رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك خلط واضح بين مصطلحات رجل الأعمال (الرائد) ورجل الأعمال (التاجر)، مما يجعل الحديث متداخلا وغير واضح، فعند الحديث عن ريادة الأعمال، فإننا قد نتحدث عن التجارة العادية ونحن لا ندري والعكس، ولذلك وللفصل بينهما فإن الشركات الناشئة يكون أصحابها رواد أعمال، بينما الشركات الصغيرة والمتوسطة يكون أصحابها تجاراً تقليديين. ان الشركات الصغيرة والمتوسطة تصنف وفقا (للإيرادات) السنوية، تكون فيه قيمة الشركات الصغيرة بين 1-20 مليونا إيرادات سنوية، والشركات المتوسطة بين 20-100 مليون، وهذا التعريف جاء وفقا لقرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم (250) لسنة 2018، بشأن إصدار تعميم حول تعريف المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتي تتبع نموذج عمل ثابتاً قد تبقى فيه بنفس الحجم فترة طويلة جدا داخل حدود جغرافية معينة، قد تتوسع هذه الشركات لكنها في ذات الوقت تحتكر جزءاً من السوق وتعمل على تشبعه، مما يحرم الشركات الأخرى دخول السوق وجني أرباحه.
أما الشركات الناشئة فهي التي (تخلق) أسواقاً ومنتجات جديدة و(توسع) نطاق هذه الأسواق لدخول شركات أخرى فيها لتبني هذه الأسواق وتزدهر داخليا وخارجيا، وهذه الشركات الناشئة هي التي تشكل أقوى جزء في القطاع الخاص وهو الجزء المصدر أو الشركات المصدرة والتي (تعيد) بناء القطاع الخاص وتدعم الحكومة في حالات الأزمات، وذلك لأن قوتها لا ترتبط بضعف الحكومة من عدمه إذا نزلت أسعار النفط أو تضخم معيشتها، بل على تصديرها وأسواقها الخارجية، فهي لذلك بعيدة نوعا ما عن الأزمات الداخلية التي قد تضعف القطاع الخاص المعتمد على مشتريات الحكومة فقط، والتي تضعف إذا نزل سعر النفط. تهتم الدول بريادةِ الأعمال والشركات الناشئة، حيث تعمل على رفع مركزها في مؤشر الريادة العالمي من خلال عناصر سهولة التأسيس وسهولة الوصول للفرص وقلة العوائق القانونية والتشريعية والتنظيمية فيها. تتكون البنية التحتية للشركات الناشئة في الدول من الحاضنات والمنصات التمويلية وبورصة الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وهي بالترتيب حسب نمو الفكرة تكون كالآتي: ١- حاضنات لتطوير الفكرة إلى نموذج اختبار للتأكد من أن الفكرة تعمل فنياً، ومثال ذلك برنامج نجوم العلوم. ٢- حاضنات لتحويل النموذج الفني إلى نموذج تجاري، مثال الحاضنة الرقمية في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ٣- منصات تمويل ومسرعات أعمال أو الجولات الاستثمارية التي تقودها البنوك أو المؤسسات التمويلية لجمع المال لصالح أحد الشركات الناشئة، مثل ما حدث مع شركة سنونو التي جمعت عن طريق بنك قطر للتنمية ١٧ مليون ريال في جولتها الأولى.
من جانب آخر، إذا أخذنا مثال قطر، نجد أن البنية التحتية للشركات الناشئة في قطر غطت مجالات متعددة منها المجال العلمي من خلال برنامج (تحويل البحوث إلى شركات ناشئة) في واحة العلوم، والذي ربط بين البحث العلمي والشركات الممولة لهذا البحث، وكذلك المجال الرقمي، ممثلا في الحاضنة الرقمية ومشروع «تسمو» اللذين يركزان على الأفكار التقنية العامة وكيفية تحويلها لمشاريع وشركات قائمة، ومركز التكنولوجيا المالية من بنك التنمية والبنك المركزي اللذين يهتمان بالتكنولوجيا المالية ورعاية الشركات الناشئة من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى الجانب التجاري الذي تغطيه مبادرة غرفة التجارة (معا)، وأخيراً منصة التمويل المتمثلة في بورصة الشركات الناشئة (صغيرة متوسطة) التي تم إطلاقها في ١/٤/٢٠٢١ بإدراج شركتين محليتين هما الفالح للشؤون التعليمية وشركة مقدام لتقنية المعلومات.
