رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تأتي هذه المجموعة القصصية (ER Nurses: True stories from the frontline) عن وقائع ومواقف وأحداث جرت حقيقة في ردهات المستشفيات، يرويها أبطالها الحقيقيون من طاقم التمريض كخط دفاعي أول في تلك الصروح المعنية بإنقاذ الأرواح، لا سيما في غرف الطوارئ المضاءة بالنيون الأحمر على الدوام، ووحدات العناية المركزة الأشد حرجاً.. وهي المجموعة التي لم تخلُ من خواطر وهواجس وتأملات وجدانية، جادت بها مكنونات القلوب البشرية التي لم يبالِ أصحابها في معاينة الموت وجهاً لوجه في كل لحظة، من أجل كل إنسان ليحيا!
يضع هذه المجموعة (جيمس باترسون 1947) وهو أحد أشهر الكتاب الأمريكيين الذي فاقت مبيعات كتبه أربعمائة مليون نسخة حول العالم، وهي تتضمن أعمالاً فكرية وروائية إضافة إلى أدب الأطفال. ففي كتابه هذا، تظهر الممرضة (أنجيلا باروان) وهي تشترك مع الكثير من زملاء مهنتها في المشاعر التي يخفونها تحت مظهر الثبات، إلا إن لدى كل واحد منهم قلب أكثر مما يظهر في العلن. وفي حين يستفسر الأستاذ الجامعي الذي تم تشخيصه بسرطان البنكرياس، عن مدى قدرتها التوفيق بين دراستها الصباحية وعملها الليلي، تعلّق قائلة: «تذكر! لا شيء يستحق العناء في الحياة يأتي بسهولة». أما (آمبر ريتشاردسون) فتنصّب الممرضة كأول من يرى المريض! إنها تقيس المؤشرات الحيوية وتقيّم الحالة الصحية وتقترح الفحص اللازم وأكثر، وكل هذا قبل معاينة الطبيب التي تتم عادة لبضع دقائق! كما أنها تستمر في مراقبة المريض بعد ذلك وتكتشف خطأ الطبيب في الدواء أو في جرعاته، لذا تجدها تقول: «لا أعتقد أن عامة الناس يعرفون مقدار ما تفعله الممرضات». وبعد عملية إنعاش مريض شاركت فيها (شانين كين) وتطلّب منها ضغط صدره يدوياً، وأصوات طقطقة الغضاريف تلك التي خُيّل لها أنها أضلاعه التي تكسّرت تحت يدها، يبدو لها كم هو مشهد سريالي وهي تعترف «في تلك اللحظة أدركت أنني ممرضة في غرفة الطوارئ». تزوره فيما بعد ليشكرها من خلال دموعه التي سالت استجابة لدموعها، وهو لا يزال يعاني من آلام في صدره! فتعقّب على هكذا تجربة لم تشهد مثلها أبداً فيما بعد: «إن تجربة إنعاش شخص ما، ثم التمكن من مقابلته والتحدث معه فيما بعد، أمر نادر للغاية كما تعلمت».
أما (فيكتوريا لندسي) التي تعمل كممرضة في جراحة القلب والأوعية الدموية، فإنها لا تعتقد بأن كل من يحصل على قلب جديد يعتني به حقاً! فقد لاحظت كم من عمليات زرع القلب قد فشلت بسرعة رهيبة جراء عدم تمكّن المرضى من التحكم في مرض السكري لديهم، حيث انتهى بهم الأمر إلى تدمير ذلك القلب! توبّخ أحدهم حين أخبرها بأنه امتنع عن تناول أدويته قائلة: «هل تدرك أن شخصاً ما مات من أجلك، أليس كذلك؟ وأن هذا القلب الذي تملكه كان من الممكن أن يذهب إلى شخص أكثر صحة أو أصغر سناً؟ شخص كان بإمكانه أن يفعل شيئاً أفضل في حياته.. ولكن تم منحه لك، والآن لا تريد تناول أدويتك اللعينة؟».
