رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عصام بيومي

إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية

مساحة إعلانية

مقالات

306

عصام بيومي

قطر تكسب تأييد العالم.. والكيان يخسر

11 سبتمبر 2025 , 05:00ص

ليست هذه هي المرة الأولى التي تمر فيها قطر بمواقف سياسية صعبة تدفع فيها أثمانا غالية نظير مواقفها الراسخة الواضحة في الدفاع عن قضايا لا ناقة لها فيها ولا جمل إلا تأييد الحق والعدل والإنسانية.   الآن، تتعرض قطر لدفع ثمن باهظ جديد، فقط لأنها أخذت على عاتقها بذل كل جهد إنساني وسياسي ودبلوماسي لإنهاء الحرب وإحلال السلام في جزء مهم من منطقتنا العربية والإسلامية. 

 والواقع أننا بتنا نعيش في زمن وفي عالم أصبحت فيه العلاقات الدولية شائكة وأصبحت فيه التحالفات معقدة أيما تعقيد. 

 القصف الإسرائيلي الإجرامي على قطر لا يعدو كونه انتهاكا صارخا لمبدأ السيادة والسلام الدوليين المنصوص عليهما في القانون الدولي وجميع الأعراف الدبلوماسية. فلم يكن هذا الهجوم مجرد اعتداء على أراضي دولة ذات سيادة ومحبة للسلام وساعية من أجله بلا كلل ولا ملل، بل كان أيضًا رسالة خطيرة تهدد أي جهود للسلام أو الحوار في المنطقة، وفي العالم. لقد لعبت قطر، تاريخيًا دور الوسيط النزيه في العديد من القضايا الإقليمية، وكثيرا ما كان الرد على ذلك بالجحود والنكران. لكن هذه المرة وجدت الدوحة نفسها فجأة تحت النيران، فيما يمكن وصفه بأنه أغرب اعتداء من نوعه في تاريخ العلاقات الدولية. فعندما يتعرض الوسيط للعدوان مثله مثل الطرف الخصم يصبح المعتدي هنا ليس مجرد طرف في خصام أو نزاع ولكنه يصبح بلطجيا وإرهابيا يريد فرض سطوته على عالم، نشكر الله أنه لم يتحول إلى غابة بعد، ولن يتحول. فالمؤكد أن هذا العمل العسكري الدنيء لا يهدد الأمن القطري فحسب، بل يهدد أمن جميع الدول ليس في الشرق الأوسط فقط - وفق ما هدد بعض أذناب العدو الصهيوني - ولكن في كل مكان على وجه الارض. وهو أيضا، يقضي على فكرة الوساطات والمساعي الحميدة. كما يقوض ثقة المجتمع الدولي في إمكانية حل النزاعات من خلال الحوار والدبلوماسية، في ضوء إرهاب الدولة الإسرائيلي المتفاقم. 

هنا يجب أن تكون هناك وقفة حاسمة من جانب المجتمع الدولي والشعوب المحبة للسلام والعدل. وقد بدأ مثل هذا التحرك وإن كان على استحياء. فقد تشكل بقدر معقول ما يمكن اعتباره ردا دوليا على هذا العدوان، حيث أدانه العديد من رؤساء وزعماء الدول والمنظمات الدولية، مؤكدين على ضرورة احترام سيادة الدول وعدم جواز استهدافها. 

 يجب أن يكون هذا الحادث جرس إنذار للعالم أجمع، بأن الاستقرار والسلام هما أثمن ما يجب الحفاظ عليه، وأن انتهاك سيادة الدول بأي حجة كانت هو أمر غير مقبول على الإطلاق.

ما يبعث الاطمئنان هو أن قيادة قطر الحكيمة التي تعاملت مع الأزمات السابقة بنجاح باهر وبراعة نادرة، ستكون قادرة على التعامل مع مثل هذا العدوان الغاشم ومنع تكراره مستقبلا. وقد بدأت بالفعل ثمار التعامل القطري الحازم والفاعل تجاه العدوان في الظهور متجلية في وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأن هذا العدوان لن يتكرر، وتأكيده على أن قطر كانت وستظل حليفا استراتيجيا موثوقا للجانب الأمريكي. كما تجلى ذلك في تنديد الأمين العام للأمم المتحدة بالهجوم الإسرائيلي وتأكديه على الدور «الإيجابي» الذي تلعبه الدوحة لإنهاء الحرب في غزة. ولا يغيب عن ذلك تحذير رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لإسرائيل من التصعيد. 

على كل حال، فإن ما حدث، وفي ضوء حجم التأييد الدولي للدوحة والإدانة العالمية العامة للكيان الصهيوني، لا يمكن اعتباره إلا كونه انتصارا، ولو مبدئيا، لدولة قطر وجهودها نحو تحقيق السلام، وخسارة كبيرة لعدو غبي ظن أنه يحسن صنعا.

مساحة إعلانية