رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. مصطفى رجب

د. مصطفى رجب

مساحة إعلانية

مقالات

147785

د. مصطفى رجب

المسؤولية وضوابطها في الإسلام (1)

08 يوليو 2015 , 03:14ص

تعني المسؤولية أن يتحمل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العملية من الناحيتين الإيجابية والسلبية. فهي بهذا المفهوم : صفة تلازم صاحبها في فترة ممتدة ذات طرفين : بداية ونهاية ، فالمسؤولية تبدأ حين تُطالب بأداء واجب وتنتهي بعد أن تقدم حسابك عما صنعته في سبيل ذلك ، وبينهما برزخ هو العمل.

وبناء على ما سبق ، يمكن القول بأن المسؤولية قبل العمل تنظر إلى المستقبل فهي مسؤولية تكليف ومطالبة، والمسؤولية بعد العمل تلتفت إلى الماضي فهي مسؤولية استجواب ومحاسبة على ما فات.

: أهمية المسؤولية :

تتمثل أهمية المسؤولية فيما يلي:

أولاً : إن المسؤولية خطيرة لأنها تحدد مستقبل الأمة من ناحية، ومستقبل رسالة الله في الأرض، ومستقبل دعوة الإسلام وأمته وجنودها.

ثانيًا : إن المسؤولية عميقة الجذور في النفس الإنسانية وعامل أساسي في تكوين الإنسان وطبيعته، وخلاصة ما وصل إليه عالم النفس الشهير-إيريك فروم-هو أن المسؤولية راسخة الأصول في نفس الإنسان، وأنها تتجلى بظاهرة الحب الذي هو عطاء وليس أخذًا... وأن أهم مظاهر العطاء ليست في الأشياء المادية وإنما في الجوانب المعنوية، حيث يعطي الفرد وجوده وحياته ليشيع الحياة في وجود الآخرين، وإن هذا العطاء يتكون من أربعة عناصر رئيسية.

(أ)الرعاية. (ب)المسؤولية. (ج)الاحترام. (د)المعرفة.

ثالثًا : إن الإنسان لا يقف متوازنًا وحده، خاصة في مواقف الجاه، والقوة والغنى. قال تعالى : {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى، إن إلى ربك الرجعى}(العلق/6،7).

رابعًا : المسؤولية سر تكريم وتشريف للإنسان، والشعور النبيل بالاستقلال والتحرر من أسر القوى القاهرة، وشعوره بالقدرة على تغيير معالم الأشياء، وعلى معالجتها بالعزيمة والإرادة المتفكرة، وكذلك مظهر من مظاهر تأصل الخلق في الإنسان.

خامسًا: مناط أو مرجع مدح الإنسان وذمه، من أكبر دواعي الفخر للإنسان أن يكون محط السؤال العالمي، وكذلك مناط الرقي والتقدم وكفيلا بشفاء المجتمع.

أسس المسؤولية :

تقوم المسؤولية الخلقية في الإسلام على أسس ثلاثة هي:

أ-الإيمان بالله تعالى.

ب-العقل.

ج-القلب.

وهي إذا اجتمعت لدى إنسان كان مثالاً للفضيلة والخلق النبيل ،

الإيمان بالله تعالى :

يعد هذا الأساس أقوى الأسس التي تعتمد عليها المسؤولية الخلقية في الإسلام، لأن المطالبة بالتزام الفضائل الخلقية، واجتناب الرذائل لا يتحقق إلا باعتقاد جازم يحمل على العمل، ولأن المحاسبة على الفعل أو الترك لا تتصور شعورًا حيًا إلا بيقين راسخ يبعث على الاستعداد، هذا الاعتقاد وهذا اليقين هو الإيمان بالله تعالى الذي كشف عن الحقيقة الوثيقة في طبيعة الاعتماد على هذا الأساس، والتي يمكن إجمالها في الأسباب التالية:

1-أن الإيمان مصدر قيمة الأخلاق.

2-أن الإيمان منبع الأوامر والالتزامات.

3-أن الإيمان معتمد المحاسبة والمجازاة.

الأساس العقلي :

العقل قوة غريزية، كرم الله بها الإنسان، تنمو شيئًا فشيئًا، يتمكن بها الإنسان-حسب درجة قوتها عنده-من إدراك الحقائق، والتمييز بين الأمور، وتزداد قوة بالتجارب، وتستنبط بها المصالح، ويوقف بها على العواقب، وهو قسمان:

1-العقـل الغـريزي :

وهو النضج الذي يتعلق به التكليف، بحيث يعلم المدركات الضرورية التي لا تخفى على سليم العقل، مثل الصوت خير والكذب شر، الواحد أقل من الاثنين.

2-العقـل المكتسب :

وهو ثمرة العقل الغريزي بالمعرفة بحيث يصبح مصيبًا، وليس له حد، لأنه ينمو بإطالة التفكر، وكثر التجارب، وممارسة الأمور، لذا قيل: المشايخ أشجار الوقار، ومنابع الأخبار.

الأساس القلبـي :

يطلق القلب في الكتاب والسنة، ويراد به أحد أمرين، إما أمر مادي وهو العضو الصنوبري الشكل، المودع في الجانب الأيسر من الصدر، وإما أمر معنوي وهو الروح المتعلق بهذا العضو، المتحمل لأمانة الله، المتحلي بالمعرفة، المتصف بالعاطفة. فيعبر القرآن بالقلب عن العنصر الواعي والعاطفي ويمثل العنصر الواعي معنى الفهم والعلم والاهتداء.

قال تعالى : {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب}(ق/37). وقال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه}(التغابن/11) وقال تعالى: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم}(المائدة/41).

وتجعل السنة القلب موضعًا للتقوى، ومناط صلاح الإنسان وفساده فقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى صدره قائلاً: [التقوى ههنا].

وقال صلى الله عليه وسلم : [ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب].

فكل ذرة في الإنسان تشير إلى حمل هدف ومسؤولية تمارسها، وكل عضو في جسد الإنسان يعمل وفق نظام منسق ودقيق ويتحمل مسؤولية معينة، فللقلب دور في هذا الجسد، ويتحمل مسؤولية محددة هي توزيع الدم على خلايا الجسم بعد مروره بالرئتين. وهكذا باقي الأعضاء.

خصائـص المسؤوليـة :

من مميزات المسؤولية :

أ-الشمول لكل الناس والأعمال، مبدأ المسؤولية مبدأ شامل لحياة الإنسان في دنياه، فكل عمل يصدر عن الإنسان، محاسب عليه ومجزيُّ به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه].

وبذلك تشمل مسؤولية الإنسان عن نفسه الأمور الآتية: حياته منذ بلوغه وحتى وفاته، علمه أمانة والعمل به، ماله من أين اكتسبه، وجسمه.

اقرأ المزيد

alsharq توطين الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي القطري

يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية مع تصاعد دور الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض وعلاجها. ومع... اقرأ المزيد

48

| 23 أكتوبر 2025

alsharq بين الفكر والروح

من الأوقات الصعبة على أيِّ مبدع أن ينتهي من كتابة رواية أو ديوان، وتتوقف الروح لبعض الوقت عن... اقرأ المزيد

60

| 23 أكتوبر 2025

alsharq النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى، وسلامةٌ تُصان، وحياةٌ تُدار بانسيابية ومسؤولية. لا أحد ينكر مدى... اقرأ المزيد

78

| 23 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية