رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي المسعودي

مساحة إعلانية

مقالات

351

علي المسعودي

«الحكمة والمثل العليا» في الشعر القطري

14 مايو 2025 , 03:28ص

يُعد الشعر القطري أحد أبرز المرايا التي تعكس ملامح الهوية القطرية بأبعادها الأخلاقية والاجتماعية والتاريخية.

الشعر في قطر بشكل خاص - وفي سائر بلدان الجزيرة العربية بشكل عام - وسيلة للتعبير عن القيم النبيلة والمثل العليا التي يتحلى بها المجتمع، مثل الكرم، الشجاعة، الوفاء، النخوة، والاعتزاز بالوطن. ولئن كانت هذه القيم تمثل جوهر الروح العربية، فإن حضورها في الشعر القطري يعكس تفاعل الإنسان القطري مع بيئته وتاريخه وأحداث مجتمعه.

وكان لي شرف حضور حفل تدشين كتاب (الحكمة) وهو منتخبات من عيون الشعر القطري، بحضور سعادة وزير الثقافة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، والذي تحدث فيه مدير مركز قطر للشعر وقدمه خلال ذلك الشاعر عبدالحميد اليوسف، ليتحدث عن جهود المركز في الحفاظ على الهوية الثقافية القطرية، وأن الشعر قد لعب دورًا أساسيًا في تدوين التاريخ القطري، سواء على مستوى الأحداث السياسية الكبرى كقيام الدولة الحديثة، أو على صعيد التحولات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما مع النهضة الحديثة. فالشعراء القطريون وثّقوا الأحداث بلغة وجدانية حيّة، تُغني المادة التاريخية وتمنحها بعدًا إنسانيًا ربما يفتقر إليه السرد. إذ نرى في قصائدهم المصاعب والحروب والتحديات العظيمة التي مرت بها الدولة لتثبت أركانها وتفرض هيبتها في المنطقة، كما نقرأ وصفًا لحياة البداوة ومكابدات البحر، ومعاناة الأجداد، وحنينًا للماضي المفعم بالقيم، مما يحوّل الشعر إلى سجل لذاكرة الوطن.

كما أن الشعر القطري يُدوّن الحالة الاجتماعية والعاطفية للمجتمع. فالمشاعر الشخصية، والحب، والفقد، والفخر بالانتماء، جميعها تتجلّى في القصائد كتعابير عن الحس الجمعي، لا الفردي فقط. ومن خلال هذا التوثيق، نستطيع أن نقرأ تحولات المجتمع القطري في علاقاته وأعرافه وقضاياه، لنفهم كيف تشكّل وجدان هذا الشعب وتقاليده.

ويبرز دور مركز قطر للشعر “ديوان العرب” كمؤسسة فاعلة في حفظ هذا الإرث الثقافي، ودعمه، وتطويره. حيث أسهم المركز في توثيق الشعر الشعبي والفصيح، وتنظيم المهرجانات والأمسيات الشعرية، وإصدار الدواوين، وتشجيع المواهب الشابة. كما دعم التوجه نحو تعزيز القيم الأخلاقية والمثل العليا من خلال الشعر، في مسعى لجعل الكلمة وسيلة لبناء الوعي والانتماء، وليس مجرد أداة للزينة اللفظية.. وذلك بتشجيع ومساندة من سعادة وزير الثقافة.

وفي ظل ما يشهده العالم من تغيّرات ثقافية، يبقى الشعر القطري صامدًا بقيمه، متجددًا في لغته، أصيلًا في روحه، بفضل المؤسسات الراعية له، وبفضل شعرائه الذين يحفظون للهوية القطرية نبضها الأخلاقي والتاريخي.

وفي إطار هذا التوجه الوطني نحو صون الهوية وتعزيز الوعي الثقافي، تضطلع وزارة الثقافة بدور جوهري في تشجيع العمل التدويني ونشر الثقافة، من خلال مبادراتها المتنوعة التي تستهدف دعم الإبداع الأدبي والفني، وتوفير المنصات الملائمة لنشر النتاجات الفكرية والشعرية. وتأتي هذه الجهود في ظل قيادة سعادة وزير الثقافة، الذي يولي أهمية كبرى لتوثيق التراث الثقافي القطري، وتفعيل دور المؤسسات الثقافية في بناء مجتمع معرفي متكامل، حيث يُعد الشعر إحدى ركائزه الأساسية. وقد تجلى هذا الاهتمام في دعم المراكز المتخصصة، كالمنتديات الأدبية، وبرامج النشر والتوثيق، ومعارض الكتب والجلسات النقاشية والمكتبات والمؤتمرات التي تتيح للشعراء والمبدعين توثيق تجاربهم والإسهام في رسم ملامح الذاكرة الوطنية.

مساحة إعلانية