دون إخلال فوري باستقراره في البلاد، وفي الوقت ذاته يضمن عدم بقاء الإقامة بدون أساس قانوني مستمر. الجدير بالذكر أن القانون نفسه ميّز امتيازات إضافية للمستثمرين العقاريين الذين تبلغ قيمة ممتلكاتهم العقارية حدًا أعلى، فبحسب المادة (7) سالفة الذكر، إذا وصلت القيمة السوقية للعقار الذي يمتلكه الأجنبي إلى 3,650,000 ريال قطري أو أكثر ما يعادل مليون دولار أمريكي تقريبًا، فإن مالك العقار يحظى بامتيازات إقامة دائمة مماثلة لتلك التي يتمتع بها حامل بطاقة الإقامة الدائمة، وتشمل هذه الامتيازات التعليم والصحة المجانية في المؤسسات الحكومية لأفراد أسرته، إضافة إلى تسهيلات في مجال الاستثمار والمعاملات التجارية، وبذلك يعد حافزًا كبيرًا للمستثمرين الراغبين في مزايا طويلة الأمد.
9378
| 13 نوفمبر 2025