رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الاتحادات المهنية الجهة الأكثر فعالية لتأسيس خطوط اتصال بين الحكومة والجهات التنفيذية
مع تشكل المجموعات البشرية وتكوينها للجماعات كان التطور الطبيعي أن تتوحد تلك الجماعات في صورة قبائل ومن ثم تتجمع لتشكل الوحدات الأولية لمكونات الأمة أو الشكل الأولى لمفهوم الدولة ومع النمو الطبيعي للمجتمعات وتطورها نشأت الحاجة للتفاعل بين بعضها البعض للتعاون والتكافل في المسائل الحياتية المتجددة ولكون تلك المجتمعات بطبيعة تكوينها العددي ونموها المستمر كان لابد من التوافق على منظومة تواصل فيما بينها من خلال شخص أو مجموعة أشخاص يتم تفويضهم بالحديث نيابة عن المجموع المكون لتلك الجماعة أو المجتمع ومن هنا نشأت فكرة القيادة المجتمعية والتى تبلورت بعد ذلك في أشكال وهيكليات إدارة الحكم مع تطور شكل تلك المجتمعات عبر القرون التي استغرقتها الحياة البشرية. ينطبق ذلك تماما على مجتمع الأعمال لكون الأعمال عبارة عن كيانات تجارية تغطى قطاعات اقتصادية مختلفة وكل جماعة تمثل نشاطا واحداً لمجموعة يمارسون نفس نوع الأعمال لذلك نجد أن مجتمع الأعمال مثل مجتمع البشر يحتاج للتفاعل مع قطاعات الأعمال المشابهة ومن ثم الهيئات والمنظمات الحكومية الأخرى مع التفاعل الدائم مع جمهور المتعاملين مع تلك الجماعات والكيانات لذلك كما المجتمعات البشرية فقد شكلت تلك الكيانات والجماعات الاقتصادية آلية التواصل فيما بينها وما بين الجهات الرقابية والتنفيذية الحكومية مشكلة مفهوم الاتحادات المهنية التي تغطى قطاعات اقتصادية مختلفة تتنوع بتنوع طبيعة المهن والأعمال ومن هنا نشأت منظومات الاتحادات والجمعيات. دور الاتحادات المهنية وفوائد عضويتها:- يتم تعريف الاتحادات المهنية بأنها الشخص المعنوي المتحدث باسم المهنة الخاصة بها لكونه القادرعلى تمثيل المهنة في المنتديات العامة المختلفة عارضا رؤيتهم لما يتعلق بأمورهم المهنية للجهات التنفيذية، الرقابية أو المهنية الأخرى ومن جانب اخر فإن تلك الاتحادات المهنية تعتبر منصة للأعضاء العاملين بتلك المهنة تحديدا لمناقشة القضايا المشتركة التي تهمهم كأفراد أعضاء في تلك المنظومة المهنية كما أنها توفر كذلك آلية الاتصال والتواصل مع الحكومة والسلطات التنفيذية. وجدير بالذكر أن الاتحادات المهنية تعرف نبض المهنة وتستطيع أن تقدم النصيحة المتخصصة وذات الطبيعة الفنية أو القانونية أو التجارية، والتي لا تكون بالضرورة متاحة وجاهزة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم إضافة لكونها كذلك مصدر جيد للمعلومات المتعلقة بالمهنة من خلال إعداد ونشر الإحصائيات المتعلقة بأنشطتها لكون الاتحادات المهنية تقدم في الغالب المزايا التجارية لأعضائها من خلال اتفاقيات يتم التفاوض بشأنها مع موردين معتمدين علما بأن تلك الاتحادات المهنية توفر الفرصة للأعضاء للاشتراك عبر شبكة مع نظرائهم في المؤتمرات والمعارض والفعاليات الأخرى للتعرف على ما يتعلق بقضايا يمكن أن تؤثر في أعمالهم إضافة إلى عملها على التعريف بأي تطورات تتعلق باللوائح المتعلقة بالمهنة والمعايير الفنية والسياسية وتوفر نظام إنذار مبكر مقدمة النصح فيما يتعلق بكيفية التعامل مع القضايا التي يمكن أن تنشأ كنتيجة طبيعية لممارسة المهنة وتصادمها مع بعض تلك المعايير.
