رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ها هو عام دراسي جديد يبدأ، قد يعني للكثيرين من الآباء والأمهات فرحة بدخول أطفالهم الصغار عالم التعلم والمعرفة لأول مرة، أو بمواصلة أبنائهم لهذه الرحلة التي يرون أنها معبرا لابد من اجتيازه لرسم مستقبل زاهر لهم، وقد يمثل لآخرين الاستعداد لتوفير المستلزمات المطلوبة وتهيئة الظروف المناسبة والأجواء الملائمة للعملية التعليمية، والاستيقاظ المبكر لتوصيل أبنائهم والعودة بهم ظهرا.
لكن بداية هذا العام قد تحمل لدى الكثيرين من الآباء والمربين والمنظمات المعنية بالطفولة معاني أخرى مُفزِعَة ومؤلمة بآن واحد، وتحتاج من أمتنا والخيرين فيها إلى مراجعة حقيقية، وإجراءات فاعلة وحلول جديّة لمعالجتها، والتخفيف من وطأتها على حاضر ومستقبل مجتمعاتنا وأمتنا.
أخطر هذه الأمور التحذير أو منبه الخطر الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن 13.4 مليون طفل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا يرتادون المدرسة، نتيجة الأزمات الحاصلة في غير بلد عربي، من أصل 34 مليونا هم عدد الأطفال في سن الدراسة، وهو ما يمثل نسبة %40 من عدد أطفال المنطقة.
وبحسب التقرير؛ فإن: 2.4 مليون طفل في سوريا و3 ملايين طفل في العراق ومليوني طفل في ليبيا و3.1 مليون طفل في السودان إضافة إلى 2.9 مليون طفل في اليمن لا يرتادون المدارس. وأن " 8850 مدرسة في العراق وسوريا واليمن وليبيا دمرت أو تضررت بحيث لا يمكن استخدامها".
هذه الأرقام تنذر بكارثة حقيقية، وتهدد جيلا كاملا في المنطقة، وتجعل النظام التربوي والتعليمي يدفع ثمنا باهظا.
لن أتكلم عن واجب الأنظمة العربية إزاء هذا الموضوع لأنني لست متفائلا حيالها وهذا ينطبق على غالبيتها الكبيرة منها، وإنما سأكتفي بالإشارة إلى واجب المؤسسات الإنسانية والتربوية والأسر على النحو التالي:
- وضع الجانب التربوي والتعليمي في صدارة اهتمامات الجمعيات الخيرية وخططها، بمعنى أن لا تستنزف جهودها وما يصلها من تبرعات في المشاريع الإغاثية المتمثلة بالطعام والشراب والطرود الغذائية أو المساعدات والأنشطة الموسمية فحسب، كما لا ينبغي أن تركّز على مشاريع تعليمية جزئية صغيرة كالحقيبة المدرسية على سبيل المثال لا الحصر ـ على أهميتها ـ، وإنّما على المشروعات الاستراتيجية التي تتصل بتوفير المناهج التعليمية والكتب المدرسية الورقية والإلكترونية، وتوفير مقاعد الدراسة وتسيير وتشغيل المدارس، بما في ذلك تكاليف المعلمين وتدريبهم وتطوير قدراتهم، والتوسع في كفالة طلاب العلم وتوفير المنح الخاصة بهم، لأن كثيرا من الآباء لا يملكون توفير المصاريف المدرسية لهم، والعمل على تخصيص حافلات تعليمية مجهّزة، يمكن من خلالها الوصول إلى المجاميع الطلابية الذين لا يتوفر لها مدرسة أو معلمون، وقناة تلفزيونية تعليمية، يمكن عبرها التعلّم عن بعد، في ظل تدمير المدارس ونزوج المعلمين بسبب الظروف الأمنية والمعيشية.
