رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عنوان جدلي، ربما يثير الكثير من التساؤلات المبنية على الاتفاق أحياناً، والاختلاف أحياناً أخرى. فالاختلاف الموضوعي المنطقي البعيد عن الأهواء الشخصية، والتفسيرات عميقة الهوى يثري القضية ولا يفسدها، وهذا هو المغزى في نهاية المطاف.
فالتعليم قضية وطنية عامة في كل المجتمعات المتحضرة، وإثراؤها مطلب اجتماعي خالص، ومناقشتها أمر مُلح في كل الظروف العادية والاستثنائية، ومن قِبَل كل شرائح المجتمع وطوائفه وأجناسه من مواطنين ومقيمين سواء بسواء، ودون استثناء، والتساؤل والجدل فيها وحولها وارد ومتاح. ولذا، فما المانع من إثارة مثل هذا السؤال المتجسد في عنوان هذه المقالة؟ وذلك من أجل إثراء القضية التعليمية وما لها وما عليها من شجون وهموم يلمسها ويحس بها كل من يعيش على هذه الأرض من مواطن ومقيم؟
وباعتبارها قضية مجتمعية في المقام الأول، فهي مسؤولية الجميع، من أفراد وجماعات ومؤسسات عامة وخاصة، فالمدرسة من جهتها مسؤولة، والبيت مسؤول، والطالب مسؤول، وكذلك الحال مع المعلم، ومن في حكمه. فكل له دوره المنوط به. فتوفير بيئة تعليمية مواتية تتوافق مع خصائص المتعلم، وتلبي احتياجاته التعليمية تقع على عاتق المعلم، حيث إنه المسؤول الأول عن إعداد هذه البيئة وتهيئة الظروف المحيطة بالمتعلم من أجل حدوث التعلم، وتوفير البنية التحتية لهذه البيئة مسؤولية القيادة التربوية من جهة، والإدارة المدرسية من جهة أخرى. وكذلك الحال مع البيت ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى المعنية بالعملية التعليمية من قريب أو بعيد. وكل هذه المسؤوليات قائمة وملاحظة وملموسة في الظروف العادية في اللقاء المباشر وجها لوجه بين المعلم والمتعلم في التعليم عن قُرب في الصف. أما التعليم عن بُعد، فهو أمر مختلف لأنه لا يلتقي المعلم والمتعلم في مكان واحد في غرفة الصف، بل يلتقيان عبر شاشة كمبيوتر واحدة في مكان المتعلم في البيت حيث يُنقَل إليه الدرس كاملا بكل ملحقاته ومتطلباته ومستلزماته، وهذا الأمر غير عادي في الظروف الطبيعية. والسؤال هنا هل تتغير المسؤوليات التعليمية آنفة الذكر في مثل هذا الظرف؟ بمعنى هل تتغير مسؤولية المعلم والمتعلم والبيت وباقي مسؤوليات مؤسسات المجتمع المعنية بالعملية التعليمية؟ فالإجابة بالطبع «لا»، فالمسؤوليات لا تتغير، بل تتغير الطرق والأساليب، وربما تزداد الجهود وتتضاعف، وتختلف الخبرات، وتكبر التحديات.