من الأمثلة الواقعِية لريادةِ الأعمال إقليميا شركة طلبات التي تأسست 2004 في الكويت بفكرة توصيل أونلاين ونمت من 50 ألف ريال إلى 500 مليون ريال، من خلال أربع استحواذات متتالية كويتية وسعودية والمانية، وشركة مكتوب التي تم الاستحواذ عليها بواسطة Yahoo بقيمة 360 مليون ريال، ومن الأمثلة العالمية للريادة شركات جوجل، وستارباكس، وماكدونالدز، وذلك لأنها ابتكرت مفهوم ستاربكس الجديد المتمثل في جعل كوفي Starbucks هو المكان الثالث بعد البيت والعمل، وابتكار خدمة ماكدونالدز الجديدة والتي تهتم في السرعة والنظافة والجودة والسعر المناسب، وكذلك شركة Google التي ابتكر الوسيلة التي استطاع فيها الناس الوصول إلى البيانات بمنتهى السهولة والنظام.
من خلال النظر إلى كيفية توسع هذه الشركات عالميا، يمكننا الاستفادة من خطواتها التوسعية بالنظر إلى البيئات التي انطلقت منها والأدوات التي استفادت منها في الدول الحاضنة أو الأم، فلقد تم طرح هذه الشركات في البورصة بعد ٢٠ سنة كشركة ستاربكس، وبعد 10 سنوات كشركة ماكدونالدز، وبعد 6 سنوات كشركة جوجل، وبعد 8 سنوات كشركة فيسبوك، وهذا يعطي مؤشراً لعدم الاستعجال في طرح الشركات الناشئة في البورصة.
من الخرافات الشهيرة عن رواد الأعمال أنهم لابد أن يأتوا بفكرة جديدة لم توجد من قبل، وهذا خطأ كبير لأن معظم الشركات الكبيرة جاءت من أفكار معدلة، وليس جديدة بالمعنى الكامل، فشركة Uber جاءت بتسهيل خدمة التاكسي وليس ابتكار الخدمة من العدم وهكذا. مساهمة الشركات الناشئة في الناتج المحلي في أي دولة هي في بالغ الأهمية لأن الشركات الناشئة هي الجزء المهم في القطاع الخاص. تبلغ مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي القطري 13 %، وأتصور أن الشركات الناشئة مساهمتها بسيطة جدا، وذلك للفوارق التي ذكرت، وإن نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة هي الغالبة على الشركات الناشئة الحقيقية. أخيراً، أرجو أن تكون المفاهيم قد اتضحت حول الشركات الناشئة بشكل جيد يجعلنا نميز حقيقة وجودها ومساهمتها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
* باحث في الشؤون الاقتصادية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
6147
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات لا تحتمل التأجيل ولا المجاملة، لحظات تبدو كأنها قادمة من عمق الذاكرة لتذكره بأن الحياة، مهما تزينت بضحكاتها، تحمل في جيبها دائمًا بذرة الفقد. كنتُ أظن أني تعلّمت لغة الغياب بما يكفي، وأنني امتلكت مناعة ما أمام رحيل الأصدقاء، لكن موتًا آخر جاء هذه المرة أكثر اقترابًا، أكثر إيغالًا في هشاشتي، حتى شعرتُ أن المرآة التي أطل منها على وجهي اليوم ليست إلا ظلًّا لامرأة كانت بالأمس بجانبي. قبل أيام قليلة رحلت صديقتي النبيلة لطيفة الثويني، بعد صراع طويل مع المرض، صراع لم يكن سوى امتحان صعب لجسدها الواهن وإرادتها الصلبة. كانت تقاتل الألم بابتسامة، كأنها تقول لنا جميعًا: لا تسمحوا للوجع أن يسرقكم من أنفسكم. لكن ماذا نفعل حين ينسحب أحدهم فجأة من حياتنا تاركًا وراءه فراغًا يشبه هوة بلا قاع؟ كيف يتهيأ القلب لاستيعاب فكرة أن الصوت الذي كان يجيب مكالماتنا لم يعد موجودًا؟ وأن الضحكة التي كانت تفكّك تعقيدات أيامنا قد صمتت إلى الأبد؟ الموت ليس حدثًا يُحكى، بل تجربة تنغرس في الروح مثل سكين بطيئة، تجبرنا على إعادة النظر في أبسط تفاصيل حياتنا. مع كل رحيل، يتقلص مدى الأمان من حولنا. نشعر أن الموت، ذلك الكائن المتربّص، لم يعد بعيدًا في تخوم الزمن، بل صار يتجوّل بالقرب منا، يختبر خطواتنا، ويتحرّى أعمارنا التي تتقارب مع أعمار الراحلين. وحين يكون الراحل صديقًا يشبهنا في العمر، ويشاركنا تفاصيل جيل واحد، تصبح المسافة بيننا وبين الفناء أقصر وأكثر قسوة. لم يعد الموت حكاية كبار السن، ولا خبرًا يخص آخرين، بل صار جارًا يتلصص علينا من نافذة الجسد والذاكرة. صديقتي الراحلة كانت تمتلك تلك القدرة النادرة على أن تراك من الداخل، وأن تمنحك شعورًا بأنك مفهوم بلا حاجة لتبرير أو تفسير. لهذا بدا غيابها ثقيلاً، ليس لأنها تركت مقعدًا فارغًا وحسب، بل لأنها حملت معها تلك المساحة الآمنة التي يصعب أن تجد بديلًا لها. أفكر الآن في كل ما تركته خلفها من أسئلة. لماذا نُفاجأ بالموت كل مرة وكأنها الأولى؟ أليس من المفترض أن نكون قد اعتدنا حضوره؟ ومع ذلك يظل الموت غريبًا في كل مرة، جديدًا في صدمته، جارحًا في اختباره، وكأنه يفتح جرحًا لم يلتئم أبدًا. هل نحن من نرفض التصالح معه، أم أنه هو الذي يتقن فنّ المداهمة حتى لو كان متوقعًا؟ ما يوجعني أكثر أن رحيلها كان درسًا لا يمكن تجاهله: أن العمر ليس سوى اتفاق مؤقت بين المرء وجسده، وأن الألفة مع الحياة قد تنكسر في لحظة. كل ابتسامة جمعتها بنا، وكل كلمة قالتها في محاولة لتهوين وجعها، تتحول الآن إلى شاهد على شجاعة نادرة. رحيلها يفضح ضعفنا أمام المرض، لكنه في الوقت ذاته يكشف جمال قدرتها على الصمود حتى اللحظة الأخيرة. إنها واحدة من تلك الأرواح التي تترك أثرًا أبعد من وجودها الجسدي. صارت بعد موتها أكثر حضورًا مما كانت عليه في حياتها. حضور من نوع مختلف، يحاورنا في صمت، ويذكّرنا بأن المحبة الحقيقية لا تموت، بل تعيد ترتيب نفسها في قلوبنا. وربما لهذا نشعر أن الغياب ليس غيابًا كاملًا، بل انتقالًا إلى شكل آخر من الوجود، وجود نراه في الذكريات، في نبرة الصوت التي لا تغيب، في اللمسة التي لا تزال عالقة في الذاكرة. أكتب عن لطيفة رحمها الله اليوم ليس لأحكي حكاية موتها، بل لأواجه موتي القادم. كلما فقدت صديقًا أدركت أن حياتي ليست طويلة كما كنت أتوهم، وأنني أسير في الطريق ذاته، بخطوات متفاوتة، لكن النهاية تظل مشتركة. وما بين بداية ونهاية، ليس أمامي إلا أن أعيش بشجاعة، أن أتمسك بالبوح كما كانت تفعل، وأن أبتسم رغم الألم كما كانت تبتسم. نعم.. الحياة ليست سوى فرصة قصيرة لتبادل المحبة، وأن أجمل ما يبقى بعدنا ليس عدد سنواتنا، بل نوع الأثر الذي نتركه في أرواح من أحببنا. هكذا فقط يمكن أن يتحول الموت من وحشة جارحة إلى معنى يفتح فينا شرفة أمل، حتى ونحن نغالب الفقد الثقيل. مثواك الجنة يا صديقتي.