ـ تبني المدارس والمعاهد لاسيَّما في الدول الخليجية لحملات تبرعات وأنشطة ومبادرات داعمة للعمل الإنساني لصالح الدول العربية التي تشهد ظروفا استثنائية كالحروب والحصار والفقر الشديد، بالتعاون مع مؤسسات خيرية، بحيث تقوم كل مدرسة بإنجاز مشروع مهم كبناء مدرسة أو تشغيلها، أو كفالة مجموعة من المعلمين أو الطلبة، وفائدة هذا التوجه أنه أولا تربوي ليستشعر الأطفال ما هم فيه من نِعَم، وليتعلّموا كيفية شكرها، وثانيا سلوكي بحيث يجسدوا الشعور الإيماني بالتكافل مع إخوانهم العرب والمسلمين عمليا، وثالثا تطوعي يعلم الأطفال منذ نعومة أظفارهم كيف يقتطعون أجزاء من مصروفهم ووقتهم لمثل هذه الأعمال الجليلة التي ترفع مقام من يسعى فيها في الدنيا والآخرة، ويمكن أن يشارك أطفال المدرسة في وضع حجر الأساس أو تدشين وافتتاح المدارس وغيرها من المشاريع عند بدء العمل فيها أو بعد الانتهاء منها، حتى يتحسسوا عن قرب مدى الحاجة إلى ما قدّموه، وليتذوقوا حلاوة العمل الإنساني، ويقدموا الدعم المعنوي لأقرانهم أيضا.
أعرف أن مثل هذه المبادرات والحملات تمت بالفعل على مستوى بعض المدارس، ولكن نريد لها أن تتوسع كميا ونوعيا، نظرا لتزايد الحاجة الميدانية لها، والتفكير في الإبداع في هذا المجال، على مستوى اختيار المشاريع أو تسويقها على مستوى المدرسة والبيئة المجتمعية المحيطة بها. ونفس التحرك يفترض أن يتم مستوى الأسر الصغيرة والممتده، كأن تتبنى كل واحدة تمويل مشروع أو مشاريع بحسب مقدرتها وعدد أفرادها، وتعمل على التنافس بين أفرادها لإنجازه أو إنجازها بأزمنة قياسية ( التسويق والتنفيذ).
ثمة أمور كثيرة يقرع بدء العام الدراسي ناقوس خطرها على مستوى مدخلات ومخرجات التعليم في دولنا العربية، ولكن ربما انشغلنا بالأهم عن المهم، ويكفي أن أقول أنه عندما يترقّب الطلبة اليوم الدراسي الأول بلهفة وشوق وفرح، وعندما تحين ساعة الانصراف دون أن يسارعوا إلى الخروج من أسوار المدرسة، وعندما ينتهي وقت الحصة ويصرّ الطلبة على معلميهم أن يواصلوا الإعطاء، دون أن يأبهوا لقرع جرس الراحة أو الانصراف، عندها ستكون الأمة على عتبة تغيير حقيقي في مسارها، لأنها بدأت تتلذذ بمذاق المعرفة، وهذا لن يتحقق إلا إذا أصلحنا أنظمتنا التربوية على مستوى المناهج وطرق التعليم وإعادة الاعتبار للمعلم، والحديث في هذا الجانب ذو شجون.
القمة السعودية - الأمريكية تعزز الدور الخليجي بقيادة المنطقة
برغم أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس الوزراء السعودي ليس رئيس دولة - ولكن حرص الرئيس... اقرأ المزيد
39
| 23 نوفمبر 2025
مــا كـان ومـا هو الآن فـي غزة
اقرأوا معي هذا الخبر: «ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى... اقرأ المزيد
42
| 23 نوفمبر 2025
الصراع يبدأ
قرار مجلس الأمن أوقف اطلاق النار وأوقف حرب الابادة وأوقف التهجير القسري وأوقف القتل اليومي وفتح المسار لحل... اقرأ المزيد
45
| 23 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
12084
| 20 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1761
| 21 نوفمبر 2025