رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

وجيدة القحطاني

• ناشطة اجتماعية

مساحة إعلانية

مقالات

1776

وجيدة القحطاني

أسرار بناء علاقات إنسانية قوية

13 نوفمبر 2024 , 02:00ص

تعتبر العلاقات الإنسانية من أعظم جوانب الحياة الاجتماعية، إذ تمثل حجر الزاوية لبناء المجتمع السليم والمتوازن، ويمكننا نرى كيف أن العلاقات بين الأفراد في المجتمعات المختلفة تسهم بشكل مباشر في تعزيز التفاهم والتعاون والتطور. ولكن، هل العلاقة الإنسانية هي فقط تلك التي تبنى على الفضائل، أم أنها حصيلة تفاعل بين الفرد والمجتمع، وكيف يمكن أن تؤثر تلك العلاقات على جودة الحياة وسعادة الأفراد

وفي اجابة سريعة عن هذه التساؤلات نجد أن العلاقات الإنسانية هي التفاعلات بين الأفراد داخل المجتمع، والتي تشمل مختلف أنواع الاتصال سواء كانت اجتماعية، مهنية أو عائلية، وتهدف هذه العلاقات إلى بناء تواصل وتفاهم مشترك بين الأشخاص على أسس من الاحترام المتبادل، التعاون، والرحمة، يمكن أن تتخذ العلاقات الإنسانية أشكالًا متعددة، ومنها العلاقات العائلية، علاقات الصداقة، علاقات العمل، وعلاقات الزوجين، وكل منها له قواعده وآثاره الخاصة على الأفراد والمجتمع.

إن الإسلام يولي أهمية كبرى للعلاقات الإنسانية، ويوجه المسلمين إلى أن تكون تلك العلاقات مبنية على الفضائل والأخلاق الحميدة. فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم، «وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم: 4)، وهذا يشير إلى أهمية الأخلاق في جميع أنواع العلاقات بين الناس، مثل الصدق، والعدل، والرحمة، والتسامح. كما دعا الإسلام إلى التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع، فقال تعالى «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» (المائدة: 2).

العلاقات الإنسانية الطيبة هي تلك التي تقوم على أسس سليمة وقيم أخلاقية مثل الصدق، الوفاء، العدل، التسامح، والمحبة، هذه الأسس لا تقتصر فقط على التعامل بين الأفراد، بل تشمل التفاعل مع الآخرين في المجتمع بشكل عام. فعندما يبني الأفراد علاقاتهم على هذه الفضائل، تنشأ علاقات ناجحة ومستمرة، وتنتج بيئة اجتماعية وصحية تسهم في بناء مجتمع متماسك.

على سبيل المثال، الصدق هو أساس الثقة بين الأفراد. والوفاء يعزز الروابط العاطفية، بينما العدل يساهم في تحقيق الاستقرار والمساواة. كما أن التسامح يمكن أن يحل النزاعات ويعيد التوازن بين الأشخاص. وفي الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم»من لا يُؤثِر الناس لا يُؤثِره الله» (رواه البخاري)، هذا الحديث يؤكد على أن حسن التعامل مع الآخرين يعكس صورة طيبة للإنسان ويعود عليه بثمار عظيمة في الدنيا والآخرة.

على الجانب الآخر، يمكن أن تكون بعض العلاقات الإنسانية سلبية إذا بنيت على أسس غير صحيحة مثل الكذب، النفاق، الحقد، أو الطمع، هذه العلاقات تضر بصحة الأفراد النفسية والعاطفية، وتؤدي إلى زيادة التوترات والصراعات بين الناس.

على سبيل المثال، الكذب يدمر الثقة بين الأفراد ويؤدي إلى تدهور العلاقات، النفاق يُضعف الروابط الاجتماعية ويجعل التواصل بين الأفراد غير صادق، الحقد يسبب العداء والكراهية بين الناس، بينما الطمع يعزز الأنانية ويؤدي إلى استغلال الآخرين، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الصفات السلبية في الحديث الشريف: «لا يُؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه» (رواه مسلم)، هذا الحديث يعكس قيمة التعاون والمودة بين الناس، ويحث على نبذ الأنانية والكراهية.

هناك عدة أنواع من العلاقات الإنسانية التي تعد أساسية في حياة الإنسان، وكل نوع له أهمية خاصة في تطوير الشخصية الفردية وتعزيز التماسك الاجتماعي لعل أبرزها العلاقات الأخوية التي تعتبر من أسمى العلاقات الإنسانية التي تقوم على الحب والتعاون، حيث إن الأخوة توفر الدعم العاطفي والمادي في أوقات الحاجة.

وهناك علاقة الزوجين.. هذه العلاقة يجب أن تكون مبنية على أساس من المودة والرحمة، وهي من أهم العلاقات الإنسانية في بناء الأسرة والمجتمع، وعلاقة الأصدقاء الذين يشاركوننا الأفراح والأحزان، ويقدمون لنا الدعم في أوقات الشدة. العلاقة الجيدة مع الأصدقاء تعتمد على الثقة المتبادلة والمساندة.

وأيضا علاقة المعلم بالطلاب، هذه العلاقة أساسية في نقل المعرفة وتنمية القيم. يجب أن تكون مبنية على الاحترام والتقدير من الطرفين لتحقيق بيئة تعليمية صحية، و علاقة الزملاء في العمل لأن نجاح أي بيئة عمل يعتمد على علاقات الزملاء،فالتعاون والاحترام في هذه العلاقات يسهم في تعزيز الإنتاجية والابتكار، وأخيرا علاقة المدير بالموظفين التي يجب أن تكون قائمة على الشفافية والعدالة والاحترام. مثل هذه العلاقة تساهم في زيادة الحافز لدى الموظفين وتحقيق الأهداف المشتركة.

وبالرجوع الى أهمية العلاقات الإنسانية في بناء المجتمع نجد أن وجود علاقات إنسانية قائمة على التعاون والاحترام بين الأفراد يسهم في بناء مجتمع قوي ومتراص. فالترابط بين الأفراد يؤدي إلى تحقيق التنمية والازدهار في جميع المجالات والقطاعات. كما أن التواصل المستمر بين الأفراد يساعد على تحقيق التفاهم المتبادل ويقلل من احتمالات حدوث النزاعات والاضطرابات.

علاوة على ذلك، فإن العلاقات الإنسانية الإيجابية تسهم في تحقيق الاستقرار النفسي للأفراد، وتحميهم من التوتر والقلق، مما يساعدهم على الحفاظ على توازنهم النفسي والشعور بالراحة الداخلية.

ختاما.. العلاقات الإنسانية هي أساس بناء مجتمع متماسك وقوي. إذا كانت هذه العلاقات قائمة على الفضائل مثل الصدق، الوفاء، العدل، والتسامح، فإنها ستؤدي إلى تطور المجتمع وتحقيق التعاون بين أفراده. على العكس، فإن العلاقات السلبية التي تقوم على الكذب والنفاق ستؤدي إلى التفكك الاجتماعي وتدمير الثقة بين الناس. لذلك، يجب أن نسعى جميعًا لبناء علاقات إنسانية إيجابية أساسها الفضائل الإسلامية والإنسانية لتحقيق السلام والازدهار في حياتنا وحياة مجتمعنا

احصل على Outlook لـ iOS

مساحة إعلانية