ونظرا لما آلَ إليه الوضع الحالي من دواعٍ طارئة خاصة فرضته ظروف انتشار فيروس أوميكرون Omicron الجديد المتحور، والكفيلة بتغيير مسار النظام التعليمي بتوفير بيئة يشترط فيها التباعد المكاني بين الطلبة للحد من انتشار الفيروس، فلم يكن أمام المعنيين بالعملية التعليمية والقائمين عليها بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، إلا العودة الاضطرارية إلى نظام التعليم عن بعد. وهذه حالة استثنائية تتغير فيها المعادلة بأكملها، وتنقلب فيها الأمور، ويختل فيها ميزان التوافق والمواءمة بين مكونات البيئة التعليمية، وخصائص المتعلمين، وشروط حدوث التعلم. ولذا، فقد لا تكون هذه البيئة التعليمية الإلكترونية المُعدة عبر شاشة الكمبيوتر مواتية ومتوافقة مع خصائص المتعلمين المستهدفين. وهذا يعني أنه قد لا تتوفر في شاشة الكمبيوتر كل شروط التعلم. فالشاشة الصغيرة ليست كفيلة بإبعاد كل المشتتات الإدراكية البصرية التي قد تسبب انصرافا ذهنيا للمتعلم، وتبعده عن جو الدرس الإلكتروني على شاشة الكمبيوتر، كالصور والرسوم وديكورات الغرفة، وغيرها من المشتتات الإدراكية البصرية الموجودة في مكان المتعلم. بينما يمكن التحكم بكل المشتتات الإدراكية البصرية والسمعية في البيئة التعليمية الصفية المباشرة. كما لا يمكن للمعلم في غياب المواجهة مع المتعلمين أن يحكم على أدائه الإلكتروني، ومدى فاعلية درسه، نتيجة لعدم قدرته على ملاحظة المتعلمين كما هو الحال في الدرس العادي في قاعة الدراسة حيث بإمكانه ذلك من خلال ملاحظة ردود فعل المتعلمين على ما يقول ويعرض عليهم من معلومات وأفكار، وبالتالي فلا يمكنه تحديد مواطن الصعوبة عند المتعلم. أما عبر المواجهة المباشرة في التعليم عن قُرب، فيستطيع المعلم أن يرى أثر تدريسه على وجوه طلابه في الفصل، مما يدفعه للتوقف عند بعض النقاط التي قد تحتاج إلى توضيح أو تفسير.
وعلاوة على ذلك فلا يمكن للمعلم أن يعرف من معه ويتابعه من طلابه ومن ليس كذلك، ومن حاضر الدرس بحضوره الفعلي وليس الاسمي فقط، فهو يعلم علم اليقين أن الطالب معه في الصف الافتراضي، ولكنه لا يعلم إن كان هذا الطالب أو ذاك حاضرا معه بذهنه وحواسه وأحاسيسه، مما يعني أنه قد يكون الطالب حاضرا باسمه وليس بعقله ولا ببدنه، وقد يكون حاضرا بالفعل، ولكنه منشغل بأمور أخرى إلكترونية وغيرها. وليس هذا فحسب، بل وربما يكون انشغاله بحوارات وتغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدات فيديو ومسلسلات درامية وغيرها من الملهيات الإلكترونية المتاحة. وكل هذه ملاحظات أولياء الأمور على أبنائهم أثناء الدروس الافتراضية. والسؤال هو، أليست هذه نُزهةً للمتعلم، وبُعداً عن التعليم؟.
كلية التربية – جامعة قطر
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلية التربية – جامعة قطر
[email protected]