4494
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه، حركاته، وحتى ضحكاته المقتضبة لم تكن مجرد تفاصيل عابرة؛ بل كانت رسائل غير منطوقة تكشف عن قلق داخلي وتناقض صارخ بين ما يقوله وما يحاول إخفاءه. نظراته: قبل أن يبدأ حديثه، كانت عيونه تتجه نحو السلم، وكأنها تبحث عن شيء غير موجود. في لغة الجسد، النظرات المتكررة إلى الأرض أو الممرات تعكس قلقًا داخليًا وشعورًا بعدم الأمان. بدا وكأنه يراقب طريق الخروج أكثر مما يراقب الحضور، وكأن المنصة بالنسبة له فخّ، والسلم هو طوق النجاة. يداه: حين وقف أمام المنصة، شدّ يديه الاثنتين على جانبي البوديوم بشكل لافت إشارة إلى أن المتحدث يحتاج إلى شيء ملموس يستند إليه ليتجنب الارتباك، فالرجل الذي يقدّم نفسه دائمًا بصورة القوي الصلب، بدا كمن يتمسك بحاجز خشبي ليمنع ارتعاشة داخلية من الانكشاف. ضحكاته: استهل خطابه بإشارات إلى أحداث جانبية وبمحاولة لإضحاك الجمهور حيث بدا مفتعلًا ومشحونًا بالتوتر. كان الضحك أقرب إلى قناع يوضع على وجه مرتبك، قناع يحاول إخفاء ما لا يريد أن يظهر: الخوف من فقدان السيطرة، وربما الخوف من الأسئلة التي تطارده خارج القاعة أكثر مما يواجهه داخلها. عيناه ورأسه: خلال أجزاء من خطابه، حاول أن يُغلق عينيه لثوانٍ بينما يتحدث، ويميل رأسه قليلاً إلى الجانب ويعكس ذلك رغبة لا واعية في إبعاد ما يراه أو ما يقوله، وكأن المتحدث يحاول أن يتجنب مواجهة الحقيقة. أما مَيل الرأس، فكان إشارة إلى محاولة الاحتماء، أو البحث عن زاوية أكثر راحة نفسيًا وسط ارتباك داخلي. بدا وكأنه يتحدث إلى نفسه أكثر مما يخاطب العالم. مفرداته: استدعاؤه أمجاد الماضي، وتحدثه عن إخماد الحروب أعطى انطباعًا بأنه لا يتقن سوى لغة الحروب، سواء في إشعالها أو في إخمادها. رجل يحاول أن يتزين بإنجازات الحرب، في زمن يبحث فيه العالم عن من يصنع السلم. قناعه: لم يكن يتحدث بلسانه فقط؛ بل بجسده أيضًا حيث بدا وكأنه محاولة لإعادة ارتداء قناع «الرجل الواثق» لكن لغة جسده فضحته، كلها بدت وكأنها تقول: «الوضع ليس تحت السيطرة». القناع هنا لم يخفِ الحقيقة بل كشف هشاشته أكثر. مخاوفه: لعلها المخاوف من فقدان تأثيره الدولي، أو من محاكم الداخل التي تطارده، أو حتى من نظرات الحلفاء الذين اعتادوا سماع خطاباته النارية لكنهم اليوم يرون أمامهم رجلاً متردداً. لم نره أجبن من هذا الموقف، إذ بدا أنه في مواجهة نفسه أكثر من مواجهة الآخرين. في النهاية، ما قدّمه لم يكن خطابًا سياسيًا بقدر ما كان درسًا في لغة الجسد. الكلمات قد تخدع، لكن الجسد يفضح.
3348
| 29 سبتمبر 2025