رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خولة البوعينين


[email protected]
@Khawlalbu3inain

مساحة إعلانية

مقالات

474

خولة البوعينين

سعيك سوف يُرى !

11 مارس 2025 , 02:00ص

ليس النجاح الحقّ هدفاً نصل إليه، أو إنجازاً نحققه!

فالنجاح رحلة، أصلها صلاح النية، وزادها السعي، ووقودها الأمل، ومعينها القوة على الاحتمال.

ولعل من ألطف المفارقات أن يعي المرء أن بعض الأمور في الحياة لا تُطلب كغاية، وإنما تأتي كهدية ونتيجة غير مقصودة لذاتها !

فالنجاح الحقّ ليس غرضا في نفسه، والفلاح الجلّي ليس مرمى في حد ذاته، فهما عاقبة يتم الوصول إليها عندما تُكرّس نفسك لقضية أكبر، وكهدية لك عندما ينشغل فكرك وشعورك بالأرقى والأسمى، وعندما تسعى في سبيل الإحسان والتجويد، والخدمة والتعمير في هذه الأرض، حينها سوف ترى حصيلة سعيك بركةً وتوفيقاً وفلاحاً، ونصراً مؤزراً لأنك أحسنت، وليس جزاء الإحسان إلا الإحسان.

وأبهى ما في النجاح الحقيقي أن يهبك القدرة الفذّة على منح المعنى لما تمر به من الخطوب، فيُريك السقوط تجربة للتعلم منها، ويُحيل لك ما تظنه فشلاً إلى طرقٍ مختصرة أخرى ليست في حسبانك، ويذلل لك عقبات الفكر والشعور، ليست تهويناً أو تسفيهاً لما قد تمر به من الإحباط واليأس، أو الخوف والتردد، ولكن لتقويك وتمنحك اليقين بمدبر الأمور، المعين الوكيل، الذي يصحبك في رحلتك مؤازراً يشد أزرك، ويغمرك برحماته، يذلل لك العقبات، ويريك الآيات والعلامات، ويُسخِّر لك من تحتاج وفق علمه وتدبيره، فتُصنع على عينه، آمناً مطمئناً، مستمراً في البذل والسعي، حاصداً من كرمه فوق ما تأملت، وأجمل مما توقعت.

فإن أجدتَ أن تهذب نفسك وإعانتها بالدربة على صلاح المقصد، وعدم طلب النجاح كهدف في حد ذاته، وتمكنت من منح المعنى الذي يعينك على الفلاح لكل ما يواجهك في الطريق، فلقد (نجحت) فعلاً، وأحسنتَ حقاً، وأصبح لنجاحك ذاك البعد العميق من النجاعة والفائدة، وجودة المعنى، بدلاً من أن يكون نجاحاً لامعاً تغتر به العيون وهو في حقيقته هيكل خاوٍ على عروشه.

* لحظة إدراك:

أسمى ما قد يصل إليه المرء هو أن يقطف ثمرة جهده، ويحصد زرع توفيق الله له، بأن لا تغره المظاهر والأشكال، وبريق النجاحات اللامعة، التي لا تزيد المرء إلا زهواً وتبعده عن حقيقة أصله ونقاء جوهره، وأن يعلم أن سعيه الصادق سوف يُرى فلاحاً ونجاحاً إن أصلح المقصد، وبذل السعي، ليفرح بقطف ثمره اليانع كحصاد مُبارك لا يبلى أثره وإن فنى.

 

مساحة إعلانية