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم خارج إطار العطاء، بل نراهم ذاكرة الوطن الحية، وامتداد مسيرة بنائه منذ عقود. هم الجيل الذي زرع، وأسّس، وساهم في تشكيل الملامح الأولى لمؤسسات الدولة الحديثة. ولأن قطر لم تكن يومًا دولة تنسى أبناءها، فقد كانت من أوائل الدول التي خصّت المتقاعدين برعاية استثنائية، وعلاوات تحفيزية، ومكافآت تليق بتاريخ عطائهم، في نهج إنساني رسخته القيادة الحكيمة منذ أعوام. لكن أبناء الوطن هؤلاء «المتقاعدون» لا يزالون ينظرون بعين الفخر والمحبة إلى كل خطوة تُتخذ اليوم، في ظل القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله – فهم يرون في كل قرار جديد نبض الوطن يتجدد. ويقولون من قلوبهم: نحن أيضًا أبناؤك يا صاحب السمو، ما زلنا نعيش على عهدك، ننتظر لمستك الحانية التي تعودناها، ونثق أن كرمك لا يفرق بين من لا يزال في الميدان، ومن تقاعد بعد رحلة شرف وخدمة. وفي هذا الإطار، جاء اعتماد القانون الجديد للموارد البشرية ليؤكد من جديد أن التحفيز في قطر لا يقف عند حد، ولا يُوجّه لفئة دون أخرى. فالقانون ليس مجرد تحديث إداري أو تعديل في اللوائح، بل هو رؤية وطنية متكاملة تستهدف الإنسان قبل المنصب، والعطاء قبل العنوان الوظيفي. وقد حمل القانون في طياته علاوات متعددة، من بدل الزواج إلى بدل العمل الإضافي، وحوافز الأداء، وتشجيع التطوير المهني، في خطوة تُكرس العدالة، وتُعزز ثقافة التحفيز والاستقرار الأسري والمهني. هذا القانون يُعد امتدادًا طبيعيًا لنهج القيادة القطرية في تمكين الإنسان، سواء كان موظفًا أو متقاعدًا، فالجميع في عين الوطن سواء، وكل من خدم قطر سيبقى جزءًا من نسيجها وذاكرتها. إنه نهج يُترجم رؤية القيادة التي تؤمن بأن الوفاء ليس مجرد قيمة اجتماعية، بل سياسة دولة تُكرم العطاء وتزرع في الأجيال حب الخدمة العامة. في النهاية، يثبت هذا القانون أن قطر ماضية في تعزيز العدالة الوظيفية والتحفيز الإنساني، وأن الاستثمار في الإنسان – في كل مراحله – هو الاستثمار الأجدر والأبقى. فالموظف في مكتبه، والمتقاعد في بيته، كلاهما يسهم في كتابة الحكاية نفسها: حكاية وطن لا ينسى أبناءه.
8745
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة الترويج، برنامج إعداد المدربين، يطرحونه كأنه عصا سحرية، يَعِدون المشترك بأنه بعد خمسة أيام أو أسبوع من «الدروس» سيخرج مدربًا متمكنًا، يقف على المنصة، ويُدير القاعة، ويعالج كل التحديات، كأن التدريب مجرد شهادة تُعلق على الجدار، أو بطاقة مرور سريعة إلى عالم لم يعرفه الطالب بعد. المشكلة ليست في البرنامج بحد ذاته، بل في الوهم المعبأ معه. يتم تسويقه للمشتركين على أنه بوابة النجومية في التدريب، بينما في الواقع هو مجرد خطوة أولى في طريق طويل. ليس أكثر من مدخل نظري يضع أساسيات عامة: كيف تُصمم عرضًا؟ كيف ترتب محتوى؟ كيف تُعرّف التدريب؟. لكنه لا يمنح المتدرب أدوات مواجهة التحديات المعقدة في القاعة، ولا يصنع له كاريزما، ولا يضع بين يديه لغة جسد قوية، ولا يمنحه مهارة السيطرة على المواقف. ومع ذلك، يتم بيعه تحت ستار «إعداد المدربين» وكأن من أنهى البرنامج صار فجأة خبيرًا يقود الحشود. تجارب دولية متعمقة في دول نجحت في بناء مدربين حقيقيين، نرى الصورة مختلفة تمامًا: • بريطانيا: لدى «معهد التعلم والأداء» (CIPD) برامج طويلة المدى، لا تُمنح فيها شهادة «مدرب محترف» إلا بعد إنجاز مشاريع تدريبية عملية وتقييم صارم من لجنة مختصة. • الولايات المتحدة: تقدم «جمعية تطوير المواهب – ATD» مسارات متعددة، تبدأ بالمعارف، ثم ورش تطبيقية، تليها اختبارات عملية، ولا يُعتمد المدرب إلا بعد أن يُثبت قدرته في جلسات تدريب واقعية. • فنلندا: يمر المدرب ببرنامج يمتد لأشهر، يتضمن محاكاة واقعية، مراقبة