رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خولة البوعينين


[email protected]
@Khawlalbu3inain

مساحة إعلانية

مقالات

408

خولة البوعينين

لا أُريكم إلا ما أرى !

14 يناير 2025 , 02:00ص

من عجائب الأفعال أن يتمحور المرء حول نفسه، ويتمركز في ذاته، فيظن أن رأيه هو سيّد كل رأي، وفكرته فوق كل فكر، وقناعاته هي الأنجع والأولى بالأخذ، وشعوره هو الشعور الأحق بالمراعاة !

ولا يكون ذلك إلا لمن ألِفَ (التيّقن) فهو ديدنه، يظن أنه يمتلك كل الحقيقة، وأن رأيه هو الأجدر بالأخذ في الاعتبار، وأنه يمتلك الإجابات الصحيحة، وأن كل رأيٍ دون رأيه باطل، وأن كل وجهة نظر تخالفه لا قيمة لها!

وأنه المحق دائماً في كل خلاف، يستغرب منطلقات الآخرين واختلاف أفهامهم عن فهمه، ويستصغر كل أمر لم يصل إليه إدراكه.

يتعذّر عليه أن يُدرك ما هو خارج إطار فكره وشعوره، ويستنكر وربما يستصغر من الأفعال والمسالك ما لم تكن من قبل في عالمه.

وهو بذلك لا يعلم أنه (تفرعن) فلا يُري الناس إلا ما يرى، ويظن أنه هاديهم إلى سبيل الرشاد !

وما أقرب لهذا المرء أن تأخذه العزة بالإثم، فيُكابر مهما بلغ عنده وضوح المبدأ، ويُشاكس علّه يترفّع عن الاعتذار عندما يُخطيء، فهو لا يرى إلا صواب رأيه، لأنه يقين بلا شك عنده !

ومن كان هذا ديدنه، عَسُرَ على الأنام مدّ جسور الوئام معه، لأن التفّهم غائب عن طبيعته، والاعتذار عند الخطأ ليس من شيمته، فلا يحصد ممن حوله سوى المجاملة نأياً بأنفسهم عن التصادم معه، أو البُعد سلاماً وكفاً عن شرّ الاختلاف الذي لن ينتهي إلا إلى خلاف يوسع رقعة التجافي والتجّنبات.

وهو فوق ذاك كله قد حرُم من آلاء عظيمة، ونعمٍ جزيلة في التفهّم والاحتواء، والتقرّب والتعمّق في علاقاتٍ صادقة الوّد.

فما مآل تصلّبه ذاك إلا انكسار، وتيّبس في الفكر والشعور والطبع، يمنعه من المرونة لاتساع النظر، ورحابة الإدراك، وتفهّم الاختلاف، والتواضع بعد ذلك مع الأنام، والاعتذار عند الزلل، واحترام كيانات الآخرين وداً وتفهماً وسعة صدر وحكمة.

لحظة إدراك:

من السماحة أن يكون المرء مرناً مطواعاً، متسّعا فكره لفهم الاختلاف، ومتسعا صدره للتباين، ومتفهما في مسلكه للتفاوت بين البشر، وهذه سمة الخليقة، وسنة الله في خلقه، وهو أساس للتعارف والتقارب، والائتلاف والامتزاج، لا منبعاً للنأي والبين !

مساحة إعلانية