◄ أهمية الاتحادات المهنية
الاتحادات المهنية هي الجهة الأكثر فعالية لتأسيس خطوط اتصال بين الحكومة وجهاتها التنفيذية والتشريعية مع القطاع الممثل لتلك المهنة فمن المعروف أن للاتحادات المهنية معرفة عميقة بجوانب تلك المهنة ولديها إمكانية الوصول لمثل تلك المعرفة التفصيلية و التي يمكن رفعها بسرعة إلى صانعي السياسات والتشريعات ويمكنها كذلك أن تساعد في التعرف على أية قضايا جديدة تظهر وتعمل على تقديم وتطوير حلول لها. ولذلك فإننا نرى أن تمثيل الاتحادات المهنية لدى الحكومة يساعد على تقييم و شرح المقترحات المقدمة و تقييم و تحديد التأثيرات التي قد تلحق بقطاعها من أي إجراءات تنفيذية او تشريعية و تساعد على تفعيل الجوانب الإيجابية لتلك الإجراءات على قطاع عملها المهني وأعضائه.
◄ شروط العضوية في الاتحادات المهنية
تشترط العديد من الاتحادات المهنية من أعضائها اجتياز آلية دقيقة من البحث والتدقيق قبل الانخراط فى العضوية و من ثم تتم مراقبتهم بعد ذلك بصورة منتظمة لضمان الاستمرارية لكون شعار اى اتحاد مهني يعكس كيان ذو سمعة جيدة و جديرة بالثقة والاتحادات المهنية تفرض على اعضائها الالتزام بالقوانين واخلاقيات المهنة في حدود الممارسة بما يوفر الحد الادنى من المعايير التي تلبى الاسس والكيفية التي ينبغي لهم ممارسة أعمالهم من خلالها بطريقة منصفة ومعقولة و جدير بالذكر ان الاتحادات المهنية توفر لاعضائها الملاذ الامن الذي يمكن اللجوء اليه طلبا للمساعدة عند الحاجة لذلك و تتبنى العديد من تلك الاتحادات المهنية الية خاصة بالشكاوى و لها القدرة على المساعدة بصورة فعالة فى حل تلك المشاكل و تتصرف احيانا كثيرة كوسيط بين اطراف تلك المشكلة سواء ان كان عميلا او مؤسسة خارجية و بين عضوها المهني الذى لجأ اليها لفض تلك المنازعات و لدعم موقفه المهنى و نرى حولنا امثلة كثيرة لتلك الاتحادات المهنية مثل اياتا ( الاتحاد الدولي للسفر الجوي – الاتحاد العالمي للخطوط الجوية و وكلاء السفر ) و ايه بي آي اتحاد المؤمنين البريطانيين واتحاد العمال و الاتحاد العام العربى للتأمين و الذى اتشرف ان اكون عضوا فيه ممثلا عن سوق التأمين القطرى وغيرها من الاتحادات المهنية لجميع المهن و الصناعات المعروفة و منها صناعة التأمين و لدى الكثير من الدول اقليميا و دوليا جمعيات و اتحادات مهنية فى صناعة التأمين واعادة التأمين تدعم أعضائها وتنوب عنهم فى المنتديات ومع الهيئات والجهات المختلفة.