في الصفوف، ثم تقييما شاملا لمهارات العرض، إدارة النقاش، والقدرة على حل المشكلات. هذه التجارب تثبت أن إعداد المدرب يتم عبر برامج متعمقة، اجتيازات، وتدرّج عملي. المجتمع يجب أن يعي الحقيقة: الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن TOT ليس نقطة الانطلاق، بل الخطوة المعرفية الأولى فقط. المدرب الحقيقي لا يُصنع في أسبوع، بل يُبنى عبر برامج تخصصية أعمق مثل «اختصاصي تدريب»، التي تغوص في تفاصيل لغة الجسد، السيطرة على الحضور، مواجهة المواقف الحرجة، وبناء الكاريزما. هذه هي المراحل التي تُشكل شخصية المدرب، لا مجرد ورقة مكتوب عليها «مدرب معتمد». لكي نحمي المجتمع من أوهام «الشهادات الورقية»، يجب أن يُعتمد مبدأ الاختبار قبل الدخول، بحيث لا يُقبل أي شخص في برنامج إعداد مدربين إلا بعد اجتياز اختبار قبلي يقيس مهاراته الأساسية في التواصل والعرض. ثم، بعد انتهاء البرنامج، يجب أن يخضع المتدرب لاختبار عملي أمام لجنة تقييم مستقلة، ليُثبت أنه قادر على التدريب لا على الحفظ. الشهادة يجب أن تكون شهادة اجتياز، لا مجرد «شهادة حضور». هل يُعقل أن يتحول من حضر خمسة أيام إلى «قائد قاعة»؟ هل يكفي أن تحفظ شرائح عرض لتصير مدربًا؟ أين الارتباك والتجربة والخطأ؟ أين الكاريزما التي تُبنى عبر سنوات؟ أم أن المسألة مجرد صور على إنستغرام تُوهم الناس بأنهم أصبحوا «مدربين عالميين» في أسبوع؟ TOT مجرد مدخل بسيط للتدريب، فالتدريب مهنة جادة وليس عرضا استهلاكيا. المطلوب وعي مجتمعي ورقابة مؤسسية وآليات صارمة للاجتياز، فمن دون ذلك سيبقى سوق التدريب ساحة لبيع الوهم تحت عناوين براقة.
6918
| 06 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها الوطنية، يقف الأرشيف القطري أمام تحدٍّ كبيرٍ بين نار الإهمال الورقي وجدار الحوسبة المغلقة. فبين رفوف مملوءة بالوثائق القديمة، وخوادم رقمية لا يعرف طريقها الباحثون، تضيع أحيانًا ملامح تاريخنا الذي يستحق أن يُروى كما يجب وتتعثر محاولات الذكاء الاصطناعي في استيعاب هويتنا وتاريخنا بالشكل الصحيح. فلا يمكن لأي دولة أن تبني مستقبلها دون أن تحفظ ماضيها. لكن جزءًا كبيراً من الأرشيف القطري ما زال يعيش في الظل، متناثرًا بين المؤسسات، بلا تصنيف موحّد أو نظام حديث للبحث والاسترجاع. الكثير من الوثائق التاريخية المهمة محفوظة في أدراج المؤسسات، أو ضمن أنظمة إلكترونية لا يستطيع الباحث الوصول إليها بسهولة. هذا الواقع يجعل من الصعب تحويل الأرشيف إلى مصدر مفتوح للمعرفة الوطنية، ويهدد باندثار تفاصيل دقيقة من تاريخ قطر الحديث. في المقابل، تمتلك الدولة الإمكانيات والكوادر التي تؤهلها لإطلاق مشروع وطني شامل للأرشفة الذكية، يعتمد على الذكاء الاصطناعي في فهرسة الوثائق، وتحليل الصور القديمة، وربط الأحداث بالأزمنة والأماكن. فبهذه الخطوة يمكن تحويل الأرشيف إلى ذاكرة رقمية حيّة، متاحة للباحثين والجمهور والطلبة بسهولة وموثوقية. فبعض الوثائق تُحفظ بلا فهرسة دقيقة، وأخرى تُخزَّن في أنظمة مغلقة تمنع الوصول إليها إلا بإجراءاتٍ معقدة. والنتيجة: ذاكرة وطنية غنية، لكنها مقيّدة. الذكاء الاصطناعي... فرصة الإنقاذ، فالذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإحياء الأرشيف الوطني. فالتقنيات الحديثة اليوم قادرة على قراءة الوثائق القديمة، وتحليل النصوص، والتعرّف على الصور والمخطوطات، وربط الأحداث ببعضها زمنياً وجغرافياً. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحوّل ملايين الصفحات التاريخية إلى ذاكرة رقمية ذكية، متاحة للباحثين والطلاب والإعلاميين بضغطة زر. غير أن المشكلة لا تتوقف عند الأرشيف، بل تمتد إلى الفضاء الرقمي. فعلى الرغم من التطور الكبير في البنية التحتية التقنية، إلا أن الإنترنت لا يزال يفتقر إلى محتوى قطري كافٍ ومنظم في مجالات التاريخ والثقافة والمجتمع. وحين يحاول الذكاء الاصطناعي تحليل الواقع القطري، يجد أمامه فراغًا معرفيًا كبيرًا، لأن المعلومة ببساطة غير متاحة أو غير قابلة للقراءة الآلية. الذكاء الاصطناعي لا يخلق المعرفة من العدم، بل يتعلم منها. وعندما تكون المعلومات المحلية غائبة، تكون الصورة التي يقدمها عن قطر مشوشة وغير مكتملة، ما يقلل من فرص إبراز الهوية القطرية رقمياً أمام العالم. فراغ رقمي في عالم متخم بالمعلومات.....حين يكتب الباحث أو الصحفي أو حتى الذكاء الاصطناعي عن موضوع يتعلق بتاريخ قطر، أو بأحد رموزها الثقافية أو أحداثها القديمة، يجد أمامه فراغًا معلوماتيًا واسعًا. مثالنا الواقعي كان عند سؤالنا لإحدى منصات الذكاء الاصطناعي عن رأيه بكأس العالم قطر2022 كان رأيه سلبياً نظراً لاعتماده بشكل كبير على المعلومات والحملات الغربية المحرضة وذلك لافتقار المنصات الوطنية والعربية للمعلومات الدقيقة والصحيحة فكثير من الأرشيفات محفوظة داخل المؤسسات ولا تُتاح للعامة، والمواقع الحكومية تفتقر أحيانًا إلى أرشفة رقمية مفتوحة أو واجهات بحث متطورة، فيما تبقى المواد المحلية مشتتة بين ملفات PDF مغلقة أو صور لا يمكن تحليلها والنتيجة: كمٌّ هائل من المعرفة غير قابل للقراءة الآلية، وبالتالي خارج نطاق استفادة الذكاء الاصطناعي منها. المسؤولية الوطنية والمجتمعية تتطلب اليوم ليس فقط مشروعاً تقنياً، بل مشروعاً وطنياً شاملًا للأرشفة الذكية، تشارك فيه الوزارات والجامعات والمراكز البحثية والإعلامية. كما يجب إطلاق حملات توعوية ومجتمعية تزرع في الأجيال الجديدة فكرة أن الأرشيف ليس مجرد أوراق قديمة، بل هو هوية وطنية وسرد إنساني لا يُقدّر بثمن. فالحفاظ على الأرشيف هو حفاظ على الذاكرة، والذاكرة هي التي تصنع الوعي بالماضي والرؤية للمستقبل، يجب أن تتعاون الوزارات، والجامعات، والمراكز الثقافية والإعلامية والصحف الرسمية والمكتبات الوطنية في نشر محتواها وأرشيفها رقمياً، بلغتين على الأقل، مع الالتزام بمعايير التوثيق والشفافية. كما يمكن إطلاق حملات مجتمعية لتشجيع المواطنين على المساهمة في حفظ التاريخ المحلي، من صور ومذكرات ووثائق، ضمن منصات رقمية وطنية. قد يكون الطريق طويلاً، لكن البداية تبدأ بقرار: أن نفتح الأبواب أمام المعرفة، وأن نثق بأن التاريخ حين يُفتح للعقول، يزدهر أكثر. الأرشيف القطري لا يستحق أن يُدفن في الأنظمة المغلقة، بل أن يُعاد تقديمه للعالم كصفحات مضيئة من قصة قطر... فحين نفتح الأرشيف ونغذي الإنترنت بالمحتوى المحلي الموثق، نصنع جسرًا بين الماضي والمستقبل، ونمنح الذكاء الاصطناعي القدرة على رواية قصة قطر كما يجب أن تُروى. فالذاكرة الوطنية ليست مجرد وثائق، بل هويةٌ حيّة تُكتب كل يوم... وتُروى للأجيال القادمة.
2340
| 07 أكتوبر 2025