وبينما ينهي (بوب هيسي) حديثه عن مهنته وهو محاضر في الطب القتالي ويعمل في تدريب الأطباء العسكريين، قائلاً: «لا يتملكني أي ندم في حماية الأرواح»، يعبّر (أندرو فيستا) عن أساه بعد أن فقد مريضاً على جهاز التنفس الصناعي وقد أعطاه وزوجته الكثير من الأمل، وهو يعمل في شركة تختص بتعيين الممرضين وبدوام جزئي في غرفة الطوارئ، ويقول: «أحياناً، يكون الأمل هو كل ما نملك». أما (ميجان أوتينباتشر) التي تجري إنعاش قلبي لطفل ويموت، ثم يتعين عليها رؤية مريض غاضب لاستغراقها وقتاً في إحضار المسكنات لألم أسنانه، تعود إلى منزلها منهكة وتحاول الحديث مع زوجها للتخفيف عمّا قاسته، فيصدمها بردّه وهو جندي مشاة بحرية خدم مرتين في العراق: «أنت لا تعرفين التوتر لأنك لم تخوضي حرباً أبداً! لم تمسحي دماغ شخص ما من على نافذتك قط! حسناً، هل تعلمين ماذا؟ لم تحملي طفلاً ميتاً قط، ولم تضطري أبداً إلى إعطاء ذلك الطفل الميت لأمه. هذه ليست مسابقة تفوق. أنا لا أحاول تبادل قصص الحرب معك، أنا فقط أحاول أن أخبرك بمدى صعوبة يومي.. هذا ما أريد قوله! بدلًا من ذلك، أخفي الأشياء في قواي»
وكمسك ختام لتلك الحالات الإنسانية التي تطلب بعضها تجرداً من الإنسانية لإنقاذها، تعمد (لوري باليمبو) إلى التعامل بشكل يومي مع فوضى محيطة وبوتيرة سريعة في غرفة الطوارئ والحوادث وما يصاحبها من موت محتم، فتجمع كل حالة وفاة في صندوق وتركنها فوق رف حتى حين معاينتها من جديد، كأنها صناديق لمجرد أشياء وكأنها مختلة عقلياً أو ما شابه! لكنها تخلص قائلة بقول مفعم بالإيمان: «لكن الشيء الرئيسي الذي تعلمته بصفتي ممرضة، أنه بإمكانك القيام بكل شيء على النحو الصحيح، لكن في النهاية، الله ينتصر! فإذا كان ذلك الوقت هو وقت رحيلك، لا يهم ما نقوم به نحن جميعاً في غرفة الطوارئ».
قضايانا المتسارعة تباعاً
السودان يستغيث وسوريا تستغيث وفلسطين تستغيث واليمن يستغيث وليبيا تستغيث وماذا بعد؟! وأنا جادة في السؤال لأنني بتُّ... اقرأ المزيد
306
| 29 أكتوبر 2025
قطر.. حين تتحدث الحكمة في زمن الحرب
في زمنٍ ارتفعت فيه أصوات الصواريخ، اختارت قطر أن يكون صوتها سلاماً يعلو على الضجيج، ليُثبت للعالم أن... اقرأ المزيد
300
| 29 أكتوبر 2025
المثقف في محكمة التاريخ.. الحقيقة أم الولاء؟
منذ أقدم الأزمنة، كان المثقف يقف على خط النار بين السلطة والجماهير، بين إغراء الولاء وضغط الضمير. وفي... اقرأ المزيد
186
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6588
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6480
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع في القلب وجعًا عميقًا يصعب نسيانه.. في الجولة الثالثة من دوري أبطال آسيا للنخبة، كانت الصفعة مدوية! الغرافة تلقى هزيمة ثقيلة برباعية أمام الأهلي السعودي، دون أي رد فعل يُذكر. ثم جاء الدور على الدحيل، الذي سقط أمام الوحدة الإماراتي بنتيجة ٣-١، ليظهر الفريق وكأنه تائه، بلا هوية. وأخيرًا، السد ينهار أمام الهلال السعودي بنفس النتيجة، في مشهد يوجع القلب قبل العين. الأداء كان مخيبًا بكل ما تحمله الكلمة من وجع. لا روح، لا قتال، لا التزام داخل المستطيل الأخضر. اللاعبون المحترفون الذين تُصرف عليهم الملايين كانوا مجرد ظلال تتحرك بلا هدف و لا حس، ولا بصمة، ولا وعي! أما الأجهزة الفنية، فبدت عاجزة عن قراءة مجريات المباريات أو توظيف اللاعبين بما يناسب قدراتهم. لاعبون يملكون قدرات هائلة ولكن يُزج بهم في أدوار تُطفئ طاقتهم وتشل حركتهم داخل المستطيل الأخضر، وكأنهم لا يُعرفون إلا بالاسم فقط، أما الموهبة فمدفونة تحت قرارات فنية عقيمة. ما جرى لا يُحتمل. نحن لا نتحدث عن مباراة أو جولة، بل عن انهيار في الروح، وتلاشي في الغيرة، وكأن القميص لم يعد له وزن ولا معنى. كم كنا ننتظر من لاعبينا أن يقاتلوا، أن يردّوا الاعتبار، أن يُسكتوا كل من شكك فيهم، لكنهم خذلونا، بصمت قاسٍ وأداء بارد لا يشبه ألوان الوطن. نملك أدوات النجاح: المواهب موجودة، البنية التحتية متقدمة، والدعم لا حدود له. ما ينقصنا هو استحضار الوعي بالمسؤولية، الالتزام الكامل، والقدرة على التكيّف الذهني والبدني مع حجم التحديات. نحن لا نفقد الأمل، بل نطالب بأن نرى بشكل مختلف، أن يعود اللاعبون إلى جوهرهم الحقيقي، ويستشعروا معنى التمثيل القاري بما يحمله من شرف وواجب. لا نحتاج استعراضًا، بل احترافًا ناضجًا يليق باسم قطر، وبثقافة رياضية تعرف كيف تنهض من العثرات لتعود أقوى. آخر الكلام: هذه الجولة ليست سوى بداية لإشراقة جديدة، وحان الوقت لنصنع مجدًا يستحقه وطننا، ويظل محفورًا في ذاكرته للأجيال القادمة.
3177
| 23 أكتوبر 2025