◄ سوق التأمين القطري
حينما أعرج على سوق التأمين القطري وأجد أن هناك حوالى 28 شركة تأمين عاملة فى دولة قطر تخضع لرقابة وتنظيم هيئات الرقابة بمصرف قطر المركزي ومركز قطر المالي بمجموع إجمالي سنوي محلى من هذه الشركات مجتمعة تقدر بمليار وستمائة مليون دولار امريكى كما فى نهاية العام 2018 و بالإضافة إلى شركات التأمين هناك العديد من وسطاء او وكلاء التأمين و مكاتب تسوية الخسائر المرتبطين بهذه الصناعة و هم جميعا مجتمعين يلعبون دورا مهما فى توفير الاستقرار للاقتصاد القومى عن طريق توفير المناخ الأمن لأي مشروعات جديدة و من خلال توفير الآلية المريحة لسداد وتسوية أي مطالبات قد تنشأ عنها خسائر مالية سواء للممتلكات او المسئوليات والتى تساعد مجتمع الاعمال على التعافى السريع من اى خسائر. وبصفتى ممثلا لسوق التأمين القطري وعضوا فى الاتحاد العام العربي للتأمين عن هذا السوق أجد ان هذه الجماعة الهامة والتى تمثل احد الروافد الهامة فى اقتصادنا القومى و هى صناعة التأمين ليس لها اتحاد مهنى ومنصة للتلاقى بين العاملين فى تلك الصناعة و ممثل لهم أمام الجهات التنفيذية و التشريعية لذلك فإننى ارى و يشاركنى فى ذلك جميع الزملاء فى هذه الصناعة ان الوقت قد حان لخروج هذا المشروع الذى طالبنا به كثيرا لكونه مطلبا ملحا فى الوقت الحالى ليس فقط كمنصة للتلاقى بين العاملين فى تلك الصناعة و لكن ايضا لتقديم اى معلومات خاصة بالصناعة لاى جهات تطلبها بدلا مما يحدث الان لو احتاجت الجهات الرقابية المنظمة للعمل التأميني بالدولة لأى معلومات او احصائيات خاصة بالصناعة فعليهم التوجه لكل شركة على انفراد و بالمقابل فإن شركات التأمين إذا أرادت ان ترفع صوتها طالبة الدعم من الجهات الرقابية فإنها تتوجه فرادى نظرا للافتقار لصوت مشترك، اننى أرى كأحد العاملين فى صناعة التأمين القطرية و ممثلا لتلك الصناعة امام المنتديات الاقليمية والدولية ان تأسيس اتحاد لشركات التأمين التى تعمل بالدولة سيعد الحل الامثل لمشكلة التواصل بين الهيئات و يدعم التعاون لرفع الوعى التأمينى بين افراد المجتمع لأهمية و ضرورة التأمين و لذلك ندعو الجهات الرقابية بمصرف قطر المركزى والتى طرحت أخيرا مسودة لمشروع النظام التأسيسي أن تسرع الخطى لإقراره ليكون المظلة القانونية التي يحتمى فى ظلالها جميع العاملين فى صناعة التأمين الوطنية وتعمل على الاستفادة القصوى من هذا التجمع في ترتيب الأولويات و تنسيق الجهود بين الجهات المختلفة مما سيصب في النهاية في مصلحة الجميع المشرع، المؤمن، والمؤمن له ولا سيما أن قطر تعد ها الدولة الوحيدة في الإقليم والتى حتى الآن لا يوجد بها اتحاد يجمع العاملين في صناعة التأمين و هو ما نأمل في وجوده قريبا إن شاء الله.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
5328
| 06 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ «استيراد المعلّب»، حيث يتم استقدام برامج أو قوالب تدريبية جاهزة من بعض الدول الخليجية المجاورة لعرضها على وزارات أو مؤسسات في قطر، رغم وجود كفاءات محلية وجهات تدريبية قادرة على تقديم محتوى أكثر أصالة وفاعلية. الفكرة بحد ذاتها ليست إشكالية، فالتبادل المعرفي مطلوب، والتعاون الخليجي قيمة مضافة. لكن الإشكال يكمن في الاختزال: أن يكون الخيار الأول هو الحل المستورد، بينما تبقى القدرات المحلية في موقع المتفرج. أين الخلل؟ حين تأتي وفود خارجية وتعرض برامج جاهزة، غالبًا ما يتم التعامل معها باندفاع هذا المشهد قد يعطي انطباعًا مضللًا بأن ما تم تقديمه هو «ابتكار خارجي» لا يمكننا بلوغه داخليًا، بينما الحقيقة أن في قطر كفاءات بشرية ومؤسسات تدريبية تمتلك القدرة على الإبداع والتطوير. والمفارقة أن لدينا في قطر جهات رسمية مسؤولة عن التدريب وتحت مظلتها عشرات المراكز المحلية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم هذه المظلات بدورها في حماية القطاع؟ لماذا تُترك الوزارات لتتسابق نحو البرامج المستوردة من الخارج، بل إن بعضها يُستورد دون أي اعتماد دولي حقيقي، غياب هذا الدور الرقابي والحامي يفتح الباب واسعًا أمام تهميش الكفاءات الوطنية. وتزداد الصورة حدة حين نرى المراكز التدريبية الخارجية تتسابق في نشر صورها مع المسؤولين عبر المنصات الاجتماعية، معلنةً أنها وقّعت اتفاقيات مع الوزارة الفلانية لتقديم برنامج تدريبي أو تربوي، وكأن الساحة القطرية تخلو من المفكرين التربويين أو من الكفاءات الوطنية في مجال التدريب. هذا المشهد لا يسيء فقط إلى مكانة المراكز المحلية، بل يضعف ثقة المجتمع بقدراته الذاتية. منطق الأولويات الأصل أن يكون هناك تسلسل منطقي: 1. أولًا: البحث عن الإمكانات المحلية، وإعطاء الفرصة للكوادر القطرية لتقديم حلولهم وبرامجهم. 2. ثانيًا: إن لم تتوفر الخبرة محليًا، يتم النظر إلى الاستعانة بالخبرة الخليجية أو الدولية كخيار داعم لا كبديل دائم. بهذا الترتيب نحافظ على مكانة الكفاءات الوطنية، ونعزز من ثقة المؤسسات بقدراتها، ونوجه السوق نحو الإبداع المحلي. انعكاسات «استيراد المعلّب: - اقتصادياً: الاعتماد المفرط على الخارج يستنزف الموارد المالية ويضعف من استدامة السوق المحلي للتدريب. - مهنياً: يحبط الكفاءات المحلية التي ترى نفسها مهمشة رغم جاهزيتها. - اجتماعياً: يرسخ فكرة أن النجاح لا يأتي إلا من الخارج، في حين أن بناء الثقة بالمؤسسات الوطنية هو أحد ركائز الاستقلال المجتمعي. ما الحل؟ الحل ليس في الانغلاق، بل في إعادة ضبط البوصلة: وضع آلية واضحة في الوزارات والمؤسسات تقضي بطرح أي مشروع تدريبي أولًا على المراكز المحلية. - تمكين المظلات المسؤولة عن التدريب من ممارسة دورها في حماية المراكز ومنع تجاوزها. - جعل الاستعانة بالبرامج المستوردة خيارًا تكميليًا عند الحاجة، لا قرارًا تلقائيًا. الخلاصة: «استيراد المعلّب» قد يكون مريحًا على المدى القصير، لكنه على المدى البعيد يضعف مناعة المؤسسات ويعطل القدرات الوطنية. إننا بحاجة إلى عقلية ترى في الكفاءة القطرية الخيار الأول، لا الأخير. فالطموح الحقيقي ليس في أن نستحسن ما يأتي من الخارج ونستعجل نشر صورته، بل في أن نُصدر نحن للعالم نموذجًا فريدًا ينبع من بيئتنا، ويعكس قدرتنا على بناء المستقبل بأيدينا.
4368
| 02 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في قطر، وهو رجل أعمال من المقيمين في قطر كان قد جدد لتوّه إقامته، ولكنه لم يحصل إلا على تأشيرة سارية لمدة عام واحد فقط، بحجة أنه تجاوز الستين من عمره. وبالنظر إلى أنه قد يعيش عقدين آخرين أو أكثر، وإلى أن حجم استثماره ضخم، فضلاً عن أن الاستثمار في الكفاءات الوافدة واستقطابها يُعدّان من الأولويات للدولة، فإن تمديد الإقامة لمدة عام واحد يبدو قصيرًا للغاية. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على مسألة حساسة تتمثل في كيفية تشجيع الإقامات الطويلة بدولة قطر، في إطار الالتزام الإستراتيجي بزيادة عدد السكان، وهي قضية تواجهها جميع دول الخليج. ويُعد النمو السكاني أحد أكثر أسباب النمو الاقتصادي، إلا أن بعض أشكال النمو السكاني المعزز تعود بفوائد اقتصادية أكبر من غيرها، حيث إن المهنيين ورواد الأعمال الشباب هم الأكثر طلبًا في الدول التي تسعى لاستقطاب الوافدين. ولا تمنح دول الخليج في العادة الجنسية الكاملة للمقيمين الأجانب. ويُعد الحصول على تأشيرة إقامة طويلة الأمد السبيل الرئيسي للبقاء في البلاد لفترات طويلة. ولا يقل الاحتفاظ بالمتخصصين والمستثمرين الأجانب ذوي الكفاءة العالية أهميةً عن استقطابهم، بل قد يكون أكثر أهمية. فكلما طالت فترة إقامتهم في البلاد، ازدادت المنافع، حيث يكون المقيمون لفترات طويلة أكثر ميلاً للاستثمار في الاقتصاد المحلي، وتقل احتمالات تحويل مدخراتهم إلى الخارج. ويمكن تحسين سياسة قطر لتصبح أكثر جاذبية ووضوحًا، عبر توفير شروط وإجراءات الإقامة الدائمة بوضوح وسهولة عبر منصات إلكترونية، بما في ذلك إمكانية العمل في مختلف القطاعات وإنشاء المشاريع التجارية بدون نقل الكفالة. وفي الوقت الحالي، تتوفر المعلومات من مصادر متعددة، ولكنها ليست دقيقة أو متسقة في جميع الأحيان، ولا يوجد وضوح بخصوص إمكانية العمل أو الوقت المطلوب لإنهاء إجراءات الإقامة الدائمة. وقد أصبحت شروط إصدار «تأشيرات الإقامة الذهبية»، التي تمنحها العديد من الدول، أكثر تطورًا وسهولة. فهناك توجه للابتعاد عن ربطها بالثروة الصافية أو تملك العقارات فقط، وتقديمها لأصحاب المهارات والتخصصات المطلوبة في الدولة. وفي سلطنة عمان، يُمثل برنامج الإقامة الذهبية الجديد الذي يمتد لعشر سنوات توسعًا في البرامج القائمة. ويشمل هذا النظام الجديد شريحة أوسع من المتقدمين، ويُسهّل إجراءات التقديم إلكترونيًا، كما يتيح إمكانية ضم أفراد الأسرة من الدرجة الأولى. وتتوفر المعلومات اللازمة حول الشروط وإجراءات التقديم بسهولة. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهناك أيضًا مجموعة واضحة من المتطلبات لبرنامج التأشيرة الذهبية، حيث تمنح الإقامة لمدة تتراوح بين خمس و10 سنوات، وتُمنح للمستثمرين ورواد الأعمال وفئات متنوعة من المهنيين، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة. ويتم منح الإقامة الذهبية خلال 48 ساعة فقط. وقد شهدت قطر نموًا سكانيًا سريعًا خلال أول عقدين من القرن الحالي، ثم تباطأ هذا النمو لاحقًا. فقد ارتفع عدد السكان من 1.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2010 إلى 2.4 مليون نسمة في عام 2015، أي بزيادة قدرها 41.5 %. وبلغ العدد 2.8 مليون نسمة في تعداد عام 2020، ويُقدَّر حاليًا بحوالي 3.1 مليون نسمة. ومن المشاكل التي تواجه القطاع العقاري عدم تناسب وتيرة النمو السكاني مع توسع هذا القطاع. فخلال فترة انخفاض أسعار الفائدة والاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، شهد قطاع البناء انتعاشًا كبيرًا. ومع ذلك، لا يُشكل هذا الفائض من العقارات المعروضة مشكلة كبيرة، بل يمكن تحويله إلى ميزة. فمثلاً، يُمكن للمقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع الاستفادة وشراء المساكن الحديثة بأسعار معقولة. إن تطوير سياسات الإقامة في قطر ليكون التقديم عليها سهلًا وواضحًا عبر المنصات الإلكترونية سيجعلها أكثر جاذبية للكفاءات التي تبحث عن بيئة مستقرة وواضحة المعالم. فكلما كانت الإجراءات أسرع والمتطلبات أقل تعقيدًا، كلما شعر المستثمر والمهني أن وقته مُقدَّر وأن استقراره مضمون. كما أن السماح للمقيمين بالعمل مباشرة تحت مظلة الإقامة الدائمة، من دون الحاجة لنقل الكفالة أو الارتباط بصاحب عمل محدد، سيعزز حرية الحركة الاقتصادية ويفتح المجال لابتكار المشاريع وتأسيس الأعمال الجديدة. وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني عبر زيادة الإنفاق والاستثمار المحلي، وتقليل تحويلات الأموال إلى الخارج، وتحقيق استقرار سكاني طويل الأمد.
4122
| 05 أكتوبر 2025