رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مبارك الخيارين

* باحث في الشؤون الاقتصادية

مساحة إعلانية

مقالات

231

مبارك الخيارين

إستراتيجية البيانات والإحصاء.. نظرة عن قرب

12 مايو 2025 , 02:00ص

منذ عام 2011 بدأت نظرة الدولة تتبدل وتتبلور حول الكثير من المسائل ومنها البيانات، فقط كان مفهوم البيانات من حيث التعامل قاصرا على كونها مجموعة من التقارير والإحصاءات التي تعمل بطرق تقليدية وتقدم لصانع القرار لتكون (خياراً) أكثر من (ضرورة) وذلك للاسترشاد بها فقط، حيث إن لصانع القرار في مختلف مستويات المسؤولية مستشارين ومقربين يغلب رأيهم على رأي ما تغطيه التقارير والبيانات، فيأخذ بها مرة ويعرض عنها مرات عديدة، وذلك بسبب عدم اكتمال التصور والفهم الصحيح لأهمية البيانات وما تحمله من مكامن قوة تجعل قرارات المؤسسة أكثر مناسبةً.

ولعل التقدم الرقمي وما فيه من أدوات تحليل واستخراج للبيانات وتجميع وتصنيف، رفعت من قدرة الإنسان على الاستفادة منها وبالتالي أصبح يضع الخطط والإستراتيجيات التي تعنى بالبيانات وما هو الإطار الذي ترى من خلاله الدولة أصولها المعرفية والمعلوماتية، وهو ما حوَّل هذه البيانات إلى أصول ملموسة بجانب الأصول المادية الأخرى، بل وأصبح لها قيمة وثمن، وأصبحت ذات عائد كبير بسبب استخدامها وما تنتجه من وفرة في الوقت والجهد المتخذ سابقا في القرارات الهامة وما ينتج منها من آثار على المواطنين والمقيمين وعلى الدولة بشكل عام.

ومن هنا سارعت الدولة لبناء إستراتيجيتها وتكوين نظرتها للبيانات وكيفية تحقيق أعلى معدلات الاستفادة منها في توطين الوظائف، وتحقيق التنوع الاقتصادي، واستكشاف الفرص التجارية والاقتصادية، وبناء أصول تحافظ عليها وتديرها، لتكون بالتالي مراكز جذب للاستثمارات الخارجية من حيث توفر خدمات البنية التحتية الرقمية للتطبيقات والمشاريع التقنية باختلاف مجالاتها.  ولقد وضعت الإستراتيجية ثلاث ركائز تستند إليها في رحلتها لبناء هذه الإستراتيجية، ومنها التحقق من موثوقية البيانات وسلامتها وصحتها، فالبناء على الوهم والبيانات الخاطئة من أخطر الأمور التي تعترض المشاريع التقنية وما ينتج عن ذلك من مخرجات خاطئة استندت على بيانات ضعيفة وغير صحيحة أو مشوّهة، وهنا تبدو أهمية مرحلة التحقق من البيانات ودعم صحتها ورفع مستوى جودتها لتكون محط ثقة من كافة شرائح المجتمع كباحثين أو مستفيدين أو مشرعين أو قياديين.  لتأتي بعدها أو بالتوازي منها مرحلة التكامل بين الأنظمة وقواعد البيانات مهما اختلفت بنيتها التحتية التقنية، وذلك لتشكل بيانات ضخمة، ولتتكامل فيما بينها ولتتحقق مع موثوقية البيانات قاعدة قوية لعمليات الذكاء الاصطناعي، والتي سخّرت لها الدولة أدواتها وبنت لأجل ذلك مراكز البيانات بالتعاون مع الشركات العالمية مثل ميكروسوفت وجوجل، والتي تم تصنيفها في الخطة الرقمية الشاملة ومن قبلها الخطة التنموية كداعمة لاقتصاد المعرفة، وهو الاقتصاد الذي تتطلع لبنائه وتحقيقه دولة قطر بقدر ما تستطيع، فهو مستقبل المنافسة والتطاحن والصراع واتخاذ مواقع القوة أو السقوط في مواقع الضعف في حال فشل الدول في المسارعة لبناء هذا النوع من الاقتصادات.

وإذا استعرضنا بعض مجالات الذكاء الاصطناعي والتي تطمح الدولة للنفاذ إليه، جاء منها جانب التنبؤ بالمخاطر الاقتصادية كأولوية لمراقبة تسارع وتيرة تغير الاقتصاد العالمي وكثرة تفاصيله وتعقيداته، ومنها على سبيل المثال تقلبات (الأرجنتين 2020). والذي اعتمد فيه الذكاء الاصطناعي على موشر الديون السيادية. بالإضافة إلى معرفة الجدارة الائتمانية لعملاء البنوك وتحليل سلوك المقترضين وبالتالي الحفاظ على البيئة الاقتصادية والمصرفية، بينما نرى أن الأمم المتحدة معنية بمعرفة الركود العالمي وقد أدخلت في آليات استشرافها معرفة أوقات وحالات هذا الركود.

تهتم كذلك الدولة بمعرفة اتجاهات الرأي العام في خدماتها وتشريعاتها من مواقع التواصل على وجه الخصوص مما يعكس جودة ما تقدم، والذي تعتبره ثمرة من ثمرات هذه الإستراتيجية..

الحديث يطول ويتشعب ولكن أرجو أنني قد استعرضت بعض جوانب هذه الإستراتيجية كصورة إيضاحية لما هي عليه.

مساحة إعلانية